فضيحة الشهادات المزورة تتوالى فصولاً في الكويت

24 يوليو 2018
هل من بينهم أكاديميّ زوّر شهادته؟ (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

في أكبر عملية من نوعها في الكويت، جرى الكشف عن تزوير شهادات جامعية وإصدار أخرى وهمية. والعملية التي أعلن عنها في نهاية الأسبوع الماضي، تمثّل فضيحة كبرى داخلية وخارجية على حدّ سواء.

ما زالت فصول فضيحة الشهادات الوهمية والمزورة في الكويت تتواصل، مع احتجاز النيابة العامة عشرة متورّطين على أقل تقدير، إلى جانب الموظف المصري الذي يعمل في وزارة التعليم العالي والذي ألقي القبض عليه بتهمة التزوير والتصديق على شهادات وهمية من دول عربية.

وفي مستجدات القضية، اعترف الموظف الوافد بأسماء موظفين ومسؤولين عمدوا إلى مساعدته أو غض النظر عمّا يقوم به في مقابل مبالغ مالية أو من دون مقابل. وهو ما حدا بالنيابة العامة إلى استدعائهم واستدعاء محاميَين اثنَين عملا كوسيطَين بين الموظف و"زبائن" الشهادات الوهمية، في حين تنوي النيابة العامة توجيه تهمة التقاعس في أداء الوظيفة إلى ستّة من كبار موظفي التعليم العالي بسبب عدم انتباههم لما كان يجري في إدارتهم طوال 11 عاماً. وقد عممت النيابة العامة أسماء عدد من كبار الموظفين في الدولة من الحاصلين على شهادات مزورة على المنافذ والمطارات تمهيداً لاعتقالهم، علماً أنّ مذيعاً إعلامياً مشهوراً ورئيسة قسم للتمريض في وزارة الصحة هما من كبار المزوّرين.

كذلك، أرسلت وزارة التعليم العالي إلى ديوان الخدمة المدنية وهو الجهة المسؤولة عن التوظيف في البلاد، مذكرة تتضمّن أسماء موظفين ومديرين في الجهات الحكومية من المطلوب وقف قيدهم في سجلات التوظيف وسحب الترقيات منهم وتجميد وظائفهم. وفي مؤتمر صحافي عقده رئيس ديوان الخدمة المدنية أحمد الجسار، قال إنّ الديوان تلقى رسالة من وزارة التعليم العالي بأسماء موظفين حكوميين يشتبه بتورطهم في تزوير شهادتهم مطالبة بإيقافهم عن العمل فوراً. أضاف أنّ الديوان اتخذ إجراءات سريعة تمثلت في تجميد من وُظّف منهم على أساس الشهادة، ووَقف ترقية من ترقّى على أساسها، وجرى تحويلهم بالتعاون مع وزارة التعليم العالي إلى النيابة العامة لسجنهم بتهمة التزوير. وعن الإجراءات الأخرى التي ينوي الديوان اللجوء إليها، أوضح الجسار أنّ الإجراء الأول يتمثل في طردهم من وظائفهم أو تنزيلهم من مناصب المسؤولية، أمّا الثاني فهو إجبارهم على دفع كل المبالغ المالية التي تقاضوها من الدولة كرواتب ومكافآت نظير تزويرهم، في حين أنّ الإجراء الثالث يتمثل في وضع قيد عليهم يمنعهم من تولي أيّ وظيفة حكومية مستقبلاً.




وقررت الحكومة الكويتية تشكيل فريق لمتابعة هذه القضية والتنسيق بين وزارات الدولة المختلفة والتباحث في ما بينها وبين وزارة التعليم العالي حول أيّ شهادة يُشكك في تزويرها بالتعاون مع إدارة التزوير في المباحث الجنائية. وقد قرر مجلس الوزراء الكويتي في اجتماعه أمس الإثنين تحديد هذه القضية أولوية سياسية له.

وفي السلك التعليمي، أحدثت هذه الفضيحة ضجة كبرى داخل الأقسام الأكاديمية التي طالبت الحكومة بتشديد العقوبات وتضييق الخناق على المزوّرين لإساءتهم إلى التعليم في الكويت، خصوصاً أنّ عدداً ليس قليل منهم يعمل مدرّسا أو أستاذا في الجامعات الكويتية الحكومية والخاصة. ويقول عضو جمعية المعلمين الكويتية، عبدالعزيز اليتيم، لـ"العربي الجديد" إنّ "ما حدث كان ضربة قاصمة كشفت هشاشة النظام التعليمي في الكويت، على صعيد الإدارة وعلى صعيد المنهج، إذ لم يسبق لدولة في العالم أن تكتشف عدداً مهولاً من الشهادات المزوّرة مثلما حدث في الكويت. وهو أمر لا أقول إنّه سوف يؤثّر في السمعة التعليمية للكويت فحسب، بل سوف يدمّرها تماماً، خصوصاً أنّنا اليوم في مراتب متدنية في مؤشرات التعليم الجامعي". ويشدد اليتيم على "وجوب قيام وزارة التعليم العالي بتطهير نفسها من الداخل وإقالة جميع المتسببين بذلك والمتقاعسين وسنّ نظام قبول وتصديق جديد للشهادات يكون ذا شفافية ومصداقية عاليتَين، بالإضافة إلى إيضاح تلك الخطوات لوكالات الأنباء العالمية لأنّ ما حدث كان فضيحة عالمية بامتياز".

من جهته، يقول أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة الكويت، الدكتور عبدالرحمن المطيري، لـ"العربي الجديد" إنّ "ربّ ضارة نافعة. هذه المصيبة الأكاديمية الكبرى التي وقعت على الكويت تسببت في حرج كبير لنا داخل الأوساط التعليمية العالمية، ونظنّ أنّ الباحثين الكويتيين سوف يُنظر إليهم بعين الشك في أيّ مؤتمر بحثي مقبل، لكنّها سوف تكون دافعاً مهماً للحكومة كي تتدخل وتطهر السلك التعليمي من كل الشوائب. يضيف المطيري أنّه "ينبغي ألا تُحصَر عملية التطهير بالشهادات المزوّرة، بل أن تمتد لتشمل البحوث المسروقة والأساتذة الذين لا يلتزمون بالحضور وتدريس الطلاب ويتقاضون رواتبهم من الجامعة إلى جانب الأساتذة الجامعيين ذوي المستوى الضعيف. نحن نطالب بنهضة تعليمية شاملة".




في السياق، يقول خبراء الاقتصاد والأعمال إنّ اكتشاف شهادات مزوّرة لمهندسين وممرضين ومحامين قد يؤثّر جزئياً في نموّ عالم الأعمال والتجارة في الكويت. ويؤكد الخبير الاقتصادي سلطان العجمي لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذه الفضيحة قد تدفع الشركات الأجنبية في الكويت إلى التردد ألف مرّة قبل التعاقد مع محام كويتي لتخليص الأوراق القانونية أو مهندس كويتي للإشراف على المشاريع الإنشائية. ويتوجّب على وزارة التجارة التدخل والتعاون مع وزارة التعليم العالي لوضع لوائح للشهادات الجامعية تطمئن المستثمرين على أقل تقدير".
دلالات