فرقة "حكواتي الفرات" المسرحيَّة... نزع أثر الحرب

15 ديسمبر 2019
تراجع الفنون في منطقة الجزيرة السورية (العربي الجديد)
+ الخط -
في الجزيرة السورية، وعلى ضفّة نهر الفرات، وتحديدًا مدينة الرقة، انطلقت مبادرة "حكواتي الفرات" باعثةً الأمل لهواة المسرح، ولتجسّد قصصًا لمعاناة وواقع المجتمع في شمال شرق سورية. تتألف الفرقة من فتاتين وأربعة شبان بقيادة المخرج والمؤلف المسرحي، دحام السطام.

وتؤدي الفرقة عروضًا موجهة للأطفال والنساء والمجتمع بشكل عام. كما تستلهم الفرقة عروضها من واقع المجتمع والظروف المحيطة، إذْ تأثَّرت منطقة الفرات بآفات الحرب، وغمامة الفكر التطرُّفي. وقدمت الفرقة أول عروضها في حديقة الرشيد، أكبر حدائق الرقة، والتي كان يتخذها تنظيم "داعش" مكانًا لدفن الأبرياء، بحسب شهادات سكان المنطقة. تقولُ، شهلا علي، منسقة الفرقة: "استوحت الفرقة فكرة (حكواتي الفرات) من قصص وأحداث المنطقة التي كانت تخضع لسيطرة تنظيم (داعش)، إذْ تجسُّدها عبر نصوص مسرحية. ومن ثم يتمُّ تمثيلها عبر محاكاة للواقع على خشبة المسرح، بهدف استعراض معاناة شبان وشابات المنطقة التي كانت تحت حكم التنظيم المتشدد".

تعرض الفرقة ثلاث مسرحيات في العرض الواحد، وتقريبًا خمسة عروض في الشهر. وتتراوح مدَّة العروض بين الـ 50 إلى 90 دقيقة. كما قدمت ما يقارب الـ 45 مسرحية حتى الآن، منها عروض موجّهة للأطفال كـ "النهر" و"صانعة الفرجة" و"مدينة الألوان" و"الكرة الذهبية"، ومنها عروض موجهة للمجتمع، مثل "حنين والرغيف" و"البائع وعنب" و"زهور منثورة" و"مرت الأيام". وتتخذ الفرقة من مدينة الرقة مكانًا أساسيًا للعروض، إلا أنها عرضت مسرحيات في مناطق الطبقة ودير الزور بالإضافة إلى مخيمي الهول ومحمودلي. يقول مخرج وكاتب العرض، دحَّام السطَّام، لـ "العربي الجديد": "ما زلنا مستمرِّين في عروضنا. وفي حساباتنا استهداف مخيم تل السمن القريب من بلدة عين عيسى، وأيضًا استهداف الأطفال في كلِّ مدارس الرقة". ويضيف السطام، أن الحب والموهبة والالتزام والألفة والتطور، هي أهمُّ السمات التي تتميز بها فرقة "حكواتي الفرات".




وتلقَّت فرقة "حكواتي الفرات" احتفاءً وشعبيةً واسعة من الجمهور، وخاصة الأطفال ونازحي المخيمات الذين تركت الحرب في نفوسهم أثرًا من الواجب إزالته، وهذا ما تسعى الفرقة لتحقيقه. ويشير السطام إلى أن "لكل مسرحية ماهيتها وأفكارها ومقولاتها ورسائلها. وتتقاطع المسرحيات بالحالة الإنسانية الشاملة، إذْ يحمل المسرح رسالة إنسانية يدعو فيها للحب والحياة والعيش المشترك بلا عداوات وعقد، وتقديم المتعة والفائدة للمتلقي. المسرح فضاء رحب، ونحن نبحث دائماً في كل أعمالنا عن أصل الشقاء وسر السعادة". وتعرض الفرقة أيضاً مسرحيات خاصّة موجّهة للنساء. إلا أن هناك بعض التحفظات من قبلهنَّ، كرفضهن الظهور والتحدث أمام العدسات، بسبب العادات والتقاليد التي ما يزال هناك تخوّف منها. عن ذلك تقول المنسِّقة، شهلا علي: "نحاول تدريجيًا تجاوز هذا الأمر. فطموح الفرقة هو استمرار المشروع، وتقديم المزيد من العروض المسرحية في جميع المدن السورية، إضافة إلى القدرة على استقطاب شبان وفتيات أكثر للعمل في المجال المسرحي، والنهوض بواقع المنطقة". ويتابع المخرج دحام السطام: "مخططنا كفرقة، هو أن نعرض أعمالنا مرة أخرى وبتطور ونضج ومعرفة وخبرة أكثر، اكتسبها الممثلون وكل طاقم العمل"، مضيفًا: "هدفنا بناء ممثل قادر أن يحمل مبادرات فنية، ويستطيع أن يقدم للمتلقي المتعة والفائدة. كما نهدف إلى بناء ذائقة فنية عند الجمهور، ليستطيع من خلالها أن يميِّز العمل الجيد من العمل الرديء، وتقديم الفرح والابتسامة للناس الذين أثقلتهم الحروب". ويرى السطَّام، أن سنوات الحرب أثَّرت على الفن في منطقة الجزيرة السورية. إذْ كانت المنطقة تضمُّ مركزًا ثقافيًا ومسارح تهمشَّت في فترات النزاع.
المساهمون