فصل جديد من مشروع طهران إطاحة البرزاني

24 يونيو 2015
حزب البرزاني يعارض سياسة إيران (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -
باشرت إيران حملة مكثفة للإطاحة بالحليف الأقوى للولايات المتحدة والغرب، الزعيم الكردي مسعود البرزاني، من رئاسة إقليم كردستان العراقي. الحملة الإيرانية تأتي، بحسب مراقبين، عقاباً للبرزاني بسبب رفضه الخضوع للرغبات الإيرانية، وتمثل عناده هذا في موافقته على إقامة قواعد عسكرية أميركية بريطانية في الإقليم واعتماد ملحقيات عسكرية لدول أوروبية، ورفضه تسليم معارضين من أكراد إيران لجأوا الى الإقليم.


اقرأ أيضاً رئاسة كردستان: صراعات داخلية وخارجية على الإقليم تهدد الانتخابات

وقال مصدر رفيع في برلمان إقليم كردستان العراق، فضل عدم نشر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "إيران باشرت حملة هستيرية ضد البرزاني من خلال تحريك أحزاب وحركات كردية تقوم بتمويلها".

وذكر المصدر نفسه أن "واشنطن تدعم البرزاني بشدة"، وأن الإقليم بات حالياً ساحة صراع للإرادتين الأميركية والإيرانية، مشيراً إلى اجتماعات مكثفة عقدها السفير الأميركي لدى العراق ستيوارت جونز والقنصل الإيراني علي بيناهي، كل على حدة، مع قوى كردية فاعلة. وأضاف أن "الشارع العام في أربيل ودهوك محسوم بشكل كبير للبرزاني، لكن التأثير الإيراني على الشارع في السليمانية واضح".

اللافت في الأزمة الجديدة مع إيران، أنها أخذت طابعاً علنيا، إذ وصل القنصل العام الإيراني علي بيناهي أمس الثلاثاء، الى مبنى البرلمان في الإقليم، للمشاركة في جلسة خُصصت لطرح مشروع قانون جديد للرئاسة يقطع الطريق على رئيس الإقليم مسعود البرزاني في الترشح لدورة جديدة وتحويل منصب الرئيس إلى بروتوكولي بلا صلاحيات. حضور بيناهي للجلسة يعدّ خطوة غير مسبوقة للدبلوماسيين الأجانب، إذ لم يسبق أن حضر أحدهم جلسة برلمانية.

وبعد أسابيع من السجال بين الأحزاب السياسية في إقليم كردستان العراق بشأن مشروع الدستور وقانون رئاسة الإقليم، انقسمت الآراء الى ثلاثة اتجاهات: الأول يدعو لتحويل النظام السياسي في الإقليم إلى نسخة مطابقة للعراق قائم على سيطرة البرلمان والحكومة على العملية السياسية وتحويل منصب الرئيس إلى شرفي بروتوكولي، وهو الاتجاه الذي تدعمه إيران بقوة هي وعدد من الأحزاب الموالية لها. اتجاه ثانٍ يرفض ذلك ويريد رئيساً ينتخبه الشعب مباشرة، ويدعم هذا الاتجاه البرزاني وحزبه الأكبر تمثيلاً في الحكومة والبرلمان (الديمقراطي الكردستاني). واتجاه ثالث يريد الخلط بين الاتجاهين السابقين.

وكانت حركة "التغيير" الممثلة بــ 24 نائباً في برلمان كردستان المؤلف من 111 نائباً، وحزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" (يقوده الرئيس السابق جلال طالباني) قد طرحتا مشروعين لتعديل قانون رئاسة الإقليم، بحيث يتم سحب معظم الصلاحيات التي يتمتع بها الرئيس وجعل المنصب شرفياً بروتوكولياً على غرار منصب الرئيس في بغداد، ومنع احتلال المنصب لأكثر من 8 سنوات، إضافة إلى فقرات أخرى، تحول دون ترشح الرئيس الحالي للإقليم مسعود البرزاني لدورة جديدة.

وأثار المشروعان تحفظ حزب البرزاني الذي قال إنه سيدرس المشروعين ثم يرد عليهما، رافضاً أن يقوم البرلمان بمناقشة المشروعين قبل حصول توافق بين كافة الكتل البرلمانية حول الموضوع.

لكن، وفي خطوة غير متوقعة، أعلنت رئاسة البرلمان، التي يرأسها عضو في حركة "التغيير" عن عقد جلسة جديدة أمس، فيما كانت المفاجأة الأكبر وصول القنصل الإيراني في أربيل إلى مبنى البرلمان لحضور الجلسة. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، فإنه حضر الجلسة بدعوة من كتلتي "حركة التغيير"، وحزب الطالباني. غير أن المستشار الإعلامي للبرلمان، طارق جوهر قال للصحافيين إن حضور القنصل جاء بناء على طلبه هو لا الكتل البرلمانية.

وفي هذا الإطار، قال المتحدث باسم كتلة "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، محمد علي، إن حزبه يرى أنه "من دون التوافق الوطني لن تخدم المشاريع المطروحة كردستان"، مبيناً أن "كتلته سترد على مشاريع القوانين المطروحة، وستعمل من أجل عدم طرح أي من تلك المشاريع على القراءة في جلسة البرلمان".

لكن عضو كتلة "الاتحاد الوطني الكردستاني" (حزب الطالباني)، كوران آزاد، قال إن كتلة "الديمقراطي الكردستاني" (البرزاني) لا تريد للجلسة أن تُعقد رغم أنها اعتيادية، مشيراً إلى أنه سيجري طرح مشروع القانون على القراءة الأولى.

وأضاف أن حزبه يريد التوافق، لأن أياً من حزبه أو "حركة التغيير" أو "الديمقراطي الكردستاني"، لديه نسبة (النصف +1) لعدد الأعضاء كي يمرر أو يعرقل ما يريد.

ويأتي حضور القنصل الإيراني في أربيل إلى البرلمان للمشاركة في الجلسة التطور الجديد في موضوع المطالبة بسحب الصلاحيات من الرئيس الذي تسعى له عدد من الأحزاب السياسية.

ويرى مراقبون أن حضور القنصل الإيراني هو رسالة مباشرة وعلنية للحزب "الديمقراطي الكردستاني"، وهو الوحيد المؤثر في الإقليم ويصنف كمعارض للنفوذ الإيراني، من أن بلاده لن تسمح بمرور أية قضية هامة في الإقليم دون موافقتها.

وكانت مصادر كردية قد أشارت الى أن إيران تعمل ومن خلال ثلاث جماعات سياسية في كردستان العراق (حركة التغيير، والاتحاد الوطني الكردستاني، والجماعة الإسلامية) من أجل الهيمنة على الإقليم.

وفي هذا الإطار، قال القيادي في حزب البرزاني، علي عوني، إن حزبه "يرفض هذا النوع من الهيمنة، وسيرد على ذلك بواسطة العشرات من الأوراق والخيارات السياسية والقانونية يتحكم بها".

ولفت في تصريح صحافي إلى أن حزبه "ظل يظهر المرونة من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية، لكن الأحزاب استغلت ذلك"، مبيناً أن حزبه سيرد قانونياً على "تلك المناورات حتى تتراجع تلك الأحزاب". وكشف أن الأوراق التي بيد حزبه هي خارج توقعات الأحزاب الأخرى. وأشار إلى أن "مثل تلك الممارسات تعرض مصالح شعب كردستان للخطر، ولن نسمح بذلك".

في سياق متصل، كشف موقع إخباري مقرب من حزب البرزاني يدعى "باسنيوز"، عن توجه علي بابير، أمير الجماعة الإسلامية، لترشيح نفسه لرئاسة إقليم كردستان. وذكر الموقع أن "حركة التغيير" وأطرافاً أخرى لن تتردد في دعم ترشحه.

وإذا تمكنت إيران من إقصاء البرزاني من الترشح لدورة جديدة (تنتهي دورته الحالية في الرئاسة في 19 أغسطس/ آب 2015)، فإنها ستسدد ضربة قوية لمشروع الاستقلال في كردستان وتقترب أكثر من احتواء الإقليم وإضعاف المعارضين لنفوذها.