15 نوفمبر 2024
فلسطين كأداة انتخاب
تعود ما تسمّى "صفقة القرن" لتطلّ برأسها على المشهد الفلسطيني، بعد غياب فترة غير قليلة، عكست تخبّط الإدارة الأميركية في ما يخص ما تقول إنه "خطة للسلام في الشرق الأوسط". فبعد تسريباتٍ كثيرة عن الخطة، وعقد مؤتمر خاص لها في البحرين، لم يعد هناك حديث عنها، في ظل الرفض الفلسطيني الكبير لها، والذي ترافق مع تفهم أوروبي وروسي وصيني للموقف الفلسطيني، ما جعل إمكانية تطبيق الخطة باعتبارها "مسار الحل" مستحيلة، غير أن ذلك لم يمنع الإدارة الأميركية من المضي في تسريبها فعلياً على أرض الواقع، بدءاً من نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، والاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل، مروراً بالمصادقة على ضم الجولان والتغاضي عن إجراءات ضم الضفة، وأخيراً محاولة إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، عبر التضييق على وكالة "أونروا" وقطع التمويل عنها.
كل هذه الإجراءات هي عمليا جزء مما تمكن تسميته "صفعة القرن" للقضية الفلسطينية، وهي فعلياً مطبقة على أرض الواقع من دون الحاجة إلى إعلان رسمي أميركي جديد عن المزيد من التقديمات المجانية لإسرائيل، إلا إذا تم وضعها في إطارها الانتخابي الإسرائيلي والأميركي، وهو ما قد يفسر توقيت الحديث الأميركي من جديد عن الصفقة، وإعادتها إلى سطح الأحداث، رغم المعارضة المستمرة لها من قبل الدول التي يمكن أن تكون فاعلة في تطبيقها وتمويلها.
من اللافت أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ربط بين الإعلان عن تفاصيل "الصفقة" وزيارة رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المقررة في الثامن والعشرين من يناير/كانون الثاني الحالي، في وقت يواجه نتنياهو استحقاقاً انتخابياً جديداً في مارس/ آذار المقبل، وسط اتهامات بالفساد تكاد توصله إلى المحاكمة ولاحقاً السجن. ما يعني أن ترامب يحاول أن يقدم إلى "صديقه" نتنياهو ما يرى أنه "هدية قيمة" من الممكن أن تساعده في مواجهة ما يعانيه في الداخل. وفي محاولة للتغطية على هذه "الهدية"، أعلنت الإدارة الأميركية أنها دعت أيضاً بيني غانتس، وهو خصم نتنياهو الانتخابي، إلى زيارة مماثلة، رغم أن لا صفة رسمية له، باستثناء أنه كان رئيس حكومة مكلفاً، غير أنه فشل في تشكيل ائتلاف داعم له. غانتس لم يعلق على الدعوة، غير أن أوساطه أشارت إلى أنها للتغطية على تحسين وضع نتنياهو الانتخابي، وبالتالي فهو يتجه إلى رفضها. الأمر نفسه ذهب إليه أفيغدور ليبرمان، والذي قلل عملياً مما يسمى "صفقة القرن"، ووضع الدعوة أيضاً في سياق الدعم الأميركي لنتنياهو انتخابياً، ومساعدته في مواجهة تهم الفساد.
غير أن نتنياهو ليس وحده من يريد توظيف فلسطين، و"صفقة القرن"، في حملته الانتخابية ومساءلته النيابية، فالأمر ينطبق أيضاً على الرئيس الأميركي نفسه. فرغم عدم تأثير الملفات الخارجية في الحملة الانتخابية الأميركية، إلا أن الموقف من إسرائيل دائماً ما كان يؤخذ في الحسبان، في ظل الوجود القوي للوبي اليهودي وتأثيره في حملات التبرعات التي يتنافس عليها الحزبان الرئيسيان في الولايات المتحدة، إضافة إلى الأصوات التي يمكنه تجييرها لهذا المرشح أو ذاك، وهو ما يسعى إليه دونالد ترامب.
على هذا الأساس، فإن الحديث المستجد عن "صفقة القرن" لا يعدو كونه ورقة انتخابية أميركية - إسرائيلية، وخصوصاً أن الصفقة أو الخطة جرى تطبيق أجزاء أساسية منها بالفعل، والباقي يحتاج إلى إجماع دولي، وعربي بدرجة أكبر، وهو غير موجود، الأمر الذي تدركه الإدارة الأميركية. لذا فالصفقة لم تعد غاية بحد ذاتها، بل وسيلة تلجأ إليها الإدارة الأميركية لتحقيق أهداف لا علاقة لها "بالسلام في الشرق الأوسط"، إلا من باب خدمة مصالح ترامب وحليفه نتنياهو.
من اللافت أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ربط بين الإعلان عن تفاصيل "الصفقة" وزيارة رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المقررة في الثامن والعشرين من يناير/كانون الثاني الحالي، في وقت يواجه نتنياهو استحقاقاً انتخابياً جديداً في مارس/ آذار المقبل، وسط اتهامات بالفساد تكاد توصله إلى المحاكمة ولاحقاً السجن. ما يعني أن ترامب يحاول أن يقدم إلى "صديقه" نتنياهو ما يرى أنه "هدية قيمة" من الممكن أن تساعده في مواجهة ما يعانيه في الداخل. وفي محاولة للتغطية على هذه "الهدية"، أعلنت الإدارة الأميركية أنها دعت أيضاً بيني غانتس، وهو خصم نتنياهو الانتخابي، إلى زيارة مماثلة، رغم أن لا صفة رسمية له، باستثناء أنه كان رئيس حكومة مكلفاً، غير أنه فشل في تشكيل ائتلاف داعم له. غانتس لم يعلق على الدعوة، غير أن أوساطه أشارت إلى أنها للتغطية على تحسين وضع نتنياهو الانتخابي، وبالتالي فهو يتجه إلى رفضها. الأمر نفسه ذهب إليه أفيغدور ليبرمان، والذي قلل عملياً مما يسمى "صفقة القرن"، ووضع الدعوة أيضاً في سياق الدعم الأميركي لنتنياهو انتخابياً، ومساعدته في مواجهة تهم الفساد.
غير أن نتنياهو ليس وحده من يريد توظيف فلسطين، و"صفقة القرن"، في حملته الانتخابية ومساءلته النيابية، فالأمر ينطبق أيضاً على الرئيس الأميركي نفسه. فرغم عدم تأثير الملفات الخارجية في الحملة الانتخابية الأميركية، إلا أن الموقف من إسرائيل دائماً ما كان يؤخذ في الحسبان، في ظل الوجود القوي للوبي اليهودي وتأثيره في حملات التبرعات التي يتنافس عليها الحزبان الرئيسيان في الولايات المتحدة، إضافة إلى الأصوات التي يمكنه تجييرها لهذا المرشح أو ذاك، وهو ما يسعى إليه دونالد ترامب.
على هذا الأساس، فإن الحديث المستجد عن "صفقة القرن" لا يعدو كونه ورقة انتخابية أميركية - إسرائيلية، وخصوصاً أن الصفقة أو الخطة جرى تطبيق أجزاء أساسية منها بالفعل، والباقي يحتاج إلى إجماع دولي، وعربي بدرجة أكبر، وهو غير موجود، الأمر الذي تدركه الإدارة الأميركية. لذا فالصفقة لم تعد غاية بحد ذاتها، بل وسيلة تلجأ إليها الإدارة الأميركية لتحقيق أهداف لا علاقة لها "بالسلام في الشرق الأوسط"، إلا من باب خدمة مصالح ترامب وحليفه نتنياهو.