خلّفت الحرب التي يعيشها اليمن منذ عام، ركوداً اقتصادياً، مع تحوّل اجتماعي غير مسبوق بلغت تأثيراته حياة كل شخص تقريباً. ومع استمرار هذه الحرب في مناطق كثيرة من البلاد، أصبح أكثر من ثلاثة ملايين يمني عاطلين عن العمل، يُضافون إلى ملايين آخرين كانوا قد سبقوهم. ويأتي انقطاع الكهرباء ووقود المركبات من جميع المناطق، ليمثّل أحد أهم عوامل تعميق الفراغ الذي يعيشه اليمنيون في أغلب ساعات الليل والنهار، على حدّ سواء.
هؤلاء العاطلون عن العمل يقضون ساعاتهم من دون أي شاغل، فيبدو الوقت طويلاً، في حين أنّ الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد تقيّد تنقلاتهم ليلازم أكثرهم بيوتهم. يقول خالد السامعي (35 عاماً) الذي كان يعمل سائقاً في إحدى شركات المقاولات، "لا أعمال ولا لقاءات ولا حتى وسائل أو أماكن ترفيهية. لذا أنام أغلب ساعات النهار". أما في الليل، فيسهر مع أصدقائه الذين يعيشون الظروف نفسها، ويخزّنون القات. ويُخبر أنه ينام بعد صلاة الفجر، ليصحو عصراً ويتناول الغداء. ومن ثم يتابع آخر الأخبار ويشتري القات للسهرة.
والسامعي، بحسب ما يؤكد لـ"العربي الجديد"، "مضطر إلى البقاء في العاصمة صنعاء حتى أحافظ على منزلي، خوفاً عليه من النهب والسطو. كل أفراد عائلتي انتقلوا إلى القرية بسبب القصف". يضيف: "لدينا مزرعة في ريف تعز (جنوب) لكنني فضلت البقاء في صنعاء، لا سيما أنّ ثمة حصاراً مطبقاً على تعز منذ أشهر". إلى ذلك، يوضح السامعي أنّ ارتفاع أسعار المشتقات النفطية والمواد الغذائية تُلزمه بعدم الاستفادة من وقت الفراغ الطويل وزيارة الأهل والأقارب في مناطق أخرى. يقول: "كنا نشكو من زيادة الانشغال بالعمل ومن أننا لا نستطيع البقاء مع أطفالنا، أما اليوم فنشكو من ساعات الفراغ الطويلة التي لا نستطيع الاستفادة منها في إسعاد أولادنا". على الرغم من ذلك، أفاده البقاء في المنزل بلا عمل، إذ راح يمضي وقتاً مع أفراد أسرته لفترات أطول ويتعرّف على تفاصيل جديدة عن أبنائه، كانت غائبة عنه في السابق. أيضاً، صار يلعب معهم، وهذه "سابقة في حياتي".
كذلك هي الحال بالنسبة إلى نساء كثيرات كنّ يعملن خارج منازلهن وأجبرتهن الحرب على ملازمتها بعد تسريحهن. لكن هذه الإجازة الممتدّة وساعات الفراغ ليست سيّئة، بحسب خديجة البعداني. تقول لـ"العربي الجديد": "لست مستاءة من بقائي في المنزل، لولا منغّصات عدم توفر الراتب الذي كان يساعد أسرتي على توفير متطلبات المنزل. لكنني فعلاً سعيدة لأنني وجدت وقتاً للاستراحة والجلوس مع صديقاتي وقريباتي بعدما كنا لا نلتقي إلا في المناسبات".
تشير البعداني إلى أنّ انقطاع خدمات الكهرباء والوقود حرم الناس من الاستمتاع بمشاهدة التلفزيون أو زيارة الأقارب الذين يسكنون على بعد. لكنّ هذا زاد اجتماعاتها مع صديقات الحيّ بدلاً من التحدّث هاتفياً، كما اعتدن في الماضي. وتؤكد: "لأنني كنت أعمل ساعات طويلة في إحدى الشركات التجارية، أشعر اليوم بإيجابيات معيّنة لهذه الظروف التي جعلتني أتواصل أكثر مع من حولي بطريقة مباشرة، لكنني في الوقت نفسه فقدت هذا التواصل مع أقاربي المقيمين في المدينة".
من جهة أخرى، ينظر شباب نازحون في المناطق الريفية إلى أوقات الفراغ التي خلّفتها أحوال البلاد الراهنة، بطريقتهم الخاصة. يقول علي ناصر، النازح في محافظة المحويت (غرب) إنه يقضي وقته في أمور لم تكن تشغله قبل الحرب في صنعاء. ويخبر "العربي الجديد" أنه يهتم بشؤون الأسرة صباحاً ويوفّر لها ما تحتاجه من مواد غذائية من السوق البعيد عن مكان سكنها، وعند العصر يخرج للعب كرة القدم مع الأصدقاء حتى وقت المغرب. لكنه لا يسهر مساء، لعدم توفر التيار الكهربائي. ولا يشعر بالرضى عن نمط حياته الحالية، "فهي تسلب مني أيامي، إذ لا أستطيع الاستفادة منها لا في التدريب ولا في الدراسة".
وكان الفراغ وتوقّف الأعمال قد دفع آلاف الشباب ومئات الأطفال إلى جبهات القتال المنتشرة في أكثر المحافظات اليمنية.
تجدر الإشارة إلى أن تقريراً صدر أخيراً عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي، تحت عنوان "المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن 2016"، بيّن أنّ ساعات العمل انخفضت من نحو 13.5 ساعة في اليوم قبل مارس/آذار 2015، إلى 6.7 ساعات في اليوم بعده. وهذا يعني تراجعها بنسبة 50.6 في المائة، الأمر الذي يجعل عدداً كبيراً من اليمنيين أمام فراغ أغلب ساعات أيامهم.
اقرأ أيضاً: يمنيّون يستدينون للبقاء
هؤلاء العاطلون عن العمل يقضون ساعاتهم من دون أي شاغل، فيبدو الوقت طويلاً، في حين أنّ الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد تقيّد تنقلاتهم ليلازم أكثرهم بيوتهم. يقول خالد السامعي (35 عاماً) الذي كان يعمل سائقاً في إحدى شركات المقاولات، "لا أعمال ولا لقاءات ولا حتى وسائل أو أماكن ترفيهية. لذا أنام أغلب ساعات النهار". أما في الليل، فيسهر مع أصدقائه الذين يعيشون الظروف نفسها، ويخزّنون القات. ويُخبر أنه ينام بعد صلاة الفجر، ليصحو عصراً ويتناول الغداء. ومن ثم يتابع آخر الأخبار ويشتري القات للسهرة.
والسامعي، بحسب ما يؤكد لـ"العربي الجديد"، "مضطر إلى البقاء في العاصمة صنعاء حتى أحافظ على منزلي، خوفاً عليه من النهب والسطو. كل أفراد عائلتي انتقلوا إلى القرية بسبب القصف". يضيف: "لدينا مزرعة في ريف تعز (جنوب) لكنني فضلت البقاء في صنعاء، لا سيما أنّ ثمة حصاراً مطبقاً على تعز منذ أشهر". إلى ذلك، يوضح السامعي أنّ ارتفاع أسعار المشتقات النفطية والمواد الغذائية تُلزمه بعدم الاستفادة من وقت الفراغ الطويل وزيارة الأهل والأقارب في مناطق أخرى. يقول: "كنا نشكو من زيادة الانشغال بالعمل ومن أننا لا نستطيع البقاء مع أطفالنا، أما اليوم فنشكو من ساعات الفراغ الطويلة التي لا نستطيع الاستفادة منها في إسعاد أولادنا". على الرغم من ذلك، أفاده البقاء في المنزل بلا عمل، إذ راح يمضي وقتاً مع أفراد أسرته لفترات أطول ويتعرّف على تفاصيل جديدة عن أبنائه، كانت غائبة عنه في السابق. أيضاً، صار يلعب معهم، وهذه "سابقة في حياتي".
كذلك هي الحال بالنسبة إلى نساء كثيرات كنّ يعملن خارج منازلهن وأجبرتهن الحرب على ملازمتها بعد تسريحهن. لكن هذه الإجازة الممتدّة وساعات الفراغ ليست سيّئة، بحسب خديجة البعداني. تقول لـ"العربي الجديد": "لست مستاءة من بقائي في المنزل، لولا منغّصات عدم توفر الراتب الذي كان يساعد أسرتي على توفير متطلبات المنزل. لكنني فعلاً سعيدة لأنني وجدت وقتاً للاستراحة والجلوس مع صديقاتي وقريباتي بعدما كنا لا نلتقي إلا في المناسبات".
تشير البعداني إلى أنّ انقطاع خدمات الكهرباء والوقود حرم الناس من الاستمتاع بمشاهدة التلفزيون أو زيارة الأقارب الذين يسكنون على بعد. لكنّ هذا زاد اجتماعاتها مع صديقات الحيّ بدلاً من التحدّث هاتفياً، كما اعتدن في الماضي. وتؤكد: "لأنني كنت أعمل ساعات طويلة في إحدى الشركات التجارية، أشعر اليوم بإيجابيات معيّنة لهذه الظروف التي جعلتني أتواصل أكثر مع من حولي بطريقة مباشرة، لكنني في الوقت نفسه فقدت هذا التواصل مع أقاربي المقيمين في المدينة".
من جهة أخرى، ينظر شباب نازحون في المناطق الريفية إلى أوقات الفراغ التي خلّفتها أحوال البلاد الراهنة، بطريقتهم الخاصة. يقول علي ناصر، النازح في محافظة المحويت (غرب) إنه يقضي وقته في أمور لم تكن تشغله قبل الحرب في صنعاء. ويخبر "العربي الجديد" أنه يهتم بشؤون الأسرة صباحاً ويوفّر لها ما تحتاجه من مواد غذائية من السوق البعيد عن مكان سكنها، وعند العصر يخرج للعب كرة القدم مع الأصدقاء حتى وقت المغرب. لكنه لا يسهر مساء، لعدم توفر التيار الكهربائي. ولا يشعر بالرضى عن نمط حياته الحالية، "فهي تسلب مني أيامي، إذ لا أستطيع الاستفادة منها لا في التدريب ولا في الدراسة".
وكان الفراغ وتوقّف الأعمال قد دفع آلاف الشباب ومئات الأطفال إلى جبهات القتال المنتشرة في أكثر المحافظات اليمنية.
تجدر الإشارة إلى أن تقريراً صدر أخيراً عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي، تحت عنوان "المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن 2016"، بيّن أنّ ساعات العمل انخفضت من نحو 13.5 ساعة في اليوم قبل مارس/آذار 2015، إلى 6.7 ساعات في اليوم بعده. وهذا يعني تراجعها بنسبة 50.6 في المائة، الأمر الذي يجعل عدداً كبيراً من اليمنيين أمام فراغ أغلب ساعات أيامهم.
اقرأ أيضاً: يمنيّون يستدينون للبقاء