ومن المتوقع أن يكون لهذا الإضراب تأثير سلبي على حركة النقل، حيث ستتوقف 60% من القطارات عن العمل في كامل أنحاء فرنسا، بما فيها القطارات فائقة السرعة "تي جي في" وقطارات المدن التي تربط وسط باريس بالضواحي، والتي يتنقل عبرها حوالى 10 ملايين فرنسي يومياً.
ويأتي هذا الإضراب المفتوح أولاً لممارسة الضغوط على الحكومة في إطار المفاوضات مع النقابات حول ملف داخلي يتعلق بتنظيم أوقات العمل، بالإضافة إلى الموقف الرافض لهذه النقابات لقانون العمل الجديد الذي تبنته الحكومة مؤخرا، بدون اللجوء إلى تصويت نواب البرلمان، والذي ترى فيه النقابات تهديدا لمكتسبات العمال وانحيازا لأرباب العمل والشركات.
وإضافة إلى إضراب السكك الحديدية ينطلق إضراب آخر غداً الخميس في شبكة المواصلات في المدن RATP، دعت إليه أيضا نقابة الاتحاد العام للعمال، وسيهدد بشل حركة مترو الأنفاق والترامواي وشبكة الباصات داخل المدن والضواحي.
وتشهد فرنسا منذ بداية الأسبوع تعبئة نقابية كثيفة ضد قانون العمل، حيث انتقلت عدوى الإضراب إلى قطاع النظافة وجمع القمامة منذ مساء الاثنين الماضي.
وأغلق المضربون منافذ شركات جمع النفايات، مما يهدد بتراكم القمامة ووقف حركة تنظيف الشوارع في المدن الكبرى خاصة العاصمة باريس.
في المقابل، دخل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على الخط مجددا، واعتبر في حوار أدلى به لصحيفة "سود ويست"، أمس الثلاثاء، أن "قانون العمل مبادرة إصلاحية ضرورية ونافعة للبلاد"، مصرا على أن القانون الجديد "سيمكن الاقتصاد الفرنسي من تخفيف ظاهرة البطالة والتكيف مع تطورات سوق العمل".
وفي حوار لقناة "بي إف تي في"، اعتبر رئيس الوزراء، مانويل فالس، أن "التراجع عن قانون العمل سيكون خطأ سياسيا"، مجددا عزم حكومته على التشبث بهذا القانون.
وفي غمرة هذا السياق الاجتماعي المتوتر، أعلن رئيس الوزراء، مانويل فالس، تأجيل زيارة كانت مبرمجة هذا الأسبوع إلى كندا وتم تحديد موعد جديد لها في الخريف المقبل.
وجاء هذا التأجيل بعد أن تصاعدت الانتقادات ضد فالس حين قام بزيارة إسرائيل الأسبوع الماضي، تاركا البلاد تتخبط في أزمة الإضرابات والاحتجاجات التي شلت قطاع الوقود والمحروقات.
من جانبه، أكد الأمين العام للاتحاد العام للعمال، فليب مارتينيز، أمس الثلاثاء، أنه مستعد للتفاوض مع الحكومة بشأن البنود التي يعتبرها مجحفة في حق العمال في القانون الجديد، المعروف بقانون الخُمري، نسبة لوزيرة العمل مريم الخُمري.
وحذر مارتينيز، من أن نقابته ترفض أي شروط للدخول في مفاوضات مع الحكومة.
وردت الوزيرة الخُمري معلنة أنها تنتظر اقتراحات ملموسة من النقابات حول النقاط المثيرة للخلاف في القانون الجديد.
وتحاول الحكومة امتصاص الحركة الاحتجاجية ضد قانون العمل بالدخول في مفاوضات مباشرة مع النقابات وتقديم تنازلات محددة تتعلق بملفات داخلية في قطاع السكك الحديد والنقل والمطارات، مقابل عدم التنازل في قضية قانون العمل الجديد.
وحسب تسريبات صحافية فإن الحكومة أقنعت إدارة السكك الحديدية بتجميد مشروع إعادة هيكلة أوقات العمل في هذا القطاع إرضاء للنقابات ولتفادي اضراب واسع يهدد تنظيم فرنسا لمنافسات البطولة الأوربية لكرة القدم التي تنطلق فعالياتها في 10 ينييو المقبل.
وهو الأمر الذي أثار غضب المعارضة اليمينية ومنظمة أرباب العمل التي أطلق رئيسها بيار كاتاز الاثنين الماضي تصريحات نارية ضد نقابة الاتحاد العام للعمال واعتبرها في حوار مع صحيفة "لوموند" بمثابة "نقابة تشجع على البطالة".
واتهم كاتاز "سي جي تي" بالتطرف معتبرا أنها "تدافع عن مطالب سياسية لا علاقة لها بأوضاع العمال والموظفين".
وبسبب أزمة المحروقات التي عصفت بفرنسا خلال الأسبوعين الأخيرين والاضرابات المتواصلة في عدة قطاعات حيوية والمظاهرات العنيفة تأثر قطاع السياحة الفرنسي بشكل سلبي وسجلت وتيرة الايواء في الفنادق تراجعا بنسبة 30 في المائة بسبب عزوف السياح عن زيارة فرنسا في هذه الظروف الاجتماعية المتوترة. ومن المتوقع أن ترتفع فاتورة الخسائر الاقتصادية بشكل مهول في الأيام القادمة في عدة قطاعات اقتصادية بسبب موجة الاضرابات في قطاع النقل.