فرنسا واقتصاد الجزائر

15 ديسمبر 2014
تم بناء برج ايفيل من الحديد الجزائري(فرنس برس/getty)
+ الخط -
ماذا لو طالب الجزائريون فرنسا أن تعوّض لهم الحديد الذي استنزفته من الجزائر ‏لبناء برج إيفل الذي دشن سنة 1889؟
فهذا البرج يزن 10100 طن، واستعمل فيه ما لا يقل عن 2.5 ‏مليون مسمار، وإيراداته حسب دراسة إيطالية تبلغ 540 مليار دولار سنوياً، فكم ‏يكون نصيبنا من موارد هذا البرج المسلوب؟ ‏

استنزاف الثروات 
بعد أكثر من خمسين سنة من استقلال الجزائر لا تزال فرنسا تحاول جاهدة استنزاف ‏ثروات البلاد بأي شكل من الأشكال، حتى باتفاقيات شكلية لا ترجع بالخير على ‏الشعب الجزائري. والأعجب والأغرب أن فرنسا أمس هي فرنسا اليوم، بنفس الأطماع ‏التاريخية خاصة إذا تعلق الأمر بالاقتصاد. فهي توقع الاتفاقيات الاستنزافية مع ‏الحكومات الجزائرية المتعاقبة، وكل حكومة منها تحاول أن تنافس سابقتها في التقرب ‏أكثر من مستعمر الأمس، الذي تفنن في التلاعب بها كما يشاء.
فقد حصلت فرنسا على ‏امتيازات عديدة في الجزائر في شتى المجالات الاقتصادية والتجارية، وكان آخر ‏امتيازاتها تلك التي جنتها من خلال زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في ديسمبر/كانون الأول 2012، فالمعطيات ‏تقول إن فرنسا وقعت مع الجزائر عدداً معتبراً من الاتفاقيات قدرت بما لا يقل عن 40 ‏مليار يورو.‏
السؤال: ماذا حصلت الجزائر مقابل التوقيع على مثل هذه الاتفاقيات مع من استنزف ‏خيراتها في الماضي؟
لو قلت لا شيء قد أكون مبالغاً، لكنني سأقول إن الاقتصاد الجزائري تراجع إلى ‏الوراء أكثر وأكثر. وكأن هذه الاتفاقيات تجذبه إلى الأرض حتى لا يتطور ولا يتقدم. ‏وفعلا لا نشعر كجزائريين أن هنالك بوادر تطور على أرض الواقع، ولا ندري كيف أن هؤلاء ‏الذين فاوضوا الفرنسيين تنازلوا عن حقوقنا. حتى ظننا أن الاستعمار خرج من النافذة ليرجع من ‏الباب.‏
الدليل على ما نقول أن اتفاقيات صناعة السيارات في الجزائر ترجع إلى سنوات ‏طويلة قبل القرن الواحد والعشرين، ورغم ذلك كنا نصدق فرنسا في وعودها ‏الكاذبة، وكانت سيارات بيجو ورونو تحظى بامتيازات خاصة من الحكومات ‏الجزائرية المتعاقبة. وحافظت هذه الشركات على أرقام أعمالها العالية والممتازة ‏بفضل المستهلك الجزائري الذي منحته دولته قرضاً استهلاكياً لاقتناء سيارة. ‏فاستنزفت الأخيرة المليارات من فوائض الجزائر، واجتازت هذه الشركات بفضل الجزائر ‏أصعب أزمات الاقتصاد الفرنسي، دون أن تلتزم بفتح مصانع لصناعة أو تركيب ‏سياراتها في الجزائر. في حين فتحتها في المغرب مثلاً، الذي تحقق فيها أرقام أعمال أقل ‏بكثير من تلك التي تحققها في الجزائر.‏
الجزائر استقلّت، وإمكانات الاقتصاد الجزائري أكبر بكثير من أن تبقي السيطرة ‏الفرنسية على جوانب منه، وكأن الأمر يتعلق بشركة مساهمة تحاول أن تملك فيها أكبر ‏عدد من الأسهم.‏
منذ 1962 مر ما لا يقل عن 800 وزير في الحكومات الجزائرية ‏المتعاقبة، منهم 600 وزير حصلوا على جنسية أجنبية أغلبها فرنسية. هكذا معلومة ممكن أن تزيل ‏العجب. سيطرة ‏الفرنسيين على الاقتصاد الجزائري وثروات الجزائر هي حقيقة لا مفر منها وبتواطؤ ‏من أطراف داخلية لا تزال تمارس الخيانة الاقتصادية. ‏
دلالات
المساهمون