فرنسيون يتظاهرون ضدّ تعديل نظام التقاعد

05 ديسمبر 2019
إصرار على التمسّك بالحقوق في باريس (إبراهيم عزات/ Getty)
+ الخط -
انطلقت تظاهرة باريس الاحتجاجية ضدّ تعديل قانون التقاعد متأخّرة ثلاث ساعات عن موعدها المقرّر يوم الخميس في الساعة الثانية من بعد الظهر، وقد شاركت فيها أعداد كبيرة باعتراف الشرطة الفرنسية فاقت الأرقام التي كانت قد سُجّلت في احتجاجات عام 2010 في السياق نفسه. وتشير بعض الأرقام حتى الساعة عن أكثر من مليون متظاهر في عموم فرنسا.
 
وقد سُجّلت خلال التحركات في العاصمة باريس اشتباكات وعمليات كرّ وفر بين متظاهرين لجأوا إلى العنف وبين عناصر القوى الأمنية، دامت لمدّة ساعة، مع نحو ربع مليون متظاهر بحسب بيانات الكونفدرالية العامة للشغل التي وصفت التحرّك بالإنجاز الكبير. وقد دفع الأمر القيادي النقابي فيليب مارتينيز، أمين عام الكونفدرالية التي تُعَدّ رأس الحربة في مواجهة سياسات الحكومة الاجتماعية، إلى التصريح بأنّ "ثمّة إصراراً على مواصلة الحراك داخل قطاعات عدّة، وبالتالي فإنّ الإضراب لن يتوقف هذا المساء". يُذكر أنّ الكونفدرالية العامة للشغل سبق أن قادت احتجاجات طويلة لإصلاح قانون سكك الحديد في بداية ولاية الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون، وقد انتهى الأمر بإقراره من قبل الحكومة.

وإذا كانت النقابات التي دعت إلى هذه التظاهرات تطالب، بحسب ما تبيّن شعاراتها ولافتاتها، بسحب الحكومة تعديل نظام التقاعد، إلا أنّ حجم المشاركين يشي بأمور أخرى. فإلى جانب المعترضين على تعديل نظام التقاعد، الذي يهم جميع الفرنسيين، ثمّة متظاهرون كثر، خصوصاً من "السترات الصفراء"، يكنّون عداءً لرئيس الجمهورية ويطالبون منذ أكثر من عام برحيله. كذلك، فإنّ القطاع الصحي في خلاف مع الحكومة منذ أشهر، ولم تقنعه الإعلانات الحكومية الأخيرة، بالتالي سجّل مشاركة على الأرض. إلى جانب هؤلاء، كثيرون من العاملين في القطاع الخاص شاركوا في التظاهرات، على الرغم من أنّ ماكرون أراد تصوير هذا الاحتجاج على أنّه "حرص من قبل أقلية في القطاع العام على الاحتفاظ بامتيازاتها التي لا تريد تقاسمها مع باقي القطاعات". بالتالي، فإنّ محرّكات الجماهير المتظاهرة اليوم مختلفة، وطلباتها متناقضة أحياناً، وإن كانت تتّفق على رفض سياسات ماكرون الذي يعدّه فرنسيون كثيرون "رئيساً للأثرياء"، فيما هو يرفض هذه الصفة. تجدر الإشارة إلى أنّ السياسي جان لوك ميلانشون الذي فضّل التظاهر في مارسيليا، وصّف ما حدث اليوم قائلاً إنّ "قضية التقاعد هي القطرة التي أفاضت الكأس"، داعياً إلى التعبئة للتظاهر يوم السبت المقبل.

واستناداً إلى ما قاله مارتينيز "الإضراب لن يتوقف مساء اليوم"، من المتوقّع أن تشهد الحركة في المترو الباريسي غداً الجمعة اضطرابات كبيرة، تكون أقرب إلى ما حصل اليوم، كذلك الأمر بالنسبة للقطارات. وفي ما يخصّ المدارس في العاصمة، فإنّ 245 مدرسة فقط من بين 652 سوف تفتح أبوابها غداً الجمعة.
تجدر الإشارة إلى أنّ رئيس الحكومة الفرنسية إدوار فيليب وعد، اليوم الخميس، بعرض مسوّدة القانون النهائية في خلال الأسبوع المقبل أمام الفرنسيين، إذ إنّ الغموض ما زال يلفّها، لافتاً إلى أنّها سوف تكون فرصة لتوجيه رسالة إلى الفرنسيين. وهذا ما تنتظره النقابات التي تريد استثمار نجاح إضراب اليوم، من أجل فرض تغييرات جوهرية على التعديل في حال عدم قدرتها على إرغام الحكومة على سحبه، علماً أنّ كثيرين يرون في التعديل ضرورة في حدّ ذاته بهدف تجاوز نظام تقاعد قديم عفا عليه الزمن يرهق كاهل الحكومات.
دلالات