الطالب وفا هيثم خليفة، متفوق في علاماته، ويشهد له أساتذته في المدرسة الإسلامية بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، بذكائه وعبقريته في الرياضيات على وجه الخصوص والمواد الأخرى.
استطاع أن يحققّ علامة عالية في الثانوية العامة هذا العام، حيث حصل على نتيجة 98.3 في الفرع العلمي. لم تسع الفرحة عائلته، فكان ابنهم البكر، أول من يدخل الفرحة من أوسع أبوابها على بيتهم، لكنها سرعان ما تبددت في أول محاولة له للتسجيل في كلية الطب التي يحلم بدخولها منذ صغره.
يقول هيثم خليفة، والد وفا، لـ"العربي الجديد": "قمت بإلغاء حفلة المباركة، بعد أن رفضت جامعة النجاح الوطنية إدخال ابني وفا إلى كلية الطب بسبب تأخره عُشرين عن المعدل المطلوب كي يدخل الكلية بالسعر الطبيعي، بل اشترطوا أن يدفع نصف ضعف المبلغ وهو ما يسمى "موازياً" كي يدخل الكلية.
ويضيف: السعر الطبيعي الذي يدفعه الطالب المتفوق يبلغ نحو 140 دولاراً، مقابل ساعة الطب، حيث يتم تسجيل 21 ساعة في كل فصل، أي 2940 دولارا كل فصل، هذا إذا كان معدل الطالب 98.5 يتم قبوله بهذا المبلغ، بحسب نظام جامعة النجاح.
تأخر معدل الطالب وفا بعُشرين فقط، كان كفيلا بأن تشترط الجامعة دخوله على النظام الموازي، والذي من خلاله سيدفع 210 دولارات مقابل كل ساعة، أي أكثر من 4400 دولار في الفصل الدراسي، وذلك وفقا لنظام الجامعة المفعل منذ سنوات.
يقول خليفة: "هذا مبلغ كبير وأنا لا أستطيع توفيره، أنا أعمل مراقباً في وزارة الصحة بنابلس، وأتقاضى راتبا متواضعا لا يتعدى 790 دولاراً، وهذا المبلغ بالكاد يكفي لمصاريف أولادي وبناتي السبعة، فكيف سأدفع مبلغ دراسة وفا وهو باهظ جدا، حتى دون أن يكون على النظام الموازي، فهو مبلغ ليس بقليل ومن الصعب أيضا توفيره".
ويشير إلى أن ابنه من الطلاب الأذكياء، والمتفوقين في مدارس نابلس، حيث كانت العائلة ترقبه وهو يدرس بشكل متواصل من أجل الحصول على نتيجة مشرفة كهذه، كما أنه يعتبر عبقريا في مادة الرياضيات، إذ حصل على نتيجة 199 من أصل 200 علامة، علما بأنه رفض أن يأخذ دروسا خصوصية من قبل مدرسين مختصين كبقية الطلاب، وبسبب الفارق البسيط في علامته، تضطر العائلة لأن تنتظر منحة في غياب خيارات متاحة أمامهم.
بدوره يقول الطالب وفا خليفة لـ"العربي الجديد": "ربما أستطيع البحث عن إحدى المنح التي تُقدم للطلاب ودراسة الطب خارج فلسطين، لكن لماذا عليّ أن أخرج من مدينتي ومنطقتي وجامعاتها توفر لي دراسة الطب، أنا أفضل أن أدرس في وطني ومع عائلتي، وأن أقلل من تكاليف المصروف اليومي عليهم، فإذا خرجت إلى إحدى الجامعات في أي دولة، ستكون تكاليف الحياة اليومية أكبر من تكاليفها إذا تم قبولي في جامعة النجاح القريبة من مكان سكني".
يضيف: "دراسة الطب هي القرار الوحيد الذي اتخذته منذ طفولتي، ولن أتراجع عنه، فهو حلمي الذي وصلت الليل بالنهار وأنا أجتهد وأدرس خلال الثانوية العامة، وبذلت جهدي في أن أحقق هذه النتيجة، وعلى الرغم من العائق المادي والفارق البسيط في معدل القبول، إلا أنني ما زلت على قراري وخياري في دراسة الطب".
يشير والد وفا إلى أن البعض أشاروا عليه بالحديث إلى أحد المسؤولين لتسهيل تسجيل ابنه في الكلية، إلا أنه لا يعرف طريقا للوصول إلى أحدهم وفق ما يقول.
في المقابل قال عميد شؤون الطلاب في جامعة النجاح الوطنية، موسى أبو دية، لـ"العربي الجديد": "إن هذا النظام تعمل عليه جامعة النجاح الوطنية منذ سنوات، وهناك إقبال كبير على دراسة الطب من قبل الطلاب الناجحين في الثانوية العامة، وإذا ما مررنا حالة الطالب وفا فإن هناك العشرات ممن سيطلبون الدخول إلى الكلية بذات الطريقة، ولهذا فإننا نعمل وفق النظام القائم حاليا".