فالس يحاول تفادي الفضيحة وإنقاذ مستقبله السياسي

13 يونيو 2015
هولاند تضايق من الفضيحة وطالب فالس بتدارك الأمر (Getty)
+ الخط -

شكّلت رحلة رياضية لرئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، إلى برلين فضيحة سياسية كبيرة له، كادت تهدد مستقبله السياسي. وبعد خمسة أيام من الصمت، تطرّق فالس إلى الضجة الكبيرة التي هزت الرأي العام الفرنسي بسبب سفره إلى برلين برفقة ولديه، لحضور مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا السبت الماضي بين ناديي جوفنتوس الإيطالي وبرشلونة الإسباني، الذي يعزه فالس كثيراً بسبب أصوله الكاتالونية. وقدّم فالس ما يشبه نصف اعتذار من دون أن يسجل ندمه على ما فعل، معلناً أنه سيدفع مبلغ 2500 يورو (نحو 2800 دولار) تعويضاً لرحلة نجليه، مؤكداً أنه "يتفهّم موقف الفرنسيين من هذه القضية". واعتبر فالس أن "فرنسا ليست بحاجة إلى جدل عقيم من هذا النوع".

وتعود وقائع هذه الضجة إلى السبت الماضي عندما تحدثت وسائل الإعلام عن حضور فالس مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا، في رحلة على حساب الدولة الفرنسية مستقلاً طائرة فالكون المخصصة عادة للتنقلات الرسمية. وفي أول رد فعل أكد فالس أنه ذهب إلى برلين بدعوة من رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ميشال بلاتيني، للتحدث عن التحضيرات لبطولة أوروبا لكرة القدم التي ستحتضنها فرنسا العام المقبل. لكن هذا التبرير لم يقنع وسائل الإعلام وبعض شخصيات المعارضة اليمينية التي سارعت إلى انتقاده، متهمة إياه باستغلال موارد الدولة وتجهيزاتها لأغراض شخصية. وتضاعفت الضجة حين كشفت وسائل الإعلام أن رحلة فالكون إلى برلين كلّفت 20 ألف يورو (نحو 22 ألف دولار) مستخلصة من الضرائب التي يدفعها المواطنون الفرنسيون. ورد فالس الأحد الماضي بطريقة مرتبكة معللاً رحلة برلين بمزيج من العمل والترفيه، إذ اعتبر أن "له الحق كرئيس وزراء يعمل كثيراً في بعض الراحة والترفيه"، وأكد أنه كان أيضاً ينوي لقاء بلاتيني للحديث معه حول البطولة الأوروبية لكرة القدم.

غير أن تبريرات فالس المترددة وشيوع خبر اصطحابه لنجليه في الرحلة إلى برلين، زادت النار اشتعالاً وبدأت القصة تحتل صدارة نشرات أخبار القنوات التلفزيونية والإذاعات وسائر وسائل الإعلام. ودخلت عدة شخصيات سياسية من اليمين واليسار على الخط وبدأ البعض يصف علانية سلوك فالس بأنه خطأ سياسي جسيم.

وبدأت القصة تحرج الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند نفسه، الذي رفع راية النزاهة الأخلاقية منذ انتخابه وكان دائماً يصر على أن يعطي وزراؤه صورة أخلاقية متزنة عن أنفسهم للفرنسيين ووسائل الإعلام. وحسب مصادر الإليزيه، فقد تضايق هولاند بقوة من فضيحة رحلة برلين واستقبل رئيس وزرائه الثلاثاء الماضي ببرود، وقال له حسب المصادر نفسها "إن سلوكه وتعامله مع الضجة هو بمثابة "خطأ سياسي" عليه تداركه بأسرع وقت ممكن. وانه لا يمكن الخلط بين سفر عمل وسفر للترفيه الشخصي".

اقرأ أيضاً: الانتخابات الفرنسية 2015: اليمين يهدد فالس في عقر داره

واكتست الضجة بعداً إضافياً مع نشر قناة "BFMTV" لاستطلاع رأي أنجزته مؤسسة "إيلاب"، وأفاد بأن 77 في المائة من الفرنسيين "مصدومون" من رحلة رئيس الوزراء ونجليه إلى برلين. وبات واضحاً أن الضجة بدأت بالتحوّل إلى فضيحة سياسية قد تهدد مستقبل فالس السياسي وتلطخ سمعة الحكومة الاشتراكية وخصوصاً أن المعارضة اليمينية تجنّدت للهجوم على فالس في مختلف وسائل الإعلام. وعلى الرغم من أن المسؤولين الاشتراكيين والوزراء أشهروا علناً تضامنهم مع رئيس الوزراء إلا أن العديد منهم كان يتذمر سراً من سلوك فالس وفشله في إدارة هذه الأزمة.

وحاول فالس أن يخفف الضجة المتصاعدة بتحمّله مسؤولية رحلة برلين وإعلانه التزامه بدفع مبلغ 2500 يورو تعويضاً لاصطحابه نجليه في طائرة فالكون الوزارية على الرغم من أن نجليه، كما أصرّ على ذلك، لم يكلفا الدولة شيئاً. وفي رد غير مباشر على نتائج الاستطلاع، قال فالس "إنني حساس لما يفكر به المواطنون الفرنسيون، وبحكم موقعي عليّ أن أجسّد سلوكاً مثالياً في غاية الصرامة"، مضيفاً "لو عادت الأمور إلى الوراء فلن أكرر ما فعلت".

غير أن عدداً من شخصيات المعارضة اليمينية انتهزوا الفرصة لصب الزيت على النار مبدين عدم اقتناعهم بتبريرات فالس، وعلى رأسهم النائب كزافيه برتران الذي اعتبر "كلام فالس غير مقنع، وهو اكتفى بتقديم نصف اعتذار على خطأ كامل".

وأبدى عدد من المعلّقين السياسيين الفرنسيين استغرابهم الشديد للطريقة المرتبكة التي تعامل بها فالس مع هذه الضجة منذ اندلاعها وتخبّطه في تبريرات متناقضة، جعلت الضجة تتصاعد بدل أن تخف، وهو الخبير باستراتيجيات التواصل السياسي والمعروف بدهائه في هذا المجال، وخصوصاً أنه كان المسؤول عن التواصل أثناء الحملة الانتخابية التي قادت هولاند إلى الانتصار في الانتخابات الرئاسية.

اقرأ أيضاً: فالس: فرنسا أحبطت خمس عمليات إرهابية

المساهمون