وأعرب غلوكسمان عن ثقته في أنّ "الحزب الاشتراكي، وعلى الرغم من أنّ رئيس القائمة ليس عضواً من أعضائه، سيَدعم هذا الاتفاق".
وحرص مؤسس "ساحة عامة"، على تأكيد أنّه لم يلتحق بالحزب "الاشتراكي"، داعياً "كل القوى التي تدافع عن نفس المبادئ للتجمع والتوحد".
ولم يفته أن يعبّر عن الأسف من تشتت اليسار، والمتمثّل في إعلان الإيكولوجيين و"فرنسا غير الخاضعة" و"أجيال" والحزب "الشيوعي"، عن قوائمها المستقلة للاستحقاق الانتخابي الأوروبي، في 26 مايو/أيار المقبل.
من جهته، اعتبر فور أنّ توافق الحزب "الاشتراكي" مع حركة "ساحة عامة" وكل من سيلحق بهذا التوافق، سيسير في اتجاه "نضالات مشتركة"، مؤكداً أنّه سيطلب من الاشتراكيين دعم هذا الاتفاق.
ويبدو أنّ الاشتراكيين في وضعية عزلة غير مسبوقة، فلم تعد فكرة "وحدة اليسار"، أو "اليسار المتعدد"، قائمة في فرنسا.
فقد فشلوا، رغم كل الإلحاحات والتنازلات (ومن بينها قبول سيغولين رويال أن تكون الثانية في قائمة مشتركة مع الإيكولوجيين يقودها الإيكولوجي يانيك جادو)، في إقناع الإيكولوجيين بإخراج قائمة واحدة، بسبب قناعة رئيس الحزب "الإيكولوجي" يانيك جادو، بقدرة حزبه على إنجاز اختراق قوي، قد يؤثر عليه سلباً التحالُف مع حزب فقد كثيراً من قوته، وتخترقه خلافات داخلية، ويَعتبرُه الفرنسيون مسؤولاً عن كل فشل الرئيس فرانسوا هولاند.
كما أنّ الحزب "الشيوعي" بقيادته الجديدة، رفض عروض الاشتراكيين، رغم معرفته المسبقة أنّ حظوظه شبه معدومة، فاستطلاعات الرأي تمنحه أقل من 3 في المائة، وهو ما يعني، أنّه لن يوصِل أي نائب إلى البرلمان الأوروبي، ولن يحصل على تعويض في ما يخصّ مصاريف حملته.
في حين أنه لم يكن من الوارد، أبداً، على بونوا هامون رئيس حركة "أجيال"، والمنشق عن الحزب "الاشتراكي"، والذي تربطه علاقات وثيقة بغلوكسمان الذي كتب خطابَه الانتخابي في رئاسيات 2017، العودة للتوافق مع حزبه السابق، وهو الذي عارَض فكرة غلوكسمان بتوافق ثلاثي، بين الحركتين والحزب الاشتراكي.
وكان غلوكسمان خلال ثلاثة أشهر، ينادي بوحدة اليسار، وتحدّث إلى كل قيادات اليسار المتعدّد، بمن فيهم جان لوك ميلانشون وبونوا هامون، إلا أنّ ميلانشون، بسبب الإنجاز الذي حققه في الدورة الأولى لرئاسيات 2017، وبسبب حركية وقتالية فريقه البرلماني، الذي تعتبره أغلبية الفرنسيين المعارِض الحقيقي لماكرون، لا يرى وحدة لليسار من دون قيادته، وهو ما ترفضه مكونات اليسار الأخرى، في حين أنّ هامون، يعتبر أنّ "أي صوت لصالح القائمة الاشتراكية هو صوتٌ ضائع بالنسبة لليسار".
وإذا كان الكثير من أنصار الحزب "الاشتراكي"، يتأسفون على وضعية الاحتضار التي يعيشها الحزب، والتي دفعت قيادته للسماح لرئيس حركة "ساحة عامة"، بقيادة لائحة مشتركة، إلا أنّ وضعية الحزب الحقيقية، جعلت قياديين يقبلون بهذا الخيار، خاصة وأنّ استطلاعات للرأي تمنح الحزب 5 في المائة في الانتخابات الأوروبية.
وقد حظي موقف الأمين العام للحزب الاشتراكي، في هذا التوافق، بدعم وازن في الحزب، ممثلاً في مارتين أوبري التي دعمت بشكل صريح غلوكسمان، ودعت "كل من يدافع، من اليسار، عن أوروبا الاجتماعية والإيكولوجية والديمقراطية" إلى "الالتفاف خلف ترشحه"، كما دعت إلى "تجاوز الأدوات والأجهزة".
ولكن أمل أوبري وتفاؤلها، لا يتشاركهما ستيفان لوفول الناطق الأسبق باسم حكومة هولاند، والذي اعتبر هذا الاتفاق "مزحة سيئة". وأضاف في لقاء مع صحيفة "لوفيغارو"، أنّ "الإيكولوجيين ظلوا إيكولوجيين، وبونوا هامون ظل بونوا هامون، وكذلك ميلانشون، ونحن، الاشتراكيين، علينا أن نمشي خلف رافائيل غلوكسمان، من دون نقاش داخلي، ومن دون أي قاعدة أيديولوجية وسياسية، ومن دون خط استراتيجي؟".
واعتبر لوفول الذي لا يزال وفياً للرئيس السابق هولاند، أنّ الأمين العام للحزب "تصرّف بصفة فردية. وعليه تحمّل المسؤولية".
واحتجاجاً على الأمر، قال لوفول إنّه قرر "مع آخرين مغادرةَ المكتب الوطني للحزب الاشتراكي"، لكنّه سيظل في الحزب "الاشتراكي"، على أمل "أن تعود الهوية السياسية للحزب، ذات يوم. وسيُجرى، حينها، حوارٌ من أجل إعادة مناقشة الخطوط الكبرى للاشتراكية الديمقراطية الفرنسية".
وسيحظى هذا الاتفاق، بموافقة الحزب "الاشتراكي"، وسط تساؤل حول مدى تلقف الناخبين لهذا التحالف الجديد، وما ستقوله استطلاعات الرأي المقبلة.
وإذا لم يستطع هذا التحالف إنجاز اختراق ما، فقد يبدو لوفول على حق، حين أكد أنّ "حركة ساحة عمومية، حركة مجهولة من طرف الجميع، ليس لها خطّ ولا حمولة ولا صلابة. فالقيادية فيه كْلير نوفيان، إيكولوجية محترمة، لكنها راديكالية. وغلوكسمان، أحترم مساره، ولكنه ليس مساري. فأنا وفيّ، دائماً، لقناعاتي الاشتراكية".
وحول هذا التوافق، سأل لوران جوفري مدير صحيفة "ليبراسيون"، "إذا كان أوليفيي فُور خلف غلوكسمان ينتقل إلى الأخضر، فأين هي هوية الحزب؟ وإذا كانت الإيكولوجيا قد أصبحت المرجعية الوحيدة، فأين الاشتراكية الديمقراطية؟ هل هي تذكار؟".
ويختم بالقول في مقال بالصحيفة: "هل يمكن للمرء أن يعيد تشييد بيته حين يلتجئ خلف بيوت الآخرين؟ إلّا إذا كانت بلا جدران ولا سقف. لكن، هل هذا مؤكد؟"، فيما سخر موقع "ميديا بارت" من هذا التوافق، بعنوان ساخر: "كل هذا من أجل هذا؟".
وحدة اليسار الفرنسي، مجمدة، حتى إعلان آخر.