قبل 20 سنة، لم يكن مألوفًا في الوطن العربي، وجود فرقة فنية تكوَّن أفرادها من الفتيات، ولذلك أثارت فرقة "فور كاتس" انتباه الناس، لهذا الإنجاز النسائي في العالم العربي.
وأما اليوم، فقد أصبح في الوطن العربي العديد من التجارب النسائية الجماعية المميّزة، ومن بينها فرقة "بنت المصاروة"، التي قدّمت شكلاً ومحتوىً مغايرًا للنظرة التقليدية للنساء في الفن. في لقاء مع فرقة "بنت المصاروة"، جرى الحديث عن التأسيس والموضوعات الأثيرة والمشاريع المستقبلية.
كيف تقدمون أنفسكم لقراء "جيل"؟
مجموعة فنيّة تحلم بمجتمع مصري مبدع، يحمل في وجدانه ذاكرة موسيقية وقصصية لتجارب مغايرة، تعبّر عن اختلاف الاختيار، وترسّخ مبدأ المساواة، ولا تأسر الأفراد في أدوار اجتماعية محدّدة.
كنا قد حدّدنا أهدافنا في عدة نقاط، أوّلها خلق مساحات فنيّة للتعبير عن تجارب شخصية، تطرح التمييز المبني على النوع الاجتماعي، خصوصاً لدى الشرائح الأكثر تهميشاً، كما نسعى لكسر الصورة النمطية للفئات الأكثر تهميشاً، من خلال توثيق وعرض مشكلاتهم وتجاربهم على نطاق واسع، وفي ضوء ذلك ننتج أعمالا موسيقية ومسرحية، مبنية على تجارب حياتية غير مسلّط عليها الضوء، ونؤكد في أعمالنا على الانطلاق من نقاش مجتمعي، والذي نراه عماد الحراك الفني والفكري في قضايا النوع الاجتماعي. ونهتم بترسيخ روح التضامن داخل المجموعة، وبين المجموعات المختلفة التي تشاركنا الرؤية والحلم.
كيف كانت بداية فرقة "بنت المصاروة"؟
بداية الفرقة كانت في يوليو/ تموز 2014، عندما شاركت 7 فتيات من القاهرة في ورشة كتابة إبداعية، استضافتها مؤسّسة "نظرة" المختصة في الدراسات النسوية، وكانت الورشة بعنوان "عروستي"، والهدف منها كان كتابة كلمات أغاني تناقش التمييز الواقع على النساء والفتيات في المجتمع المصري. وبالفعل قمنا بكتابة مجموعة من الأغاني، وتم إنتاج أول ألبوم منها في يونيو/ حزيران 2015، وحمل الألبوم اسم "بنت المصاروة"، وهو الاسم الذي اخترناه أن يكون اسمًا للفرقة في ما بعد.
لم تستطع كل المشاركات في الورشة استكمال مسيرة الفرقة، ولذلك أصبحنا ثلاث فقط، وهن إسراء صالح ومارينا سمير وميام محمود، وقريبًا ستنضم إلينا الفتاة الرابعة.
في عروض الأداء التي تقدمونها، تسردون قصصًا تخص تجارب نسوية بين الأغاني، لماذا تختارون شكلين مختلفين من الأداء، الأغنية والسرد في التعبير عن القضايا التي تطرحونها؟
هناك أشكال كثيرة يمكننا من خلالها التعبير عما نعيشه ونعاني منه كنساء مصريات، نحن نفضل استخدام الحكي في عروضنا مع الأغاني، لأننا مؤمنات بأن الحكي هو الباب الذي يفتح الطريق للمشاركة، فبالرغم من أننا نحكي قصصنا الشخصية، أو قصصاً حقيقية لنساء أخريات، عملنا معهن في ورش الحكي، التي قمنا بها في صعيد مصر، إلا أن القصص تتشابه مع الكثير من قصص نساء وفتيات أخريات لم تسنح لهن الفرصة للحكي أو الكتابة، وحين يسمعنا هؤلاء النسوة، ويسمعن حكاياتنا التي تشابه حكاياتهن، يُدركن أنهن لسن وحيدات، وأننا كلنا نعاني من قهر مبني على أساس النوع الاجتماعي.
في الفعالية التي شاركتم بها في بيروت، لم تكن هناك موسيقى حيّة، وإنما كانت الموسيقى مسجلة، لماذا لا يتم عزف الموسيقى بشكل حي على المسرح؟
حتى الآن لا نستخدم موسيقى حيّة في عروضنا، لأن امكانياتنا المادية لم تسمح بذلك، ولكننا نرغب في تطوير شكل عروضنا القادمة، لتشارك فيها عازفات أو عازفين بآلات موسيقية على الركح.
كيف تختارون موسيقاكم، وما أهمية وجود موسيقى فولكلورية أو شعبية بالأغاني التي تقدمونها؟
نختار الموسيقى التي نشعر بأنها تعبر عن الكلمات التي نقوم بكتابتها، وفي الأغلب تكون موسيقى قريبة من قلوبنا، ولكننا لا نريد أن ننحصر في استخدام موسيقى فولكلورية، علمًا أننا نستخدمها في بعض الأحيان، ولدينا كمثال أغنية "قولوا لأبوها"، وهي عبارة عن محاكاة لأغنية فولكلورية مصرية تغنّى في ليالي الحنة والفرح والتنجيد. والأغنية الأصلية تتحدث عن الشرف، ففي أحد كوبليهاتها تقول: "قولوا لأبوها إن كان جعان يتعشى، بنتك شريفة وغرقتله الفرشة، أحمر يا شرف الفلاحة، أحمر وزي التفاحة"، وقمنا نحن باستخدام نفس لحن الأغنية لمحاكاتها، ولكن بأفكار أخرى، ففي نسختنا من أغنية "قولوا لأبوها"، نقول: "قولوا لأبوها ضحكوا عليك ضحكوا، لا شرفها بين رجليها ولا يحكوا، قولوا لأبوها إن كان قلقان يرتاح، ماهيش كالون مستنية المفتاح".
ما هي مشاريع "بنت المصاروة" القادمة؟
بالنسبة لمشاريعنا القادمة، سنستكمل جولتنا في قرى محافظات صعيد مصر، ومحطتنا الثالثة ستكون في أسوان، فنحن نقوم بعمل ورش حكي لنساء يعشن في صعيد مصر، ليحكين عن تجاربهن الحياتية التي يعشنها كنساء في مناطق الصعيد، وكيف تتقاطع أشياء مثل تهميش المحافظات البعيدة عن المركز والفقر والدين والعرق، مع الاضطهاد الواقع عليهن كنساء. وإلى جانب ذلك، نسعى لتقديم منتج فني غنائي ومسرحي جديد، مبني على قصص نساء الصعيد اللواتي قمنا بالعمل معهن في ورش الحكي.