فلينتظر الأسد

17 مارس 2015
كيري خلال استراحة من اجتماعات لوزان النووية (فرانس برس)
+ الخط -
"ما زلنا نسمع تصريحات، وعلينا أن ننتظر الأفعال، وعندها نقرر". بهذه العبارة رد الرئيس السوري بشار الأسد على سؤال التلفزيون الإيراني حول تصريحات وزير الخارجيّة الأميركية جون كيري، عن أن بلاده ستضطر في النهاية إلى التفاوض مع الأسد.

لا يحمل تصريح كيري جديداً، وخصوصاً لمن يُتابع الإجراءات الأميركيّة على الحدود الأردنيّة والتركيّة لمنع وصول سلاح نوعي للمعارضة السوريّة، منذ انتقال الثورة إلى العمل المسلّح. فرجال الاستخبارات الأميركية يحصون الطلقات قبل دخولها، ولا يسمحون بدخول إلا ما يمنع الانهيار الكامل للمقاتلين، ويوقفون الذخيرة عندما تُحقق المعارضة تقدماً نوعياً. أمّا المفيد في تصريحات كيري، هو إقناع من لم يقتنع بعد من المعارضين السوريين، أن انتصار ثورتهم لا يكون إلا بوضع برنامج وطني، وبناء جسم للمعارضة يفرض نفسه على الجميع. وأن انتظار "المكرمة" الأميركيّة، لا يُمكن أن يوصل الشعب السوري إلى ما يبتغيه. لكن ردّ الأسد يختزن الكثير من الرسائل، وأهمها أنه مستعد للعودة إلى "الحظيرة" الأميركيّة، وأنه مستعد لتلبية مطالبها. تماماً، كما عرض اللواء علي مملوك على محاوريه الأميركيين عام 2010 تسليم "خلايا" تنظيم القاعدة، مقابل تسليم قطع غيار لطائرة الأسد، وإعطاء النظام السوري دوراً أمنياً في المنطقة، كما تُشير وثائق ويكيليكس.

لكن مقابل ماذا؟ ما الذي يستطيع تقديمه الأسد اليوم للأميركيين؟ يوم قدّم مملوك عرضه كان يملك ورقة "القاعدة" في العراق، ويستطيع المساومة على حركة حماس، التي كانت تتخذ من دمشق مقراً لقيادتها، إضافة إلى جزء من ورقة حزب الله اللبناني، كون سورية كانت الممرّ الأساسي للسلاح. أمّا اليوم، فهذه الأوراق كلها سقطت. وتحوّل الأسد ونظامه إلى ورقة على طاولة المفاوضات الإيرانيّة الأميركيّة. فإذا كان الأسد ينتظر تفاوضاً معه، فعليه أن ينتظر طويلاً، فالرسالة ليست له لأن التفاوض ليس معه، إلا إذا كان يملك ورقة "داعش".

لا يُمكن وضع كلام كيري إلا في إطار الرسائل الأميركيّة للنظام الإيراني، ولباقي دول المنطقة التي تُعارض الاتفاق النووي. إدارة أوباما تقول: موقفنا من سورية في بازار المفاوضات النووية، من يُريد أن يُعرقلها سيدفع ثمناً في سورية.