فادية أحمد.. بيروت في مراجعة فوتوغرافية أخرى

28 يناير 2020
(صورة لساحل مدينة بيروت، 2016، من المعرض)
+ الخط -

تشكّلت صورة بيروت الفوتوغرافية على نحو معقّد، حيث الجميع يتذكّر "الحرب الأهلية اللبنانية" (1975 - 1990) رغم انتهائها منذ ثلاثين عاماً، ربما لأن بعضاً من أثرها ورمادها لا يزال جاثماً، ولأنها لم تزل حاضرة في الذاكرة السياسية والاجتماعية، ما يخلق على الدوام أكثر من زاوية ومنظور لرؤية حدث لمّا يتوقّف بعد.

تحضر المدينة وكأنها تخرج من أزمة وتستعد لأخرى؛ في حالة مخاض دائم لتغيير ربما يأتي ذات يوم، وآخرها الاحتجاجات الشعبية التي تتواصل منذ أكثر من ثلاثة شهور بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، لكنها في الوقت نفسه مدينة "مُمجَّدة" في عدسات المصوّرين الذين يبحثون دوماً عن جمال يناقض الخراب.

"بيروت بيروت" عنوان معرض الفنانة الفوتوغرافية اللبنانية فادية أحمد الذي يُفتتح عند السادسة من مساء الإثنين، الثالث من الشهر المقبل، في "المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة" في عمّان، ويتواصل حتى الثالث والعشرين من مارس/آذار المقبل.

توقّع أحمد في يوم الافتتاح كتابها (2019) الذي يحمل عنوان المعرض ذاته، ويتضمّن حوالي مئة وعشرين صورة، تتناول "زوايا الشوارع والبقالين والصيادين والسباحين والفنانين في الطرقات، والعديد من المباني المنهارة تجاورها أبنية جديدة، ضمن دراسة بصرية بدأتها عام 2003 لحركة السكان وعدد من معالم المدينة"، بحسب تقديم الكتاب.

من المعرضمن الأماكن التي اختارتها المصوّرة متحف بيت بيروت الذي كان يطلّ على خط التماس بين المليشيات المتقاتلة أثناء الحرب الأهلية عند تقاطع بشارة الخوري/السوديكو، إلى جانب توثيقها البيوت البيروتية ومنظر الأسلاك الكهربائية المتشابكة تحت سماء ملبّدة بالغيوم، كما لا يغيب الصيادون الذين باتوا عنصراً أساسياً في أعمال عدّة مصوّرين لبنانيين يجسّدون يوميات مهنتهم الصعبة بسبب التلوّث المتزايد في البحر.

يتألّف المعرض كما الكتاب من سبعة أقسام، هي: الجغرافيا الحضرية، ومحطة القطار أو الوقت الضائع، والتناقضات المعمارية بين الماضي والحاضر، والمجتمعات، وحياة الشوارع، والصيادين، والمتنزه البحري والكورنيش، تختلط فيها الصور الملوّنة بصور الأبيض والأسود.

لم تقم الفنانة بأية عملية مونتاج للصور، في تركيز منها على إظهار مفارقاتها من غير إضافة، ومنها صورة لمحطّة القطار في منطقة مار مخايل، والتي توقّفت نهائياً عن العمل منذ حوالي ثلاثة عقود من دون إبداء أسباب مقنعة بعد تشغيلها مئة عام لنقل البضائع والركّاب.

كما تظهر الحمامات الرومانية التي اكتشفت في العاصمة اللبنانية نهاية الستينيات، وعجزت الحكومة عن تأهيلها لاستقبال الزوّار، لتحال إلى استثمار خاص مثل حال مواقع أثرية أخرى في لبنان. كما توضّح صور أخرى حال بعض المباني القديمة في بيروت التي لم تعد تشبه نفسها بعد عملية ترميمها.

إلى جانب مشاهد رواد المقاهي الشعبية، وعدد من الدكاكين والمحلات، وحوانيت بيع الخردوات، ومبانٍ تقع داخل المدينة، تبدو طبقات متراكمة فوق بعضها تكتظ أسطحها ببقايا الدمار وآثار الرصاص وبأشياء تدلّ على الحياة، وأخرى تطلّ على بحرها في مناطق المنارة وعين المريسة الساحلية، ومنها صورة لحبل مشدود على سارية أمامها أمواج هادرة.

المساهمون