فرنسا: لاجئون يحكون فصلا من الجحيم السوري

11 فبراير 2017
اهتمام برواية السوريين عن وجودهم في بلدهم (العربي الجديد)
+ الخط -



في ظل تصاعد النبرة اليمينية المتشددة في الطريق نحو الانتخابات الفرنسية، تجد بعض الجاليات نفسها تجتهد في مخاطبة الجمهور لتوضيح حقائق تغيب عمدًا في وسائل الإعلام. في فرنسا يبادر بعض السوريين للالتقاء وجهاً لوجه مع هؤلاء المتشككين بوجودهم بينهم. مبادرة تستحق أن تعمم حيث توجد جاليات وانتخابات يستخدم اليمين المتطرف وجودها لكسب الأصوات.

شهدت مدينة "توني شارنت" غربي فرنسا، ندوة حوارية بعنوان أحاديث سورية بحضور جمهور فرنسي كبير، مهتم بمعرفة واقع السوريين وللإجابة عن عدد من الأسئلة المتعلقة بـ "سبب وجود السوريين في بلادنا" وهل ستعودون إلى بلادكم يوماً ما بعد انتهاء الأزمة؟

الفرنسيون باتوا يطرحون الكثير من الأسئلة بعد أن وجدوا لاجئين سوريين، حتى في قراهم الصغيرة بفعل سياسة التوزيع التي انتهجتها السلطات لدمج هؤلاء وعدم تشكيل ضواح خاصة.
تلك الأسئلة، وغيرها، أجاب عنها ثلاثة سوريين، الناشط والحقوقي بسام يوسف القادم من مدينة القامشلي، والأستاذ المغترب سالم مسكينة، والكاتب الصحافي نزار السهلي.




كان لا بد من الإجابة عن أسئلة تطرق مسامع بعض المراكز الاجتماعية في مدينة "توني شارنت" غربي فرنسا، خصوصاً مع تنامي خطاب اليمين العنصري قبل الانتخابات الرئاسية، سكان محليون يهمسون ويجهرون عن دوافع اختيار فرنسا مكاناً للجوء دون غيرها، تكتظ القاعة بعشرات من سكان المدينة الهادئة بانتظار الاستماع لشهادات عن واقع السوريين ودوافعهم للهجرة.


يقول ابن مدينة القامشلي المحامي بسام يوسف للحضور: "كل ما تسمعونه عن حماية الأقليات التي أنتمي لإحداها، المسيحية الآشورية، هو محض كذب. فنحن ضحايا النظام وباسمنا ترتكب الكثير من الجرائم، النظام نكّل بالمسيحيين مع باقي المجتمع والطوائف، نحن سوريون ولسنا طائفيين".


بدوره قدم المغترب السوري سالم مسكينة، لمحة تاريخية عن سورية التي غادرها إلى فرنسا قبل وصول حافظ الأسد إلى السلطة بعام واحد: "سورية لم تعد للسوريين بعد أن قرن الأسد اسمها باسمه، وبعد تغوّل عائلته واستحواذها على مقدرات السوريين، لم يكن من بد سوى انهيار جبل الفساد حتى لو تأخر نصف قرن، كنت في كل زيارة لبلدي أشعر بغربة تطول بيني وبينها". ثم أضاف مسكينة "لنتخيل كمّ الخراب والدمار الذي طاول سورية منذ ضمها لاسم "الأسد" واليوم يُصنف نصف الشعب السوري من النازحين والمهجرين على أنهم إرهابيون"..

ندوة غربي فرنسا مخاطبة مباشرة بالحقيقة (العربي الجديد) 


من جهته عرض الكاتب نزار السهلي تعريفه للاجئ وأسباب اختياره فرنسا كوجهة آمنة، باعتبار أن شعار" حرية مساواة إخاء" لم يكن ملكاً لفرنسا، بل ملك للإنسانية، كما كل إفرازات الثورة الفرنسية التي ألهمت الإنسانية كلها، وفنّد بعض الادعاءات التي يتناولها الإعلام الغربي والفرنسي لربط اللاجئ بعمليات الإرهاب التي تخدم النظام السوري واليمين العنصري.


تفاعل الجمهور بعد الندوة بطرح الأسئلة ونقاش أوضاع اللاجئين في فرنسا أجاب عنها السهلي باستفاضة.

مواطنة فرنسية تسأل: "نحن نسمع كثيراً عن الهجرة الكثيفة إلى فرنسا ولأوروبا كتهديد يمس حياة الأوروبيين، كيف تعللون هذا الخلط بين الإرهاب وبين اللاجئين"؟
يسأل الحضور "هل هناك شباب متطرف يذهب إلى سورية.. هل لديكم شرح لأسباب الذهاب؟ وأسئلة عن الأحلام الشخصية والمتعلقة بالعودة إلى سورية.


وجوه الحضور مصدومة من الإجابة والتوضيح عن 56 جماعة متطرفة تقاتل إلى جانب النظام من إيران والعراق ولبنان وكازاخستان والشيشان، لا أحد يأتي على ذكرها وتركيز الإعلام الفرنسي والغربي على داعش.

"ميشيل" العائد من الأراضي الفلسطينية المحتلة والذي يعمل في مؤسسة "سوليدير الفرنسية" لدعم المشاريع الفلسطينية، يعقب بأن ثلاثة نواب فرنسيين ذهبوا للقاء الأسد وعادوا بسيناريو أن لا شيء يحدث في دمشق وأن الأسد مصمم على مكافحة "الإرهاب "، يجيب السوريون بأن سورية ليست قصر الأسد بالتأكيد، ولا دمشق التي يزورها الإعلام الغربي للقاء الأسد ولا يسمح لهم ولا لمساعداتهم بالدخول للمناطق المحاصرة.



من جهتها تقول برناديت: "لم نكن نعلم أن ما يدور في سورية بمثل هذه الفظاعة، الإعلام لا يأتي على ذكر كل ذلك، قصف المدنيين والحصار والموت تعذيباً وسلسلة المجازر، هو يخيفنا فقط من اللاجئين ولا يخيفنا ممن تسبب بدمارهم، كم نحن بحاجة لهذا التواصل بديلا لفوبيا اللاجئين التي يروج لها اليمين العنصري، كما روج لها قبلا إعلام النظام".

اهتمام برواية اللاجئين السوريين (العربي الجديد) 


وجواباً عن سؤال العودة لسورية قالت فائزة، وهي سيدة سورية فقدت ابنتها بقذيفة سقطت على سيارتها واعتقل ابنها منذ أربعة أعوام، أنها لا تفكر بالعودة إلى سورية إلا بعد رحيل الأسد، وهذا قرار معظم لاجئي سورية.

دلالات
المساهمون