وقال مصدر مطلع، اشترط عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، اليوم الاثنين، إنّ رئيس جهاز المخابرات الفلسطيني ماجد فرج، ورئيس جهاز الأمن الوقائي زياد هب الريح، "يقومان بهذه الاتصالات بإيعاز من الرئيس محمود عباس، الذي يريد أن ينهي هذا الملف".
ويبدو أمر إنهاء ملف إضراب الأسرى، بات أكثر إلحاحاً للمستوى الرسمي الفلسطيني، مع قرب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في 23 مايو/ أيار الجاري.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، السبت الماضي، في تصريح صحافي، إنّ حسين الشيخ رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية، المكلّف من عباس بمتابعة أوضاع الأسرى المضربين عن الطعام، "يواصل جهوده ومساعيه مع مختلف الأطراف، لإنصاف الأسرى وتحقيق مطالبهم الإنسانية والمشروعة".
وبحسب المصدر المطلع، يقوم فرج وهب الريح، بمباحثات مع المخابرات الإسرائيلية، بينما يقوم الشيخ بمباحثات مع منسق أعمال حكومة الاحتلال الإسرائيلية وضابط الإدارة المدنية يوآف بولي مردخاي، لكنّ جميع المحادثات تصل إلى طريق مسدود، بعد تأكيدات الجانب الإسرائيلي ممثلاً بوزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، أنّه لن يفاوض مروان البرغوثي، وردّ الأخير من زنزاته ببرود: "أنا الذي لن أفاوضكم إلا حين أريد ذلك.. رغم محاولاتكم اليومية لفتح أي حديث معي".
ويصرّ الاحتلال الإسرائيلي، على شرطين؛ عدم التفاوض حول مطالب الأسرى إلا بعد إنهائهم الإضراب المفتوح عن الطعام، وتحييد البرغوثي عن أي مفاوضات وعدم الحديث معه.
وأشار المصدر، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ البرغوثي أكّد أنّه هو الذي لا يرغب بالحديث مع الاحتلال، ويتعمّد إهمال الضباط الذين يمرون على زنزاته للتفقد اليومي، مع علمه أنّهم يسعون لفتح أي حديث معه.
وكان موقع "والاه" الإسرائيلي، قفد نقل عن مصادر فلسطينية، أنّ لقاء أمنياً بين عدد من قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية وبين جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، قد جرى مؤخّراً في محاولة للتوصّل إلى تفاهمات بشأن الإضراب، لكنّ اللقاء لم يتمخّض عن أيّ نتائج.
وقال الموقع، إنّ قادة الأجهزة الفلسطينية الذين شاركوا في اللقاء، ومن بينهم فرج وهب الريح، نبّهوا الطّرف الإسرائيلي إلى وجوب التوصّل إلى اتفاق مع الأسرى، والاستجابة لمطالبهم.
كما أوردت صحيفة "معاريف"، اليوم الاثنين، أنّ "هناك خيبة أمل لدى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي ومصلحة السجون، جرّاء استمرار الإضراب وعدم كسره حتى الآن، رغم نشر فيديو مروان المفبرك"، بحسب الصحيفة.
وكانت إدارة السجون قد عزلت البرغوثي في زنزانة تحت الأرض، لكنّه أضرب عن شرب الماء، ما اضطرها لإعادته إلى زنزانة عادية، قبل أيام.
وحسب المصدر، فقد أوصل البرغوثي رسالة إلى زميله الأسير كريم يونس، يعطيه فيها الضوء الأخضر لأي مفاوضات، قائلاً له: "أنت تعرف مطالبنا، إن استجابوا لها ورضيت بأيّ طرح للاحتلال، فأنا معك".
ويبدو أنّ قادة الإضراب لا يرغبون بالمفاوضات التي تتولّاها السلطة الفلسطينية، فقد قال كريم يونس أحد قيادات الإضراب، والمعتقل منذ عام 1983، في رسالة من زنزاته في سجن أيالون الرملة، نشرتها عائلته، أمس الأحد، "نؤكد للجميع أن الجهة الوحيدة المخوّلة بالتفاوض، هي قيادة الإضراب، ووفق المعايير والأسس التي حددتها قبل بداية المعركة".
وأكد المصدر، أنّ مفاوضات الأجهزة الأمنية، وهيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، "غير جادة حتى اللحظة، حيث لم تقم بالتلويح أو التهديد بقطع التنسيق الأمني والمدني، فضلاً عن أنّها تبدو مرفوضة من الأسرى المضربين عن الطعام".
وقال المصدر، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المعنيين يرددون أنّ التنسيق يجب أن يستمر لأسباب إنسانية"، متسائلاً "هل توجد حالة إنسانية أكثر إلحاحاً من تعريض مئات الأسرى لخطر الموت".
وتابع المصدر، أنّ "الجزء المهم من هذه المفاوضات، هو رغبة السلطة والأجهزة الأمنية، بأن تجلب أي حل عن طريقها، وليس عن طريق قيادات الإضراب"، مشيراً إلى أنّها "عجزت عن الوصول لأي شيء لأنّها لم تضغط بأي شيء حقيقي على الاحتلال".
ووفق المصدر، فإنّ الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية، "تحاول أن تشيع أنّ موافقة سلطات الاحتلال، على الزيارة الثانية للصليب الأحمر الدولي للأسرى، هو نتيجة مفاوضاته".
وبينما تعتبر الزيارة، أحد المطالب في قائمة الأسرى المضربين عن الطعام، كان الصليب الأحمر، قد امتنع عن تقديم الزيارة الثانية لذوي الأسرى، بذرائع مختلفة؛ منها ذرائع مالية، ووعد مؤخراً في لقاء مع الحمد الله، "بتكثيف الزيارات"، دون ذكر الزيارة الثانية، أو تثبيتها كما كان الأمر عليه في السابق.
ووسط تزايد التحرّكات الشعبية، علم "العربي الجديد"، أنّ بعض القيادات في حركة "فتح"، أوعزت للأقاليم بالتحرّك والتصعيد، بعد أن بات شكل الحركة محرجاً أمام أنصارها، سيما أنّ الإضراب يقوده أسرى "فتح" بالدرجة الأولى.
ومن المتوقع، أن يشهد الشارع تصعيداً، في اليوم الثلاثين للإضراب عن الطعام، في ظل حالة احتقان شديدة، بعدما تبيّن أنّ كل فعاليات قضية الأسرى التي جرت حتى الآن، لا تتجاوز كونها فعاليات رمزية من مسيرات وشموع وحمل مشاعل، وخيم تضامن تخطب فيها قيادات الفصائل التي تطالب الشارع بالتحرك، وتحمّل إسرائيل المسؤولية، دون أن تقوم هي بشيء يُذكر.
وقال أحد المسؤولين المطلعين لـ"العربي الجديد" إنّ أعضاء من مركزية "فتح"، أعطوا لجنة إسناد الأسرى، الحرية المطلقة للقيام بفعاليات وقيادة الشارع، بعد حالة عدم التفاعل الجماهيري.
ولفت إلى أنّ "أعضاء مركزية فتح يدركون تماماً أنّ لجنة إسناد الأسرى المكوّنة من نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى وبعض النشطاء والمتطوعين، ليس لها أي سلطة أو امتداد في الشارع، على عكس حركة فتح وأقاليمها وشبيبتها المنتشرة في كل مكان".