فطير أبو نافذ... حلوى رمضانية تخطت شهرتها قرى جنوب نابلس
تعتبر الحلوى من الأصناف الأساسية التي يشتريها الصائمون يومياً في شهر رمضان المبارك، لتكون على مائدة الإفطار عند أذان المغرب، خصوصاً أن مدينة نابلس إلى الشمال من الضفة الغربية المحتلة أكثر المدن الفلسطينية اشتهاراً بصنع الكنافة والحلوى.
واستطاع صانع حلوى في قرية صغيرة أن يخطف الأنظار ويجذب بحلواه اللذيذة الكثير من الزبائن من القرى والبلدات المحيطة بقريته.
في قرية مادما إلى الجنوب من مدينة نابلس، وهي من القرى الصغيرة التي لا يزيد عدد سكانها عن ثلاثة آلاف نسمة، يكتظّ الناس أمام محل حلوى يختص بصنع الفطير والبقلاوة، وهي حلوى لذيذة يصنعها الحلواني محمد القط "أبو نافذ".
منذ 22 عاماً وهذا الحلواني يصنع الحلوى في قريته، بعد أن عاد من الغربة إلى دياره ليبدأ عمله باختصاصه. على الرغم من العروض التي قدمها له أصحاب رؤوس أموال في غربته لفتح محل للحلوى، إلا أنه آثر أن يعود إلى قريته ووطنه ليعمل بين أهله وأبنائه، وفق ما يقول أبو نافذ لـ"العربي الجديد".
"الفطير" هي حلوى مثلثة الشكل، طيبة الطعم والمذاق، تجهز عجينتها جيداً، ثم تبسط وتقطع ويضاف إليها الحليب المخلوط مع النشا لتكثيفه، ثم تطوى على شكل مثلثات داخل أطباق مستديرة، يتسع كل طبق قرابة تسعة كيلوغرامات من تلك الحلوى، ثم يضاف إليها السمن، وتدخل إلى الفرن، وأخيراً بعد خبزها يوزع القطر عليها (وهو الماء المعقود مع بالسكر) حتى يتشرب الفطير الشراب ويصبح جاهزاً للتناول.
ويصنع الحلواني أبو نافذ بمساعدة ابنيه وأحفاده أطباقاً أخرى من الحلويات، منها البقلاوة والكنافة والكعك والبوظة العربية، إلا أن أكثر ما يطلبه الزبائن هو حلوى الفطير، والتي لها أسماء أخرى كالكلاج والكلاز.
ويعتبر أبو نافذ شهر رمضان المبارك موسمه الخاص، إذ يصنع الفطير خلاله يومياً، وفي باقي السنة يخبزه أيام الجمعة فقط، ويعتمد في عمله على الأصناف الأخرى التي يبيعها.
ويشير إلى أنه استطاع من خلال إتقانه صناعة الحلوى أن يجلب انتباه الناس ليس في قريته وحسب، بل في القرى المجاورة، إذ يأتيه أصحاب محال تجارية من قرى بورين وعصيرة القبلية وعوريف وحوارة وعينابوس وجماعين جنوب نابلس، علماً أن المحال التجارية تأخذ طالباتها بتنسيق مسبق مع صاحب المحل، لتأمينها في الموعد المناسب والكمية المطلوبة.
ويلفت إلى أنه في أيام رمضان دائماً ما تنفد الكمية المصنوعة لديه قبل أذان المغرب بنصف ساعة.
وكي يبقى أبو نافذ محافظاً على النظام في العمل، من دون إحداث فوضى وتصادم مع الزبائن، يعتمد في عمله على الحجز المسبق، ما يوفر عليه كثيراً من الوقت والجهد، نظراً إلى التسابق في طلب الحلوى، خاصة بعد عصر كل يوم، إلى ما قبل الإفطار.
ويوضح أن بعض زبائنه يأتونه من مدن أخرى من رام الله وبيت لحم وطولكرم، إضافة إلى فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948، مشيراً إلى أن هذا توفيق من الله ونتيجة إتقانه تصنيع الحلوى بجودة عالية.
عمل أبو نافذ مدة 19 عاماً في مدينة الكويت في أحد محال الحلوى الكبيرة، وكان حينها يرسل نقوداً لأبنائه ليكملوا تعليمهم، وعاد إلى أرض الوطن عام 1979 وفتح محلاً للحلوى في مدينة نابلس، إلا أنه بعد ثلاث سوات عاد مجدداً للغربة، وتنقل لفترات وجيزة في عدة مدن وعواصم عربية، حتى قرر أن يعود نهائياً إلى قريته مادما، ويعمل فيها قرب الأهل.
ويضيف أبو نافذ الذي يبلغ عمره (75 عاماً) إنه استطاع أن يعلم طريقة التحضير المتقنة لأولاده وأحفاده، إذ يترك العمل لهم ويكتفي بالإشراف وتنسيق التعامل مع الزبائن.
المساهمون
المزيد في مجتمع