استعرض المرشحان للانتخابات التمهيدية في الحزب الاشتراكي، مانويل فالس، وفنسان بيون، بشكلٍ متزامن ومنفصل، اليوم الثلاثاء في باريس، الخطوط العريضة لبرنامجهما الانتخابي وخطتهما للاقتراع الرئاسي المقبل. وعلى بُعد ثلاثة أسابيع من التمهيديات وتسعة أيام فقط من موعد المناظرة التلفزيونية الأولى، قام المرشحان بتسريع وتيرة الحملة الانتخابية، خاصة أنهما كانا آخر الذين قدموا ترشيحهم، وانتظروا إلى أن أعلن الرئيس فرانسوا هولاند قراره في الأول من ديسمبر/كانون الأول الماضي، تخليه عن الترشح لولاية رئاسية ثانية، وعدم خوض معركة التمهيديات داخل الاشتراكي.
وبخلاف المرشحين الآخرين، بونوا هامون وأرنو مونتبورغ، اللذين يمثلان التيار اليساري داخل الحزب وينتقدان أداء الولاية الاشتراكية الحالية، يخوض فالس، رئيس الوزراء السابق، وبيون، وزير التعليم السابق، معركة التمهيديات، مدافعين عن أداء الحكومة الاشتراكية السابقة ودورهما الشخصي في القيام ببعض الإصلاحات، مع محاولة واضحة للتنصل من الهفوات والسلبيات التي طبعت الأداء الحكومي.
وهذا ما عكسه إعلان فالس عزمه في حال فوزه بالرئاسيات، إلغاء البند 49.3 من الدستور، وهو البند المثير للجدل الذي كان لجأ إليه ست مرات خلال رئاسته الحكومة السابقة، لتمرير مشاريع قوانين كانت ترفضها المعارضة اليمينية، وقسم كبير من الغالبية الاشتراكية، خاصة قانون العمل المثير للجدل.
ويحاول فالس من خلال برنامجه الانتخابي، تجسيد اليسار الحكومي مع وضع مسافة بينه وبين الأفكار، التي يدافع عنها هولاند في ولايته الرئاسية. وحرص في برنامجه المعلن، على مقاربة خاصة للقضية الأوروبية، واقترح "مؤتمراً لإعادة النظر في هياكل الاتحاد الأوروبي، من أجل الدفاع عن المكتسبات الأوروبية في مواجهة العولمة".
كما حرص فالس على الدفاع عن "السيادة الوطنية" في مواجهة "إملاءات الاتحاد الأوروبي" فيما يخص قضايا الاقتصاد والحماية الاجتماعية والهجرة، في محاولة لاستمالة ناخبي الطبقات الشعبية والشرائح التي تتعاطف مع الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، والتي تميل إلى التصويت لليمين المتطرف، ومرشحته مارين لوبان.
كما التزم أيضاً بالدفاع عن القدرة الشرائية للمواطنين الفرنسيين و"تحديد سقف دخل شهري أدنى، يضمن عيشاً كريماً للذين يعيشون ظروفاً اقتصادية واجتماعية صعبة"، خاصة من فئة الشباب التي تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً. واستعرض أيضاً مشروعاً لمحاربة التمييز في الحقوق بين الجنسين والمساواة في الرواتب بينهما.
أما بيون، الذي رشح نفسه بشكل مفاجئ للتمهيديات، وفي اللحظة الأخيرة، فقد ركز على ضرورة القيام بإصلاحات هيكلية في مجالات الصحة والاقتصاد والقضاء وفق الأفكار الاشتراكية الديمقراطية التي يؤمن بها.
ودعا إلى إصلاح المنظومة الانتخابية، واعتماد مبدأ النسبية في انتخابات الأقاليم الكبرى من "أجل الخروج من منطق الغالبية المسموم" على حد تعبيره. كما انتقد تراجع الحكومات الاشتراكية عن الوعد بمنح حق التصويت للأجانب في الانتخابات البلدية، ووعد بأنه سيقره في حال انتخابه.
ووعد بيون بتخفيض عجز الموازنة العامة، والرفع من ميزانية القضاء وإصلاح النظام الضريبي، كما أعلن أنه سيعدل بعض البنود من قانون العمل الذي أقرته حكومة فالس مؤخراً، خاصة تلك التي تمثل تهديداً لحقوق العمال والموظفين.
وركز بيون أستاذ الفلسفة في الجامعة، على مشروع لإصلاح التعليم واعداً بتوفير 8 آلاف منصب في هذا القطاع خلال الخمس سنوات القادمة، وتوفير 4 آلاف منصب في مجال البحث العلمي، لخلق "نهضة علمية وتكنولوجية فرنسية" منتقداً "الإهمال الكبير" الذي يعيشه ميدان البحث والعلوم في فرنسا حالياً.
ويلاحظ المتتبعون أن هناك قواسم مشتركة كثيرة بين برنامجي فالس وبيون، وهو ما يجعل المقربين من فالس، يرددون بأن ترشح بيون هو فقط محاولة لتحجيم ترشح فالس وإضعافه داخل الحزب الاشتراكي. ويؤكد بعضهم أن معسكر أنصار الرئيس هولاند هو الذي شجع بيون على تقديم ترشيحه للتمهيديات انتقاماً من فالس، الذي يعتبرون أن مناوراته السياسية وإصراره على الترشح للرئاسيات، كانت من بين الأسباب الرئيسية التي دفعت هولاند في النهاية إلى التخلي عن الترشح لولاية رئاسية ثانية.