تتمثل هذه المسرحية بالنقاش الذي يدور بين المشرّعين، حول بعض من تفاصيل نصّ قانون الطوارئ الصحية، الذي يخوّل الحكومة صلاحيات استثنائية مؤقتة، بهدف الحد من وباء كورونا وإدارة الأزمة التي يسبّبها في البلد.
وتسمح حالة الطوارئ الصحية للحكومة بحدّ بعض الحريات، كحرية التجول، وحرية العمل التجاري، وتخولها أيضاً معاقبة المخالفين للتعليمات، ومصادرة الممتلكات والخدمات اللازمة لمواجهة الكارثة الصحية التي استدعت اللجوء إلى حالة الطوارئ. وهي تعطي الحكومة الضوء الأخضر لإصدار تدابير اقتصادية استثنائية، وتمنح وزير الصحة صلاحية إصدار مراسيم بإجراءات تضمن السلامة الصحية في البلد.
وكانت الحكومة تمنّي النفس بأن يُعتمَد نص القانون في البرلمان مساء أمس الجمعة، لكن نقاشه في مجلس الشيوخ، قبل وصوله إلى البرلمان، طال أكثر من المتوقع، إذ لم يُعتمَد إلا في وقت متأخر من ليلة الخميس-الجمعة، ما أخّر وصوله إلى البرلمان يوماً، حيث بدأ نقاشه صباح اليوم السبت بدلاً من أمس الجمعة.
وبحسب ما نقلت الصحافة الفرنسية عن بعض النواب، فإن صيغة نهائية من المشروع لن ترى النور قبل عصر غد الأحد، ما يعني تأخيراً قدره 48 ساعة.
وكان اعتماد النص في مجلس الشيوخ، الذي يضم أغلبية من حزب "الجمهوريين" اليميني المعارض، قد تأخر بسبب الخلاف حول التاريخ النهائي لتسليم لوائح المرشحين للجولة الثانية من الانتخابات البلدية، التي أجريت الجولة الأولى منها يوم 15 مارس/آذار الجاري، فيما اضطرت السلطات إلى تأجيل جولتها الثانية لتجنب مخاطر العدوى بفيروس كورونا.
وبينما تحدد الحكومة، في مسودة النص، موعد تسليم اللوائح الانتخابية بشهر يونيو/حزيران، في مسعى منها لتأجيل البحث، في سؤال لا يبدو ذا أهمية في ظل الأزمة التي يعيشها البلد، أصرت الأغلبية اليمينية من أعضاء مجلس الشيوخ على تقديم الموعد إلى نهاية شهر مارس/آذار الجاري.
وقد تؤدي التعديلات التي أدخلها مجلس الشيوخ على النص، وتلك التي سترشح عن نقاش النص في البرلمان، إلى وجود نصين مختلفين في بعض النقاط، ما سيضطر المشرعين إلى تشكيل لجنة مشتركة من المجلسين للوصول إلى صيغة نهائية مشتركة، وهو ما سيضيف وقتاً ضائعاً على الوقت الضائع.
وسبّب انشغال السياسيين تفصيلاً كهذا، في وقت ينتظر فيه الفرنسيون حلولاً عاجلة لإنقاذهم وإنقاذ البلد من الوباء، بغضب بين الفرنسيين وبين بعض الوجوه السياسية. وأدان عدد من نواب حزب "الجمهورية إلى الأمام" هذا النقاش، حيث نقلت صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" عن النائبة ماري غيفينو قولها إنه "سابق لأوانه"، وخصوصاً أن البلد يعرف حالة من العزل، وأن عدداً من المرشحين في الانتخابات البلدية لا يزالون تحت العلاج من إصابتهم بكورونا. كذلك أدانت وجوه أخرى من الأغلبية "الاستراتيجية الانتخابية والمساومات السياسية في عزّ الأزمة الصحية".
وتأتي هذه العثرة بعد أقل من أسبوع من فصل شبيه، سبّبه أحد أبرز وجوه "الجمهوريين"، اليميني، ورئيس مجلس الشيوخ، جيرار لارشيه، إذ بينت تقارير صحافية أنه قام بضغط كبير على الرئيس، إيمانويل ماكرون، لإجراء الجولة الأولى من الانتخابات، في وقت كان فيه المشتغلون في القطاع الصحي وكثير من السياسيين والفرنسيين يدعون إلى تأجيلها، لتجنب انتشار العدوى بين ملايين الناخبين.