فرنسا: ليس لهولاند سوى المونديال لاستعادة شعبيّته

13 يونيو 2014
يؤجّل هولاند مشاكله وكلّه أمل بنجاح منتخبه (أسوشييتد برس)
+ الخط -

يُراهن حكام فرنسا، هذه الأيام، على إنجازات كروية قد يحققها فريقهم في البرازيل، على الرغم من تخلّف اللاعب الفذّ فرانك ريبيري عن الركب لأسباب صحية، وذلك لإلهاء الشعب عن مشاكله الاقتصادية الصعبة، خلال شهر، على الأقل. ولكن من شأن خروج سريع للمنتخب الوطني من كأس العالم، أن يُعجّل بعودة الاحتقان والتذمّر في كل القطاعات بما فيها الحزب الاشتراكي نفسه، الذي عاد مئة نائب من "المتمردين" فيه، لإسماع صوتهم، من جديد.

ويذكّر هؤلاء النواب المتمردون، السلطة التنفيذية، التي تحظى بدرجة من اللاشعبية غير مسبوقة (15 في المئة فقط من الفرنسيين راضون عن عمل الرئيس فرانسوا هولاند، في مقابل 30 في المئة عن الوزير الأول مانويل فالس)، أن الحل يكمن في خفض كبير للضرائب عن الأسر الفقيرة وتحديد ووضع شروط على أي تخفيض للضرائب تستفيد منه المؤسسات. ويرى النائب الاشتراكي، بوريا أميرشاهي، وهو أحد متزعمي التمرد، أن هذه الإجراءات هي التي يتوجب على الحكومة تنفيذها. وهذا المطلب يتضمّنه البيان الجديد الذي أصدره مئة نائب اشتراكي، والذي يقترح بديلاً ذا مصداقية عن مشروع قانون المالية الذي تدافع عنه الحكومة بقوة.

هذه المقترحات، كما يقول المدافعون عنها، هي التي تساعد على إرساء سياسة اقتصادية تجرّ البلد نحو النموّ، وتتيح إعادة توزيع عادل للثروات. ويسخر "المتمردون" من السياسة الحالية للحكومة التي يمكن تلخيصها بمطالبة الفرنسيين بـ"شد الأحزمة". ولا يُخفي النائب أميرشاهي يقينه من أن البرلمان سيَخرُجُ من هذه المواجهة مع الحكومة قوياً، ويقول: "لقد دخلنا في مرحلة تاريخية يتوجب فيها على البرلمانيين أن يؤكدوا من جديد على وضعيتهم كمنتخبين عن الأمّة، أي كمستقلين عن الحكومة".

وفي الوقت الذي تدعو فيه فعاليات المجتمع المدني وأحزاب وتنظيمات يسارية عديدة، إلى التكتّل لمواجهة هذه الحكومة الاشتراكية ذات السياسة الليبرالية القاسية، يعترف هذا النائب المتمرد أنه لا يوجد مسارٌ محدَّدٌ ولا خطة واضحةٌ مسبقة لتحرّك النواب الاشتراكيين "المتمردين" المئة. كما أنه لا يوجد تفكير في خلق منظمة سياسية جديدة. ويعترف أميرشاهي أن هذه الحركة "لا تزال تحت قبة البرلمان. وتتلخص فكرتنا في أن نَعرض، بفضل التعديلات المقترحة، الإجراءاتِ التي يقترحها نصّ البيان الذي نشرناه في النقاشات البرلمانية المقبلة المتعلقة بالميزانية، وفق محورين رئيسيين: موازنة جديدة ماكرو ـ اقتصادية بين المساعدات المقدمة للمؤسسات وتلك المقدمة للأُسَر، وفي الوقت نفسه، خفض الضرائب".

تحدث كل المستجدات أمام عزم وإصرار من الرئيس على ألا ينصت إليها، أي أنه ماضٍ، كما يعترف الكثيرون من معارضيه، في طريقه كشخص "مُصاب بمرض التوحُّد". لقد أصابته الهزيمة الأخيرة في الانتخابات الأوربية في مقتل. فقد تساوت شعبيته والنتيجة التي حققها حزبه في هذه الانتخابات، أي 15 في المئة. ولعلّ أفضل مَن وَصف الرئيس في عزلته القاسية وانصراف الاصدقاء عنه، هو الصحافي أرنود لوبارمونتيي، الذي كتب في الخامس من الشهر الحالي: لقد أصبح الجميع قلقين من تضعضع حالة رئيس الدولة. كان الرجل الأقوى في المجلس الأوروبي، والرجل الذي لا يمكن تحريكه خلال خمس سنوات، وقائد الجيوش وحامل الزر النووي والمالك لحقّ الفيتو في مجلس الأمن. وللمرة الأولى يتساءل الناس حول قدرته على البقاء في الإليزيه إلى سنة 2017، لأنه لم يعد يمتلك الآن سوى سلاح حلّ البرلمان، أي هذا الشكل من أشكال الانتحار".

يُجمع مَن يقرأ المشهد السياسي الفرنسي، على أن غالبية الفرنسيين لا يكرهون الرئيس فرانسوا هولاند، بل لا يحبونه، على خلاف سابقه نيكولا ساركوزي، الذي كان الناس يُجاهرون بكراهيته، ولعلّ في هذا الفارق الكبير ما يمنح الرئيس هولاند بعض الأمل في الصعود، إذ "لَيس بعد القاع قاع".

المساهمون