إن كان للناقد الموسيقي دور كبير في إنارة الطريق أمام المشتغلين في مجال الفنون الموسيقية، للسير بهم نحو دفة الأمان الإنتاجي، والذوق الموسيقي الرفيع، الذي يطمح إليه عادة ضمن تجارب تسوغها خبراته الشخصية، فإن خير تجربة نستطيع تذوقها أمام ضآلة التقديم النقدي وتلمسها عن قرب، من خلال الشاعر والناقد الموسيقي اللبناني فادي العبد الله.
عندما يتراجع مستوى الأغنية والموسيقى العربية، بمواجهة ارتفاع منسوب الأغنية المعاصرة العشوائية، لا يعود هناك من يستطيع فهم الثقافة الموسيقية بشكلها القديم والحديث، سوى نقد بنّاء وهادف يهيم بمضامين الموسيقى العربية، ويناقش السبل القادرة على وضع أطر سليمة يحتاجها النقد الموسيقي قبل التوجه إلى معالجة أوجه القصور الفنية، والتفرقة ما بين مفهوم النقد الموسيقي والتحليل المنهجي.
وهنا، يرى العبد الله أن "النقد الموسيقي يختلف عن التحليل الأكاديمي، لجهة ابتعاده عن التقريرية المتعالية، وربطه بخبرات المتلقي والدور الذي تسمح به الموسيقى لفهم المجتمع وبالعكس، إضافة إلى فهم ضرورات التجدد الموسيقي وشروطه".
وإن كان للأغنية الحديثة، التي يغلب عليها الطابع التجاري والربح المادي السريع، تأثير على شرائح كبيرة من المجتمعات العربية، دفعت إلى تدهور الذوق وتأجيج كافة الوسائل التي تغير من سلوكيات المجتمع الفني ودفعه نحو المفهوم الغربي، فإن ذلك لا يقلل من أهمية وجود بعض التجارب الموسيقية الحديثة التي تثير اهتمام العبد الله، مشيرًا إلى أن "بعض تلك التجارب تقترب من مرحلة نضجها، مثل عزف وموسيقى حازم شاهين، وطارق عبد الله، وليال شاكر ومصطفى سعيد". يضيف: "أتوسم في هذه التجارب إضافات مهمة في مضمونها الموسيقي والتقني، وسبر احتمالات كثيرة لموسيقانا".
من ناحية أخرى، تسعى بعض الأسماء والفرق المعاصرة إلى تشكيل هويتها الموسيقية الخاصة عبر تغيير ملامح الأغنية الكلاسيكية ودمجها بالحديثة، وإخراجها من حالة التنميط السمعي بتوزيعات لحنية جديدة، منهم التونسية غالية بن علي، والفنانة اللبنانية ريما خشيش، التي تمتاز بأسلوب غنائي يمزج الأغنية العربية القديمة وموسيقى الجاز.
وعلى ضوء ذلك، يقول العبد الله إن "هناك فرقاً بين إعادة توزيع ألحان من الماضي، مع إضافة إيقاعات أو آلات جديدة، وبين اكتشاف الاحتمالات الكامنة في موسيقى هذه الألحان وقواعدها، وبذلك نرى الكثير من التسجيلات التجارية، والقليل من الأعمال الثرية متعددة الأبعاد، كعمل (دقيقة تأخير عن الواقع)، لريما خشيش وربيع مروة، الذي لم يصدر للأسف رغم تقديمه سابقًا على خشبة المسرح".
السعي إلى تطوير الأنماط القديمة، أمر ليس بالسهل، وإن حصل، قد يشتت ذلك حالة الانسجام التي بنيت عليها علاقة المستمع بالنموذج الأصلي، لكن التجربة هي بنيان التطور الموسيقي، ودليل انفتاحه على مفاهيم تلامس الأذواق العربية وتجردها من تقليديتها مع الحفاظ على بعض الأساسيات والثوابت.
ومن هنا كان لا بد لنا من العودة مع فادي العبد الله إلى الماضي الأصيل ومعرفة الشخوص التي ما زالت تشغل ذاكرته وتثري فكره الموسيقي، فيقول: "إن كان في الإمكان العودة إلى الوراء، فبالطبع أتمنى مقابلة الشيخ علي محمود، لفهم دوره المركزي في تطوير تقنيات الغناء كما نعرفها، ومعرفة ما كان يحب الاستماع إليه".
أما عن المرجعيات الحديثة منها أو القديمة التي تلائم ذوق العبد الله وينصح القارئ والمتذوق الموسيقي بالأخذ بها، فيؤكد قائلًا: "بالطبع أنصح بمتابعة ما يكتبه أو يذيعه الباحث الفرنسي والمتخصص في مجال الموسيقى المصرية في عصر النهضة فريدريك لاغرانج، إضافة إلى كل من محسن صوة وطارق العبد الله، ومصطفى سعيد، وكثير من كتّاب موقع معازف المتخصص في الشؤون الموسيقية، فضلًا عن إصدارات مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية".
عندما يتراجع مستوى الأغنية والموسيقى العربية، بمواجهة ارتفاع منسوب الأغنية المعاصرة العشوائية، لا يعود هناك من يستطيع فهم الثقافة الموسيقية بشكلها القديم والحديث، سوى نقد بنّاء وهادف يهيم بمضامين الموسيقى العربية، ويناقش السبل القادرة على وضع أطر سليمة يحتاجها النقد الموسيقي قبل التوجه إلى معالجة أوجه القصور الفنية، والتفرقة ما بين مفهوم النقد الموسيقي والتحليل المنهجي.
وهنا، يرى العبد الله أن "النقد الموسيقي يختلف عن التحليل الأكاديمي، لجهة ابتعاده عن التقريرية المتعالية، وربطه بخبرات المتلقي والدور الذي تسمح به الموسيقى لفهم المجتمع وبالعكس، إضافة إلى فهم ضرورات التجدد الموسيقي وشروطه".
وإن كان للأغنية الحديثة، التي يغلب عليها الطابع التجاري والربح المادي السريع، تأثير على شرائح كبيرة من المجتمعات العربية، دفعت إلى تدهور الذوق وتأجيج كافة الوسائل التي تغير من سلوكيات المجتمع الفني ودفعه نحو المفهوم الغربي، فإن ذلك لا يقلل من أهمية وجود بعض التجارب الموسيقية الحديثة التي تثير اهتمام العبد الله، مشيرًا إلى أن "بعض تلك التجارب تقترب من مرحلة نضجها، مثل عزف وموسيقى حازم شاهين، وطارق عبد الله، وليال شاكر ومصطفى سعيد". يضيف: "أتوسم في هذه التجارب إضافات مهمة في مضمونها الموسيقي والتقني، وسبر احتمالات كثيرة لموسيقانا".
من ناحية أخرى، تسعى بعض الأسماء والفرق المعاصرة إلى تشكيل هويتها الموسيقية الخاصة عبر تغيير ملامح الأغنية الكلاسيكية ودمجها بالحديثة، وإخراجها من حالة التنميط السمعي بتوزيعات لحنية جديدة، منهم التونسية غالية بن علي، والفنانة اللبنانية ريما خشيش، التي تمتاز بأسلوب غنائي يمزج الأغنية العربية القديمة وموسيقى الجاز.
وعلى ضوء ذلك، يقول العبد الله إن "هناك فرقاً بين إعادة توزيع ألحان من الماضي، مع إضافة إيقاعات أو آلات جديدة، وبين اكتشاف الاحتمالات الكامنة في موسيقى هذه الألحان وقواعدها، وبذلك نرى الكثير من التسجيلات التجارية، والقليل من الأعمال الثرية متعددة الأبعاد، كعمل (دقيقة تأخير عن الواقع)، لريما خشيش وربيع مروة، الذي لم يصدر للأسف رغم تقديمه سابقًا على خشبة المسرح".
السعي إلى تطوير الأنماط القديمة، أمر ليس بالسهل، وإن حصل، قد يشتت ذلك حالة الانسجام التي بنيت عليها علاقة المستمع بالنموذج الأصلي، لكن التجربة هي بنيان التطور الموسيقي، ودليل انفتاحه على مفاهيم تلامس الأذواق العربية وتجردها من تقليديتها مع الحفاظ على بعض الأساسيات والثوابت.
ومن هنا كان لا بد لنا من العودة مع فادي العبد الله إلى الماضي الأصيل ومعرفة الشخوص التي ما زالت تشغل ذاكرته وتثري فكره الموسيقي، فيقول: "إن كان في الإمكان العودة إلى الوراء، فبالطبع أتمنى مقابلة الشيخ علي محمود، لفهم دوره المركزي في تطوير تقنيات الغناء كما نعرفها، ومعرفة ما كان يحب الاستماع إليه".
أما عن المرجعيات الحديثة منها أو القديمة التي تلائم ذوق العبد الله وينصح القارئ والمتذوق الموسيقي بالأخذ بها، فيؤكد قائلًا: "بالطبع أنصح بمتابعة ما يكتبه أو يذيعه الباحث الفرنسي والمتخصص في مجال الموسيقى المصرية في عصر النهضة فريدريك لاغرانج، إضافة إلى كل من محسن صوة وطارق العبد الله، ومصطفى سعيد، وكثير من كتّاب موقع معازف المتخصص في الشؤون الموسيقية، فضلًا عن إصدارات مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية".