معدلات تحصيل مرتفعة
وبالنظر إلى عدد الطلاب الذكور، نجد أن هناك 581095 طالباًً، مقابل 590501 طالبة في فلسطين وفقاً للكتاب الإحصائي السنوي 2015/2016 الصادر عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين، وهذا الأمر ينطبق على عدد طلبة الثانوية العامة "التوجيهي" أيضاً، إذ تشهد الأعداد زيادةً لصالح الإناث، وليس ذلك فحسب، بل يحققن تفوقاً ملحوظاً في معدلات التحصيل، فمن بين العشرة الأوائل في فلسطين، على جميع الفروع، تحصل الإناث على أكثر من الثلثين في كل عام.
وحتى على مستوى التسرب، يُلاحظ طبقاً لإحصاءات الوزارة، أن النسب مرتفعة بين الذكور مقارنة مع الإناث، خاصة في ظل قرار الوزارة السماح للمتزوجات بمواصلة التعليم الثانوي، الأمر الذي مكّنهن من مواصلة التعليم، وكذلك توفير مدارس في التجمعات البدوية التي كانت تحجم عن إرسال الفتيات إلى مدارس في مناطق بعيدة.
مهن للنساء وأخرى للرجال
ويرى الكاتب والمهتم بقضايا المرأة عبد الغني سلامة، في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن هناك نظرة اجتماعية متخلفة للمرأة، ونتيجة ذلك، نلاحظ أن الفتيات يتجهن إلى دراسة العلوم الإنسانية أكثر من الذكور، الذين يتجهون لدراسة العلوم التطبيقية؛ مما أدى إلى احتكار الرجال لبعض المهن، وعزوفهم عن مهن أخرى يعتبرونها مهناً نسائية.
في مجال القضاء، تبلغ نسبة القاضيات 12% من مجموع القضاة فقط، وفي مجال المحاماة تبلغ نسبة المحاميات 15%، وفي مجال الطب تبلغ نسبة الطبيبات 14%، وفي مجال التمريض تبلغ نسبة الممرضات 56%. ولا تزال مشاركة الرجال في القوى العاملة أكثر بأربعة أضعاف من مشاركة النساء، ولكن في قطاع الخدمات تبلغ مشاركة النساء 60%، وذلك وفقاً لجهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني.
ويؤمن سلامة أيضاً، أنه مع تقدم الصفوف الدراسية تنخفض نسبة الالتحاق بالمدارس لكلا الجنسين نتيجة التسرب منها، فتبلغ نسبة البنات اللواتي يصلن الصف الحادي عشر 91.5% مقابل 83.3% عند الأولاد، وتختلف أسباب التسرب؛ فبالنسبة للفتيات فإن السبب الرئيسي هو الزواج المبكر، أو عدم وجود مدارس ثانوية قريبة خاصة في القرى والمخيمات وتجمعات البدو، أما الذكور فالسبب الأكبر هو الفقر، والحاجة لمصدر دخل إضافي.
وكون الذكور يتمتعون بهامش أوسع من الحركة، وإمكانية قضاء وقت أطول خارج المنزل؛ فإن ذلك كان يعني في كثير من الأحيان إضاعة هذا الوقت بعيداً عن الدراسة، بينما تميل الإناث للبقاء في البيت؛ مما يتيح المجال أمامهن للدراسة لوقت أطول، ووضعهن أمام تحدي إثبات الذات، وهذا أدى إلى تفوقهن في التحصيل العلمي، الذي تظهر نتيجته في "التوجيهي" وعند التخرّج من الجامعة.
عنصر صمود ومقاومة
ويحظى التعليم في فلسطين باهتمام كبير لدى غالبية فئات المجتمع، فمعدلات الالتحاق بمؤسسات التعليم في فلسطين تعتبر من الأعلى بالمقاييس الإقليمية والدولية، وذلك يعكس بوضوح أهمية التعليم بالنسبة للفلسطينيين، الذين أصبح التعليم بالنسبة لهم عنصر صمود ومقاومة في وجه الاحتلال، الذي يحاربهم في مصادر الرزق المتمثلة بالزراعة والتجارة والصناعة، لذا أصبحت العائلة الفلسطينية مستعدة لبذل الكثير من أجل تأمين تكاليف
تدريس أبنائها في الجامعات، الذين تعوّل عليهم في تحسين وضعهم وواقعهم حين حصولهم على وظائف، في الخارج وفي دول الخليج العربي على الأغلب، ولمقاومة سياسة التجهيل التي تحاول إسرائيل زجّهم في أتونها.
ورغم كل هذه المؤشرات الإيجابية لصالح المرأة الفلسطينية، إلا أننا لا نجد انعكاساً واضحاً لها على مستوى الوظائف العليا أو الإشرافية أو مراكز صنع القرار، إذ نجد انحيازاً كبيراً وواضحاً للرجال، وهذا يتطلّب وضع سياسات واضحة من قبل الحكومة الفلسطينية، تترجم ذلك كاستحقاق للنساء يمكّنهن من تقلّد الوظائف المهمة، لتحقيق عدالة لباقي النساء.