فلسطين أقوى في الخارج

29 يوليو 2018
إحياء ذكرى النكبة في لندن (دانيال أوليفاس/فرانس برس)
+ الخط -
ليس مستغرباً أن يصبح الحضور الفلسطيني في العالم أكثر قوة من أي وقت مضى، نظراً لتطور وسائل الكشف عن الجرائم الإسرائيلية وتناقلها عبر وسائط الإعلام الحديثة، وهو ما كان له الأثر الأكبر في زيادة وعي الشعوب بحقيقة الاحتلال من جهة وحقوق الشعب الفلسطيني من جهة ثانية، هذا الوعي امتد ليس عبر مستويات شعبية وفئوية بل وصل إلى المجال السياسي عبر الأحزاب اليسارية والليبرالية والمجموعات البرلمانية، إلا أن هذا الإنجاز والذي يترجم على شكل قوانين تحظر التعامل مع السلع الواردة من المستوطنات الإسرائيلية كحالة إيرلندا أو من خلال تصويت غير ملزم لبرلمانات بشأن الاعتراف بدولة فلسطين، أو انضمام أحزاب وهيئات مجتمع مدني في الخارج إلى حركة المقاطعة BDS أو المساهمة في سفن الحرية لكسر الحصار الإسرائيلي عن غزة، إلا أن كل هذا لم يترجم إلى ثقل سياسي ضاغط على إسرائيل لتغيير سياستها أو انجاز الدولة الفلسطينية المستقلة بحدودها الدنيا على الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
فعلى العكس من ذلك، ورغم زيادة الوعي بالقضية الفلسطينية وكثرة المتضامنين مع الشعب الفلسطيني في جميع أنحاء العالم تقريبا، إلا أن الواقع السياسي يتحدث عن حركة معاكسة لهذا المسار، فإسرائيل تزيد من سيطرتها على الأرض الفلسطينية وتتوسع استيطانيا وتكشف أكثر عن وجهها العنصري بسلسلة من القوانين والإجراءات التعسفية، كما تضيق الخناق أكثر على قطاع غزة، وتمعن في ارتكاب الجرائم بحق المدنيين العزل والأسرى، ولا تزال تحظى بدعم وتأييد من حكومات عدة حول العالم وإن بنسبة متفاوتة، فضلا عن الدعم اللامحدود من قبل الكونغرس الأميركي تقليديا، و إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحالية، والتي أقرت بالقدس عاصمة موحدة للاحتلال ونقلت سفارة أميركا إليها.
هذا التناقض بين الدعم اللامحدود أحيانا لإسرائيل بما فيه كشف أنظمة عربية عن ودها لإسرائيل ورغبتها في صداقتها على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وبين اتساع رقعة التضامن العالمي مع فلسطين، يستفز أسئلة عدة عن الأدوات اللازم القيام بها للضغط على حكومات الدول وليس إسرائيل فقط أو الاكتفاء في المجال المدني العمومي للمواجهة مع الاحتلال، وأنه لا بد من إتباع أساليب جديدة تواجه مجموعات الضغط الصهيونية في الخارج وتقوض جهودها في التأثير على سياسات الدول حيال حماية إسرائيل وغض الطرف عن الحقوق الفلسطينية.
أخيراً، وعندما كانت حركة التحرر الفلسطيني في قمة صعودها كان حضورها منحصرا في مجموعات يسارية محدودة حول العالم، في حين لما زادت حركة التضامن العالمي حضورا وقوة في العقود الأخيرة بتنا أمام مشهد فلسطيني مرتبك ومشتت، ضعفت فيه منظمة التحرير وصار الانقسام سمة ومشجبا لكل الخيبات الفلسطينية، وهو ما يستدعي الانتباه إلى ضرورة توجيه حركة التضامن ونضال الشعب الفلسطيني كأدوات ضغط أيضا على المستوى السياسي الفلسطيني لرفع سويته وقدرته على الصمود أمام إسرائيل والولايات المتحدة.
المساهمون