خمسة أيامٍ مضت على طرد مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) من مدينة الطبقة، التي بقيت خاضعة لنفوذهم منذ بداية عام 2014، لكن السكان المتبقين في المدينة، والذين تُقدر أعدادهم حالياً بنحو 20 ألفاً، ما زالوا يعيشون ظروفاً صعبة، نتيجة استمرار غياب خدمات الكهرباء ومياه الشرب وشبكة الإنترنت عن مدينتهم، التي تقع غربي مدينة الرقة بنحو خمسةٍ وأربعين كيلو متراً.
وفيما تنتظر عائلاتٌ أخرى فرت من مدينة الطبقة نتيجة المعارك وغارات الطيران، أن تتحسن ظروف العيش في تلك المدينة، وعودة الخدمات الأساسية لها، حتى يعودوا إلى بيوتهم التي هجروها، فإن عائلات أخرى تقول إنها لن تعود إلى المدينة، خشية تجاوزات وانتهاكات قد ترتكبها "قوات سورية الديمقراطية" بحقهم.
ويسكن في مدينة الطبقة حالياً نحو عشرين ألف مدني، بحسب معظم الناشطين الذين تحدثوا لـ"العربي الجديد" اليوم الإثنين، في حين كان عدد سكان الطبقة يتجاوز الخمسين ألف نسمة عام 2010، وانخفض تدريجياً نتيجة معارك كثيرة شهدتها المدينة، التي تعاقبت أربع جهات السيطرة عليها خلال السنوات الست الأخيرة.
وكانت الطبقة خاضعة لسيطرة النظام قبل أن يبسط الجيش السوري الحرّ نفوذه هناك، في فبراير/شباط 2013، ليقتحمها مسلحو "داعش" بداية 2014، قبل أن تسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية" في العاشر من الشهر الجاري.
ويقول الناشط الإعلامي الذي ينحدر من المدينة مهاب الناصر، إن "السكان في الطبقة حالياً يعيشون بلا كهرباء، ويعتمد بعض السكان على المولدات التي تعمل بالوقود لتأمين التيار الكهربائي"، مشيراً إلى أن "معظم أجزاء المدينة، تعاني جراء عدم وصول مياه الشرب إلى منازل المدنيين"، رغم أن الطبقة تتموضع قرب أهم سدود المياه في سورية، والذي يحتجز خلفه بحيرةً ضخمة، يصل طولها لنحو ثمانين كيلو متراً، بعرض خمسة كيلو مترات في بعض المناطق، وبسعة تخزينية تقارب أربعة عشر مليار مكعب من المياه.
ويقول الناصر الذي غادر الطبقة منذ سيطرة "داعش" عليها واستقر في تركيا، لكنه على اتصالٍ يومي بأقاربه الذين يقيمون هناك، إن "مليشيات قسد (قوات سورية الديمقراطية) نهبوا عشرات المنازل في الطبقة بعد أن دخلوها قبل أيام"، مضيفاً أن "بعض الأهالي الذين أعرفهم يرغبون بالعودة إلى منازلهم في الطبقة، لكنهم متخوفون من ممارساتٍ ربما تطاولهم، فضلاً عن انتظارهم لتحسن الوضع هناك".
ويؤكد الناصر أن "عدداً كبيراً من الأهالي الذين غادروا الطبقة خلال الأسابيع الماضية، واستوطنوا في ما يشبه مخيماتٍ بدائية مؤقتة أقيمت على عجل قرب الطبقة، بدأوا بالعودة إلى منازلهم"، مشيراً إلى أن مخيم "القرين" غرب المدينة أغلقَ تماماً، وعاد كل من كان يقيم فيه إلى الرقة، في حين لا يزال سكانٌ آخرون يعيشون ضمن مخيمات بدائية بريف الطبقة الشرقي، ومنها مخيم الصفصافة.
وبحسب أحد أهالي الطبقة الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم ذكر اسمه، فإن مئات العائلات من أهالي الطبقة الذين نزحوا منها إلى مناطق قريبة شمال شرقي سورية، أو إلى داخل الأراضي التركية "تنتظر تحسن الوضع ليعودوا إلى مدينتهم، خاصة أن معظمهم يملكون أراضي زراعية وموارد رزقٍ في الطبقة، وهم يعانون الحياة المرة وانعدام مصادر الدخل في المناطق التي يعيشون فيها الآن".
وأوضح إن "بعض أفران الخبز باشرت عملها في الطبقة، كما فتحت بعض المحال التجارية التي تبيع المواد الغذائية الأساسية أبوابها، لكن لا توجد كهرباء ولا شبكة إنترنت حالياً"، متحدثاً عن "عمليات نهب كثيرة طاولت منازل النازحين من المدينة".