لذا، اعتزم غويتيسولو منذ شبابه الحفاظ على استقلاله الشخصي وخاض مغامرة أدبية نادرة في زمننا تنصهر في بؤرتها روح إنسانية لا تمّحي مع طموح نقدي متعمق وخلاق يسعى إلى إحياء النواحي المنسية والجمالية الكامنة في الثقافات التي احتك مؤلفنا بها، سواء كانت الثقافة الاسبانية أو الأوروبية أو العربية، محبذا انبثاق ثقافة كونية متعددة الأعراق والحساسيات، وداعيا في كل حال إلى اجتياز وجوه الطغيان المتنوعة وطمسها.
ومن هنا، أخذ غويتيسولو يطور شيئا فشيئا أسلوبا خاصا في الكتابة والحياة مصبوغا بالتنقل الدائم بين الأنواع واللغات والأزمنة والأدبيات وبنبرة كونية ذات نفس صوفي فريد لا يمنعه من الانخراط في قلب أخطر قضايا العصر ككاتب وإنسان.
الكلمة التي نقدّم ترجمتها في هذه الصفحة (ألقاها غويتيسولو عند استلامه جائزة Hidalgo (ذو المروءة) التي منحتها له "جمعية الحضور الغجري الوطنية" باسبانيا 1995) تشكل فتحة صغيرة وملائمة جداً للإطلال على عالم غويتيسولو وبالتالي على تناقضات حاضرنا الجريح.