أعلنت إحصاءات وزارة الداخلية عن خروج 151 ألف متظاهر في عموم فرنسا، 16 ألفاً منهم في باريس، وهو رقم تشكك فيه النقابات العمالية التي تتحدث عن أكثر من 200 تظاهرة وتجمع في فرنسا. وقد أورد جهاز للعد تشارك فيه كثير من وسائل الإعلام الفرنسية، من بينها بي إف إم تيفي، عن خروج 40 ألف شخص في باريس لوحدها، في حين أن سي جي تي تحدثت عن 80 ألفاً في العاصمة.
وقد استبقت قوى الأمن بدء تظاهرات عيد العمّال بإيقاف وتفتيش أكثر من 12 ألف شخص، أوقفت مئات، وضعت أكثر من 200 منهم في الاعتقال الاحتياطي، ومن بينهم ثلاثة عناصر دولية من بلاك بلوك، وهما ألمانيان وإسبانية، عثر في حوزتهم على بعض الأسلحة، قبيل الساعة الثالثة بعد الظهر.
ولم تَخْلُ التظاهرة من بعض العنف والصدامات بين متظاهرين مقنَّعين وقوى الأمن، كما كان متوقعاً، ولكنه لم يصل إلى درجة جعل باريس "عاصمة الشغب"، ولم تشارك أرقام كبيرة من جماعات "بلاك بلوك"، والتي قدَّرَتها السلطات الأمنية، مُسبقاً ما بين 2000 و4000 عضو منها.
وقد بدأت أعمال العنف قبل أكثر من ساعتين من انطلاق التظاهرة الكبرى من مونبارناس والمتجهة إلى بلاس ديتالي، وهو ما ردّت عليه قوى الأمن باستخدام مفرط للغازات المسيلة للدموع وقنابل فك الطوق.
وبسبب هذه الصدامات والرد العنيف لقوة الشرطة، ألغى فيليب مارتينز، الأمين العام لنقابة "سي جي تي" ندوته الصحافية، ونددت النقابة العمالية في بيان لها بـ"عنف بوليسي غير مسبوق في البلد"، كما دانت "رشّ قوى الأمن للغازات على رفاقها، بمن فيهم الأمين العام، مارتينيز، وإلقاء قنابل عليهم".
وعلّق الأمين العام للنقابة على الوضع بالقول: "توجد مشكلة مع والي الأمن في باريس، ومع وزير الداخلية، كاستانير". وقد حاول وزير الداخلية كاستانير الاتصال بالزعيم النقابي، الذي كان أهم شخصية تحضر تظاهرة باريس، في الوقت الذي فضّل فيه نقابيون وسياسيون من اليسار التواجد في مارسيليا، كرئيس نقابة "قوة عمالية" وجاك لوك ميلانشون. وقد عبّر مارتينيز عن رضاه على المشاركة الجماهيرية في عموم فرنسا.
وفور صدور تصريحات مارتينيز غرّدت ولاية الأمن في باريس، بأن: "نقابة سي جي تي لم تكن هدفاً لرجال الشرطة والدرك، الذين أدوا مهمتهم بإصرار في مواجهة مثيري شغب عنيفين".
ومن جهة أخرى، قررت نقابة "الفدرالية النقابية المتحدة"، مغادرة التظاهرة، احتجاجاً على العنف، الذي صاحبها.
وعلى الرغم من العنف الذي بدأ قبل انطلاق التظاهرة، فقد تظاهَر الآلاف من المحتجين في باريس، بينهم العديد ممن يلبسون أقنعة ويرفعون لافتات تذكّر بألكسندر بنعلا، الحارس الشخصي للرئيس إيمانويل ماكرون، الذي تورط قبل سنة، تماماً، وفي عيد العمال، في عملية اعتداءات على متظاهرين، ولا يزال الأمر في شأنها بأيدي القضاء.
وتصدَّرَ التظاهرة، التي منعتها قوى الأمن من الوصول إلى نهايتها في "بلاس ديتالي"، عشرات من المقنَّعين، لا يُعرف بالتحديد، إن كانوا من جماعات بلاك بلوك، أو من السترات الصفراء، التي كانت حاضرة بقوة، وهم يشتبكون مع قوى الأمن التي لا تتردد في رشهم بالغازات المسيلة للدموع.
وعلى الرغم من أن العنف الكبير الذي توقعته الحكومة لم يحدث، إلا أن فرنسا لم تشهد من قبل عيد عمال، يُضطَر فيه المنظِّمون إلى مغادرة التظاهرة، كما فعل مارتينيز، وآخرون، ومن بينهم يانيك جادو وبروسا، رئيسا لائحتي الإيكولوجيين والشيوعيين في الانتخابات الأوروبية، إلى العدول عن الحضور.
وفي المواقف عما جرى اليوم عبّر مارتنييز عن رضاه على نجاح تظاهرات عيد العمال في كل فرنسا، فيما علقت الناطقة باسم حزب "كفاح عمالي" بالقول: "منذ يومين، والحكومة تخلق الذهان، ولكن هذا لم يمنعني من التظاهر".
فيما أكد أوليفيي بوزانسنو، القيادي في "الحزب الجديد المناهض للعولمة" أنه "ليس يوم عُمّال، بل يوم ذهان، كلُّ شيء أُعِدَّ فيه من أجل إثارة الخوف". أما ميلانشون فرأى جديداً متمثلاً في "تلاقي الحركة العمالية والسترات الصفراء".
أما رئيسة حزب "التجمع الوطني"، مارين لوبان، فرأت فيما وقع اليوم، من عنف، "تساهُلاً من السلطات مع أعمال العنف".