فادي مراد.. الفن شهيداً تحت التعذيب

14 ابريل 2014
"برزخ" / الفنان الشهيد فادي مراد
+ الخط -
باسل شحادة، وائل قسطون... والآن: فادي مراد، وعزرائيل لم يشبع بعد.

ليسوا إرهابيين هؤلاء، ولم يحملوا سلاحا.

امتشقوا اللون والصورة واللوحة بكل براءة، ظنّاً منهم أنها تحميهم من عسف المستبد. خدعتهم براءتهم إذ لم يدركوا أن المستبد يتربص بهم أكثر من "الإرهابي" لأنهم فضيحته التي لا يقدر على اتهامها بشيء سوى الحلم بالحرية، التي أضحت في سوريا فتنة وغواية تودي بصاحبها إلى معانقة الموت قتلا وتحت التعذيب.

ولأن الفن في سوريا لم يعد معمداً باللون بل بالدم، تحوّل الفنان التشكيلي "فادي مراد" البالغ من العمر أربعة وثلاثين عاما إلى لوحة أخرى في معرض الراحلين إلى الموت قسراً.

اختفى الفنان في الأول من آب/ أغسطس 2013 أثناء عودته من عمله، دون أن يتمكن أهله من معرفة مكانه، إلى أن تلقوا خبر مقتله من سلطات الأمن التي طلبت منهم الحضور لاستلام جثته.

مقتل الفنان تحوّل خبراً أوّلاً على الفيسبوك، حيث نعاه أصدقاءه ورفاقه الفنانون والشعراء. إذ كتب الشاعر السوري المقيم في السويد فرج بيرقدار مخاطباً أبا الفنان (هو فنان أيضاً) بالقول: "صديقي الفنان التشكيلي الحمصي عبدالله مراد.. فقد وحيده الفنان التشكيلي فادي مراد تحت تعذيب أجهزة مخابرات الأسد. لا سبيل لي إلى العزاء.. قلبي عليك صديقي عبدالله.. أعرف أنك ترى شعبنا بكامل تضحياته، وآمل لك أن تجد أي نوع من العزاء لأشاركك فيه".

أمّا النحات السوري المقيم في الإمارات عاصم الباشا(الذي فقد أخاه "نمير" أيضا تحت التعذيب) فكتب: "أنا فادي مراد.. وصلت إلى يبرود في طريقي إلى حمص! سأبقى فيهما". ليعود ويكتب مرة أخرى معزياً الأب: " أقول دومًا أن صديقي عبدالله مراد من كبار المصوّرين لأنه ملوّن بامتياز. لن أستغرب إن اختزل الألوان بالأسود بعد غياب فادي".

وكتب الفنان الشاب تمّام عزام: "عبدالله مراد. كلما شاهدت واحدة من لوحاتك في العام الماضي، تساءلت عن حرقة قلب أب ينتظر معتقلاً في بلد الموت. كيف العزاء وقد عاد شهيداً؟ لم يعد للكلام معنى".

هكذا أضحى الفن السوري: فنان يرثي زميله، وقلبه يخفق على زميل آخر لا زال في المعتقل خوفا من مصير مشابه. ولسان عجزهم يقول: ماذا ينفع الفن، إن كنّا عاجزين عن إيقاف موتهم. وماذا ينفع رسم الحرية والحلم بها إن كنّا سنموت ولن ننعم بها؟!

المساهمون