يعتبر، اليوم، حاسماً بالنسبة للمرشح اليميني للانتخابات الرئاسية الفرنسية، فرانسوا فيون، الذي دعا أنصاره إلى الحضور بكثافة، بعد ظهر الأحد، إلى ساحة تروكاديرو في وسط باريس، في وقتٍ أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة "أودوكسا"، أنّ 71 في المئة من الفرنسيين يعتبرون أن فيون مخطئ بإصراره على الاستمرار في الترشح.
ويعول فيون كثيرا على تجمع ضخم يحضره 50 ألف شخص على الأقل، لإظهار شعبيته وإنقاذ ترشحه للانتخابات، بعد أن تراكمت عليه المشاكل في الأسابيع الأخيرة، وتخلى عنه حوالي 250 نائباً ومنتخباً من اليمين المحافظ، منهم على الخصوص مدير حملته الانتخابية، باتريك ستيفانيني، والمتحدث باسمه تيري سولير، بالإضافة إلى الشخصية اليمينية القيادية برونو لومير.
ومن المتوقع أن يلقي فيون خطابا خلال هذا التجمع، يعيد فيه التأكيد على إصراره على خوض الرئاسيات، ويندد بما يسميه "دكتاتورية القضاة الذين يريدون اغتياله سياسيا"، في إشارة إلى متاعبه القضائية المتواصلة بسبب قضية التوظيف الوهمي لزوجته وأبنائه.
ومنذ إثارة هذه القضية، يندد فيون وأنصاره بـ"مؤامرة" يتم فيها استعمال القضاء من أجل منعه من خوض الانتخابات الرئاسية، وحرمان اليمين من الفوز بها.
وكان فيون قد دعا إلى تجمع تروكاديرو، الجمعة الماضي، للتعبير عن "إرادة الشعب ضد النظام القضائي"، وهي الدعوة التي أثارت الكثير من الاستهجان في صفوف خصومه، وأيضا بين العديد من شخصيات اليمين المحافظ، لما تنطوي عليه من "نوايا شعبوية تستعمل ورقة الشعب ضد العدالة"، كما قال المرشح الاشتراكي بونوا هامون، أمس السبت.
بدوره، حذر الرئيس فرانسوا هولاند من تنظيم هذا التجمع، الذي اعتبره "يستهدف العدالة الفرنسية واستقلالية القضاء"، غير أن المقربين من المرشح اليميني أكدوا، أمس السبت، أن التجمع ليس موجها ضد القضاء، وإنما لـ"حشد الدعم والدفاع عن فيون".
وتخشى السلطات من أن تتخلل هذا التجمع أعمال عنف بين أنصار فيون ومعارضيه، إذ استنفرت مئات العناصر من رجال الأمن لتأمين سلامة المشاركين ودرء أي أعمال عنف محتملة.
وبسبب هذه المشاكل المتراكمة في معسكر اليمين المحافظ، تمت الدعوة إلى اجتماع استثنائي، غدا الاثنين، لقيادة حزب "الجمهوريون"، ممثلة باللجنة السياسية، من أجل "تقييم الأوضاع" داخل الحزب.
وتتألف اللجنة السياسية من مجموعة من الشخصيات القيادية، من بينهم المرشحون السابقون في التمهيديات، على رأسهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء السابق ألان جوبيه، الذي يحاول أنصاره الدعوة إلى الاستنجاد به كبديل عن فيون.
وسيدرس هذا الاجتماع الحاسم احتمال دعوة فيون إلى التخلي عن ترشحه، بعد أن بات قسم مهم من الشخصيات اليمينية شبه متأكد من خسارة الحزب للرئاسيات إذا لم يتخل فيون عن الترشح باسمه، بعد أن تهاوت شعبيته إلى درجة مقلقة، وصارت كل استطلاعات الرأي تتنبأ بهزيمته وإقصائه في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية.
في المقابل، أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة "أودوكسا" لحساب إذاعة "فرانس إنفو"، أنّ 71 في المئة من الفرنسيين يعتقدون أن فيون مخطئ بإصراره على الاستمرار في سباق الانتخابات الرئاسية. ويبيّن أن سبعة من كل عشرة ناخبين فرنسيين، يرغبون في انسحابه بعد الضجة الأخيرة.
وكشف الاستطلاع أيضاً، انقسام الكتلة الناخبة لليمين، ففي حين يرفض 50 في المئة منها انسحابه، يبدي الـ50 في المائة الباقون تأييدهم لقرار الانسحاب.
وأشار استطلاع إذاعة "فرانس إنفو"، كذلك، إلى أن 64 في المئة مقتنعون بأن فيون يعامل "مثل أي شخص تحوم حوله شبهات"، بينما يعتقد 36 في المئة أنه جرت معاملته بـ"شدة" لأسباب سياسية، في حين يرى 74 في المائة أن الإجراءات التي اتخذت في حق مرشح اليمين "عادية".
ويعتبر 46 في المائة من ناخبي الوسط واليمين أن "هناك شخصاً يمكن أن يكون بديلا عن فيون كمرشح لليمين".
من جهة أخرى، خرجت بينيلوبي، زوجة فيون، عن صمتها، وأجرت للمرة الأولى منذ اندلاع "قضية التوظيف الوهمي"، حواراً صحافيا نشرته صحيفة "لوجورنال دو ديمانش"، اليوم الأحد.
وشددت بينيلوبي على أنها كانت تعمل إلى جانب زوجها عندما كانت تشغل منصب مساعدة برلمانية، ولم تكن أبدا "موظفة وهمية".
كما أكدت زوجة فيون أنها تسانده بقوة، وتنصحه بمواصلة خوض معركة الرئاسيات، رغم الضغوط القضائية والسياسية.