فشل حفتر العسكري... هل يقوده لخوض غمار الانتخابات الليبية المقبلة؟

18 مايو 2017
كلمة حفتر كانت أشبه بالخطب الانتخابية (فرانس برس)
+ الخط -

لا تزال العروض العسكرية التي أشرف على عرضها قائد جيش البرلمان، اللواء خليفة حفتر  أول من أمس في بنغازي تثير أسئلة حول مغزاها والرسائل التي تحملها، في وقتٍ تتحدث فيه مصادر عن تزايد الاقتراب بينه وبين رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، وإمكانية تعديل الاتفاق السياسي في طريق إنهاء أزمة البلاد.

وكان حفتر قد أطلق عروضا عسكرية لقواته البرية والجوية في بنغازي الثلاثاء، بمناسبة مرور ثلاث سنوات على عمليته العسكرية، التي أطلقها منتصف 2014، تحت مسمى "الكرامة".

ورغم أن كلمة حفتر التي ألقاها خلال العرض العسكري تضمنت رسائل قد تتعارض مع المساعي الدولية والإقليمية لإنهاء الصراع والانقسام في البلاد، إلا أن إشارات أخرى لم تخف رغبته في الانتقال إلى العمل السياسي.

واعتبر مراقبون أن كلمة حفتر كانت أشبه بالخطب الانتخابية التي يقدم من خلالها المرشحون برامجهم للجمهور، فقد حفلت كلمته بالوعود بحياة كريمة لليبيين، فرغم أنه اعتبر أن "انتصاره في معاركه قد شارف على الانتهاء، لاسيما في بنغازي"، لكنه استدرك بالقول إنه "في بداية المشوار نحو السعادة والرخاء بردّ المظالم وحفظ الحقوق ورأب الصدع وتضميد الجراح"، بل تجاوز الحديث عن المهام العسكرية إلى رغبته في "محاربة الفساد ودواعش المال، لصناعة الحياة ورسم الطريق نحو مستقبل الأجيال القادمة".

واعتبر أن "القادم سيشهد التنعم بالخيرات الوفيرة ورمي الأحقاد وراء الظهور"، في معرض حديثه عن "استعادة طرابلس العاصمة العزيزة".

وفي هذا السياق، رأى مطلعون على الوضع الليبي أن كلمة حفتر تشير إلى تراجعه الكبير فيها عن استخدام السلاح والحديث عن القتال، فقد اتسمت باستعراض إنجازات عمليته العسكرية "عملية الكرامة"، وقدراته على بناء الجيش الذي أصبح رقماً صعباً في ليبيا لا يمكن تجاوزه، حسب تعبيرهم.

ولم يخف أنصار حفتر هذه التكهنات، فقد اعتبره الكثير منهم "مرشح الأمن والاستقرار"، بل اعتبر محمد الجارح، أبرز السياسيين الداعمين لـحفتر، أن "المعركة المقبلة بالنسبة لقيادة المؤسسة العسكرية، هي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة في ليبيا"، في إشارة للانتخابات التي تقرر أن تكون بداية العام المقبل.

لكن نية وعزم حفتر الاتجاه للعمل السياسي، يقف وراءها العديد من الأسباب والظروف التي تواجه في الوقت الحالي، أبرزها يقظة أهالي بنغازي على الكم الكبير من الخراب والدمار الذي لحق بالمدينة، مقابل نتائج تعتبر محدودة عسكريا وأمنيا، وسط صراعات تعصف بها لتولي مناصب إدارية ومالية هامة فيها، لاسيما في مجلسها البلدي.

ويبدو أن مخلفات الدمار والحرب طيلة ثلاث سنوات أمام مجموعة مسلحة محدودة القدرات ومحاصرة في أجزاء صغيرة في المدينة، هي أهم الأسباب التي حدت بحفتر إلى مراجعة مشروعه الطامح للوصول إلى السلطة، من الحسم العسكري إلى العمل السياسي، فمن الطبيعي أن يكون تزايد الخسائر البشرية في حروبه سببا لانحسار وتراجع الدعم القبلي والشعبي في البلاد.

كما أن انتصاراته العسكرية في شرق البلاد لا يمكن تكرارها في غربها، لاسيما في طرابلس التي تقع على مقربة من مصراته، أكثر القوى العسكرية والسياسية حضورا خصوصا بعد فشله الذريع مؤخرا في الجنوب، وتفكك القوات الموالية له في ورشفانة غرب العاصمة وفي الزنتان أيضا.

كذلك، يعتبر تغير مواقف الدول الإقليمية الداعمة لحفتر، وعلى رأسها مصر والإمارات وتراجع دعمها، سببا مباشرا آخر في إمكانية تغير مواقف حفتر العسكرية، فتلك الدول أصبحت مدفوعة للحد من دعمها له، وحثه على الانخراط في عمليات التسوية الجارية حاليا، وهو ما قد يعكس موافقته على لقاء السراج مؤخرا في أبو ظبي، ما يشير إلى تنازل كبير من قبله عن مواقفه السابقة الرافضة للاتفاق السياسي.

في المقابل، وإن بدت تصريحات مسؤولي حكومة الوفاق في طرابلس تعكس مرونة في التعاطي مع حفتر، وإمكانية الحديث عن إشراكه في أي تسوية، إلا أنها بدت في الآونة الأخيرة متذبذبة، مما يعكس فهمها لمساعيه الجديدة.

آخر القرارات التي يبدو أنها تنعكس على رغبات حفتر السياسية، تراجع وزير خارجية حكومة الوفاق محمد سيالة، عن اعترافه السابق بحفتر قائدا للجيش، وإعلان نيته إقالة سفير ليبيا لدى السعودية عبد الباسط البدري، الذراع السياسية لحفتر والمبعوث الشخصي له لدى روسيا.

المساهمون