فنانون سوريون يقودون حملة جديدة للنظام

21 ابريل 2020
يروج هؤلاء لفكرة أن فيروس كورونا مؤامرة على سورية(Getty)
+ الخط -
ضجت وسائل الإعلام العربية والعالمية، أخيراً، بالفضائح المتتالية لفساد حيتان النظام السوري ونهبهم لأموال الشعب، في الوقت الذي يعاني فيه غالبية السوريين داخل مناطق سيطرة النظام من فقر مدقع. في ظل تلك الفضائح، يعمل إعلام النظام السوري على حملة إعلامية تهدف لتشويه الحقيقة ورفع مسؤولية تجويع الشعب عن النظام الحاكم، من خلال الإشارة إلى أن ما يحدث في سورية من فقر وجوع ناجم عن العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
استعان النظام السوري في هذه الحملة بالفنانين الموالين له، حيث أطلقت وكالة "سانا" الإخبارية التابعة للنظام مجموعة من الفيديوهات تحت عنوان "ارفعوا العقوبات عن سوريا" بالتعاون مع فنانين سوريين مؤيدين، كمحمد قنوع ووفاء موصلي وتولاي هارون ومحمد خير الجراح وآخرين.
ورغم إنتاج عدد كبير من الفيديوهات، إلا أنها تبدو متشابهة في المحتوى، ففيها جميعاً يطالب الفنانون برفع العقوبات الاقتصادية عن سورية بشكل مباشر مرفقة بالكثير من الحشو، الذي يظهر مدى جهل هؤلاء الفنانين، أو تجاهلهم، للقضية التي ينادون بها، ناهيك عن الأسلوب المصطنع والعبارات السطحية التي تخترق الحوار في سياق الخلط الكارثي للمفاهيم.

من المفاهيم المغلوطة التي ترسخها هذه الحملة: افتراض أن العقوبات هي ضد الشعب السوري، وكأن العقوبات تستهدف الشعب. الحقيقة أن العقوبات وضعت على النظام السوري وممثليه للتضييق عليهم كأداة للمحاسبة على جرائمه المرتكبة بحق المدنيين منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، وأن هذه العقوبات لا تشمل القطاع الصحي ولا القطاع الإغاثي الذي يخص المواد الغذائية، فإلى اليوم لا تزال هناك منظمات أوروبية تعمل على أراضي النظام وتقدم المساعدات الإغاثية للمدنيين. وبالتالي فإن رفع العقوبات لن يخدم المدنيين بقدر ما يخدم النظام ويبرئه من كافة جرائمه المرتكبة بحق ألاف المدنيين.
كما أن بعض هؤلاء الفنانين بهذه الفيديوهات يتعاملون مع فيروس كورونا بوصفه استكمالاً للمؤامرة الكونية المفترضة على سورية، كما هو الحال في فيديو الممثلة سحر فوزي، التي تظهر ومن خلفها علم النظام السوري وتوجه التهم إلى الدول الفارضة للعقوبات على أنها السبب بالأزمة، فهي من صدرت الإرهاب إلى سورية، وفي ما بعد صدرت إليها فيروس كورونا! وفي نهاية الفيديو تأمرها برفع العقوبات من باب الإحساس بالمسؤولية عن الخراب الذي حل في سورية بسببها.
كما أن هذه الفيديوهات لا تخلو من الأفكار والمقارنات السطحية، التي يعقدها الفنانون، كما هو الحال في فيديو الممثلة ريم عبد العزيز، التي ظهرت وهي تقارن بين مخاطر فيروس كورونا على الشعب السوري ومخاطر الحصار الاقتصادي، لتستنتج في نهاية الفيديو أن مخاطر العقوبات الاقتصادية أكبر بكثير من مخاطر الفيروس. أما الفيديو الأكثر إثارة للسخرية فهو فيديو الفنان أسامة يوسف، الذي يطالب فيه برفع العقوبات عن النظام لسبب وجيه هو أن الجيش انتصر على الإرهاب، وهو يحتاج اليوم لرفع العقوبات الاقتصادية لتأمين المواد الأولية، التي ستمكنه من تصنيع مضاد للفيروس، لخدمة سورية والبشرية على حدٍ سواء.
يرفع هؤلاء لواء الإنسانية ضمن الحملة ولم يتجرؤوا يوماً على تصوير فيديو واحد ليطالبوا فيه برفع الحصارعن المدنيين في المناطق التي حاصرها النظام لأعوام، ولم ينددوا أو يستنكروا قصف النظام للمستشفيات في المناطق الثائرة ضده. بل على العكس من ذلك، فإن معظمهم كان يؤدي دوره الرئيسي لتلميع صورة النظام.

وبالنسبة للحملة الجديدة التي تهدف لرفع العقوبات عن النظام السوري، لا تبدو مختلفة بالتوجه، إذ يبدو هدفها الحقيقي مقتصرا على تهدئة الشعب الجائع لا رفع العقوبات، إذ إن جميع الفيديوهات بثت على السوشيال ميديا دون أن تتم ترجمتها للغات الاتحاد الأوروبي الموجهة له؛ فهي حملة لخدمة النظام لا الشعب. لم يكتف إعلام النظام السوري بتجنيد فنانيه في هذه اللعبة الإعلامية، وإنما حاول أيضاً استغلال الأطفال، حيث نشرت أيضا فيديوهات لأطفال يرتدون ملابس "طلائع البعث" ويحملون أعلام النظام وصور بشار كأطفال ويطالبون برفع العقوبات عن سورية.
دلالات
المساهمون