فشل في محاصرة الكوليرا في اليمن

12 يونيو 2017
الأطفال... 46% من حالات الاشتباه بالكوليرا (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

يزداد عدد المصابين بمرض الكوليرا في اليمن بصورة يومية، في ظل عجز وزارة الصحة عن مواجهة الكارثة، بالتنسيق والتعاون مع المنظمات الدولية. وقد تفشّى المرض في محافظات ومناطق جديدة تفتقر إلى الخدمات الصحية. ففي محافظة الجوف (شرق) أطلقت السلطة المحلية نداء استغاثة للمطالبة بتزويدها بالأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة لمواجهة الكوليرا. وأشارت في بيان إلى أنّ الكوليرا "يتفشى بصورة كبيرة، وسط عجز المستشفيات عن إخضاع المصابين للعلاج اللازم"، مضيفة أنّ المحافظة تعد "منكوبة صحياً بعد ارتفاع عدد الوفيات والضحايا".

وحذّرت السلطة المحلية من "كارثة صحية وإنسانية بدأت ملامحها بسبب اكتظاظ مستشفى الجوف العام بالمصابين بمرض الكوليرا"، وقد يصل الأمر "إلى حدّ توقف الخدمات الصحية التي تقدّمها للمواطنين، وقد تنتهي بوفاة المئات الذين لم نجد لهم الأدوية اللازمة للعلاج". وأكّدت أنّ المنظومة الصحية في المحافظة لم تعد قادرة على فعل اللازم لتخفيف الحالة السيئة، إذ "لم نحصل على أيّ دعم دوائي لعلاج مرض الكوليرا سواء من الحكومة أو التحالف العربي أو المنظمات الدولية، ما عدا 50 كرتونة قدّمت من دولة الكويت الشقيقة ونفدت بعد أسبوع من وصولها قبل أكثر من شهر".

في السياق، يقول مستشار محافظ الجوف أحمد البحيبح إنّ "مرض الكوليرا ظهر في الجوف قبل نحو شهرين، لكنّه تفشّى بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة"، مشيراً إلى أنّ "أربع حالات توفيت بسبب المرض وأنّ عدد المصابين تجاوز 500 شخص، في حين ما زال نحو 400 منهم يتلقون العلاج الوقائي في المستشفى الذي يكاد يتوقف عن العمل بسبب نفاد كميات المصل المضاد للمرض والأدوية اللازمة للعلاج". يضيف البحيبح لـ "العربي الجديد" أنّ "المرض انتشر في غرب المحافظة وهي المديريات المجاورة لمحافظتَي صعدة وعمران، وقد أكّد مستشفى الحزم في المحافظة أنّ المصابين بمعظمهم كانوا في المحافظات المصابة وانتقلوا إلى الجوف حيث انتشر".




ويوضح البحيبح أنّ "عدد المصابين في تزايد مستمر، في ظل عدم قدرة المستشفيات على تقديم خدمة العلاج لهم جميعاً"، مطالباً "الحكومة الشرعية بدعم مستشفيات المحافظة بالأدوية والمستلزمات الطبية، لا سيّما مستشفى الحزم العام الذي يستقبل معظم الحالات المصابة. وهو يُعدّ المستشفى الوحيد في المحافظة لجهة الإمكانات والقدرة على استقبال مرضى الكوليرا". وعن دور المنظمات الدولية، يقول البحيبح إنّه "سلبيّ حتى الآن. لكنّني تواصلت مع مسؤول ائتلاف الإغاثة في الجوف الذي أكّد لي أن منظمة الصحة العالمية تواصلت مع عديد من الجمعيات التي بدأت في توزيع بعض المنشورات التوعوية حول مخاطر الكوليرا وكيفية التعامل مع المصابين".

إلى ذلك، تواجه مستشفيات ومراكز صحية في بعض المحافظات نقصاً حاداً في الأدوية والمحاليل الوريدية الخاصة بالمرض. وهي على الرغم من سعيها إلى توفيرها، تظل عاجزة عن تقديم الخدمات الطبية بسبب تزايد عدد المرضى.

وكان رئيس هيئة مستشفى الثورة العام في الحديدة (غرب) الدكتور خالد سهيل قد دعا المنظمات الدولية والمؤسسات والجمعيات ورجال المال والأعمال إلى دعم مركز معالجة الإسهال في الهيئة بالمحاليل الوريدية والأدوية، مشيراً إلى أنّ الهيئة وسّعت المركز من خلال تجهيز غرف جديدة وإضافة 25 سريراً. وأوضح سهيل في تصريحات لوسائل الإعلام أنّ مركز علاج الإسهال استقبل منذ افتتاحه في 12 مايو/ أيار الماضي ستة آلاف و185 حالة إسهال من مختلف الأعمار ومن مديريات الحديدة والمحافظات المجاورة.



وفي سياق متصل، أكدت منظمة "أوكسفام" البريطانية أنّ مرض الكوليرا يقتل شخصاً واحداً تقريباً كل ساعة في اليمن. وحذّر في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني من عدم احتواء المرض، مشيرة إلى أنّه سوف يهدد حياة آلاف الأشخاص في الأشهر المقبلة. ودعت المنظمة إلى "بذل جهود كبيرة في مجال المساعدات والوقف الفوري لإطلاق النار، للسماح للعاملين في مجال الصحة ومجال الإغاثة بمعالجة تفشّي المرض".

وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية في تغريدة لها على موقع "تويتر" أمس الأحد عن ارتفاع حالات الوفاة من جرّاء الكوليرا في اليمن إلى 859 حالة في 20 محافظة يمنية، منذ 27 أبريل/ نيسان الماضي. أضافت أنّها سجلت 116 ألفاً و700 حالة اشتباه بالكوليرا.

وكانت المنظمة قد أشارت في تقارير سابقة إلى أنّ المرض يصيب أكثر الفئات اليمنية ضعفاً، إذ إنّ الأطفال ما دون الخامسة عشرة يمثلون 46 في المائة من إجمالي حالات الاشتباه بالكوليرا، فيما يمثّل من تخطّت أعمارهم الستين عاماً 33 في المائة من إجمالي الوفيات". أضافت أنّ أكثر المناطق تضرراً هي إب وذمار وحجة والمحويت، وأنّ السيطرة على المرض في هذه النقاط الساخنة التي ينتقل منها الكوليرا إلى بقية البلاد سوف تؤدّي إلى إبطاء انتشاره وإنقاذ الأرواح. وأكّدت المنظمة أنّ الإمكانات الحالية في اليمن لا تكفي لمكافحة انتشار المرض بعد توقّف أكثر من نصف المنشآت الطبية اليمنية عن العمل وعدم حصول أكثر من 14.5 مليون نسمة على المياه النظيفة الصالحة للشرب وعلى صرف صحي آمن، بالإضافة إلى عدم تلقي موظفي الرعاية الصحية رواتبهم منذ ثمانية أشهر.