فاء، فلسطين..
في فصول عروبتنا المدرسية تعلمنا الحروف والكلمات بدلالات ثرية المعنى..
ثاء.. ثورة، حاء.. حرية، كاف.. كرامة، ميم.. مقاومة.
فنسجت خيوط فلسطين في أوصالنا ورسمت خريطتها في أوردتنا.. أضحت القلب في قلب كلٍ منا، والنبض الحيّ فينا مهما بَعدنا وتلاهينا، أصبحت الروح وابتسامات النفس وهدهداتها، وباتت أهازيج الفرح والحزن وتمتمات أيامنا..
إن ما يميز فلسطين أنها قضيتنا الأولى، عروبتنا الأولى، قدسيتنا الأولى، هي نقطتنا المحورية وارتكاز ثوراتنا، إلا أن شيئاً تغيّر فينا، وفي أولويات مصيرنا.
رغم أنه خلال ثورات الربيع العربي رُفعت شعارات تحرير فلسطين والقدس وأن تحريرهما يبدأ من تحرير أوطاننا، إلا أن عدونا الداخلي كان أقوى وأقسى ليُخمد هذه الأمنيات في قلوبنا!
فلم تتراجع القضية فينا يوماً، ولم يتراجع دورها وقوتها في مسامنا، لم نطوها من دفاتر عقولنا وقلوبنا، أو ذاكرة تاريخنا، إلا أننا قمنا بثورات قلبت الدنيا رأساً على عقب بما فيها رؤوسنا، وعندما كنا نطالب بالحرية والكرامة والعدالة ونسعى لاستعادة الريادة وامتلاك الإرادة والقرار الوطني وعدم التبعية، كانت أعيننا صوب فلسطين.
إلا أن انشغالنا بأوطاننا ربما جعل القضية تتراجع في واقعنا الفعلي، انشغلنا بالثورة على الاستبداد والظلم والفساد وانتهاكات حقوق الإنسان وسقوط الشهداء في بلادنا، ولم يشغلنا سوى الشأن الداخلي فبات ما دون ذلك مؤجلاً إلى حين، وإن بلغت أهميته ذروتها.
لم يكن انشغالنا بالوطن هو السبب المفرد في واقعنا البائس، دعونا لا نغفل ما ترتكبه الأنظمة القمعية في حق القضية الفلسطينية، إنها تُهمل القضية عن عمدٍ وتُسقطها من حسابات شعوبها، ولا تدعمها سياسياً ومادياً وتأريخياً، بعد أن كانت تهتم بها إعلامياً في السابق ادعاء منها وهشاشةً واتجاراً، وفضلّت الانشغال قمعاً وسحقاً للثورات على أرضها، بل إن ثورات الأنظمة المضادة هي التي جعلت من القضية هامشية ومنحسرة عن المشهد الرئيسي للشعوب الثائرة!
كما أن إعلام تلك الأنظمة المستبدة شنّ هجوماً حاداً بعد ثورات الربيع على فصائل المقاومة الفلسطينية ونعتها بالمجموعات الإرهابية التي تعتدي على حدود جيرانها، فكانت تُشّوه المقاومة، فاستغل الكيان الصهيوني هذا الهجوم لصالحه ومصالحه السوداء، فراح يؤكد صداقته للأنظمة ويعقد تحالفات معها لمحاربة الإرهاب كهدف واحد للجميع، كما أنه شن حربين على قطاع غزة في ظلّ انشغال الشعوب بالثورات، والأنظمة بقمعها، مراهناً على عدم التحرّك الشعبوي ضدها وقد كان!
ثم تتوالى مراهنات الكيان الغاصب بإعلانه بأنه لا وجود لما يسمى الدولة الفلسطينية بفجاجة، وسط صمت عربي ودولي متواطئ، وانشغال الشعوب بالمطالبة بحريتها وكرامتها وعدالتها. فالاعتداءات المتكررة من قوات الاحتلال والمستوطنين، والملاحقات الأمنية بمساعدة السلطة الفلسطينية، كذلك الاعتقالات وهدم البيوت وبناء المغتصبات، حتى الفعل الدموي الشنيع بحرق الرضيع الفلسطيني "علي دوابشة" ذي الـ 18 شهراً، وسط الصمم العربي والدولي الرسمي.
الأسباب لا تنتهي فهناك جذبٌ شيطانيّ غير مسبوق للمنطقة بأسرها لحرب طائفية، غيرت مفهوم العدو لدى الكثير، من العدو الصهيوني للعدو الطائفي صنيع المرحلة!
يبقى العمل النضالي اليومي هو ما ينقصنا. فالمقاومة أصبحت مقصورة على رد العدوان، وأعمال فردية هنا وهناك في الضفة والقدس، وذلك لأنها باتت ممنوعة ومُحرّمة من قِبل السلطة الفلسطينية، مقبوضاً على ممارسيها، ومصادرة أسلحتها الموجهة صوب العدو الحقيقي.
ربما أصبحت لأوطاننا الأولوية على فلسطين، ولكن هذا خطؤنا المتدارك دائما!
راسلونا على: Jeel@alaraby.co.uk
ثاء.. ثورة، حاء.. حرية، كاف.. كرامة، ميم.. مقاومة.
فنسجت خيوط فلسطين في أوصالنا ورسمت خريطتها في أوردتنا.. أضحت القلب في قلب كلٍ منا، والنبض الحيّ فينا مهما بَعدنا وتلاهينا، أصبحت الروح وابتسامات النفس وهدهداتها، وباتت أهازيج الفرح والحزن وتمتمات أيامنا..
إن ما يميز فلسطين أنها قضيتنا الأولى، عروبتنا الأولى، قدسيتنا الأولى، هي نقطتنا المحورية وارتكاز ثوراتنا، إلا أن شيئاً تغيّر فينا، وفي أولويات مصيرنا.
رغم أنه خلال ثورات الربيع العربي رُفعت شعارات تحرير فلسطين والقدس وأن تحريرهما يبدأ من تحرير أوطاننا، إلا أن عدونا الداخلي كان أقوى وأقسى ليُخمد هذه الأمنيات في قلوبنا!
فلم تتراجع القضية فينا يوماً، ولم يتراجع دورها وقوتها في مسامنا، لم نطوها من دفاتر عقولنا وقلوبنا، أو ذاكرة تاريخنا، إلا أننا قمنا بثورات قلبت الدنيا رأساً على عقب بما فيها رؤوسنا، وعندما كنا نطالب بالحرية والكرامة والعدالة ونسعى لاستعادة الريادة وامتلاك الإرادة والقرار الوطني وعدم التبعية، كانت أعيننا صوب فلسطين.
إلا أن انشغالنا بأوطاننا ربما جعل القضية تتراجع في واقعنا الفعلي، انشغلنا بالثورة على الاستبداد والظلم والفساد وانتهاكات حقوق الإنسان وسقوط الشهداء في بلادنا، ولم يشغلنا سوى الشأن الداخلي فبات ما دون ذلك مؤجلاً إلى حين، وإن بلغت أهميته ذروتها.
لم يكن انشغالنا بالوطن هو السبب المفرد في واقعنا البائس، دعونا لا نغفل ما ترتكبه الأنظمة القمعية في حق القضية الفلسطينية، إنها تُهمل القضية عن عمدٍ وتُسقطها من حسابات شعوبها، ولا تدعمها سياسياً ومادياً وتأريخياً، بعد أن كانت تهتم بها إعلامياً في السابق ادعاء منها وهشاشةً واتجاراً، وفضلّت الانشغال قمعاً وسحقاً للثورات على أرضها، بل إن ثورات الأنظمة المضادة هي التي جعلت من القضية هامشية ومنحسرة عن المشهد الرئيسي للشعوب الثائرة!
كما أن إعلام تلك الأنظمة المستبدة شنّ هجوماً حاداً بعد ثورات الربيع على فصائل المقاومة الفلسطينية ونعتها بالمجموعات الإرهابية التي تعتدي على حدود جيرانها، فكانت تُشّوه المقاومة، فاستغل الكيان الصهيوني هذا الهجوم لصالحه ومصالحه السوداء، فراح يؤكد صداقته للأنظمة ويعقد تحالفات معها لمحاربة الإرهاب كهدف واحد للجميع، كما أنه شن حربين على قطاع غزة في ظلّ انشغال الشعوب بالثورات، والأنظمة بقمعها، مراهناً على عدم التحرّك الشعبوي ضدها وقد كان!
ثم تتوالى مراهنات الكيان الغاصب بإعلانه بأنه لا وجود لما يسمى الدولة الفلسطينية بفجاجة، وسط صمت عربي ودولي متواطئ، وانشغال الشعوب بالمطالبة بحريتها وكرامتها وعدالتها. فالاعتداءات المتكررة من قوات الاحتلال والمستوطنين، والملاحقات الأمنية بمساعدة السلطة الفلسطينية، كذلك الاعتقالات وهدم البيوت وبناء المغتصبات، حتى الفعل الدموي الشنيع بحرق الرضيع الفلسطيني "علي دوابشة" ذي الـ 18 شهراً، وسط الصمم العربي والدولي الرسمي.
الأسباب لا تنتهي فهناك جذبٌ شيطانيّ غير مسبوق للمنطقة بأسرها لحرب طائفية، غيرت مفهوم العدو لدى الكثير، من العدو الصهيوني للعدو الطائفي صنيع المرحلة!
يبقى العمل النضالي اليومي هو ما ينقصنا. فالمقاومة أصبحت مقصورة على رد العدوان، وأعمال فردية هنا وهناك في الضفة والقدس، وذلك لأنها باتت ممنوعة ومُحرّمة من قِبل السلطة الفلسطينية، مقبوضاً على ممارسيها، ومصادرة أسلحتها الموجهة صوب العدو الحقيقي.
ربما أصبحت لأوطاننا الأولوية على فلسطين، ولكن هذا خطؤنا المتدارك دائما!
راسلونا على: Jeel@alaraby.co.uk