تباينت المواقف والقراءات السياسية في الجزائر إزاء التعديل الحكومي، الذي أجراه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الأربعاء، على الفريق الحكومي، لكن أغلب القراءات تقاطعت عند عدم فهم مبررات هذا التعديل وغاياته السياسية.
وفي ظل واقع سياسي متشابك وتوترات اجتماعية متزايدة، جاء التعديل الحكومي الطفيف الذي مسّ أربع وزارات ليضيف مزيداً من الغموض السياسي في البلد، في أفق يتسم أيضاً باعتبارات مرحلية ذات صلة بالاستعداد للاستحقاق الرئاسي المقرر في ربيع السنة المقبلة.
وبرأي المحلل السياسي، حسن خلاص، فإن الحديث السابق كان باتجاه تعديل حكومي أعمق من ذلك الذي أعلنه بوتفليقة الأربعاء، قائلا إن "مؤشرات كثيرة كانت توحي بتغيير حكومي عميق، لكن يبدو أن السلطة راجعت هذا الخيار أو ربما أجلته إلى الدخول الاجتماعي المقبل".
واعتبر خلاص في تصريحات صحافية أن الظرف والتوترات الاجتماعية الحاصلة في أكثر من قطاع وقرب بعض الاستحقاقات التربوية والاجتماعية، ربما تكون الدافع وراء التريث في إحداث تعديل أوسع.
وفي الفترة الأخيرة سرت تقارير عن إمكانية إقرار تعديل شامل في الحكومة يشمل أيضا رئيس الحكومة أحمد أويحيى، لكن التعديل الجديد لم يشمل سوى أربع وزارات، هي التجارة، الشباب والرياضة، والسياحة والصناعة التقليدية، والعلاقات مع البرلمان.
وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية أن بوتفليقة عين سعيد جلاب، وزيراً للتجارة خلفاً لمحمد بن مرادي، بعد تراكم مشاكل السوق الداخلية، خاصة في مادة الحليب وفشل خطة منع توريد المنتجات من الخارج.
وأقال بوتفليقة وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي، وعين محمد حطاب خلفاً له، وتأتي إقالة ولد علي بسبب المشاكل الكبيرة التي عرفها قطاع الرياضة في الفترة الأخيرة، بسبب تدخل الوزير في شؤون الاتحاديات والمنتخب الجزائري لكرة القدم.
وفي السياق نفسه، أقيل وزير السياحة والصناعة التقليدية، حسن مرموري، الذي لم يمر على تعيينه في منصبه أكثر من سبعة أشهر، وعين خلفا له عبد القادر بن مسعود. وأعاد بوتفليقة وزير التجارة السابق، محجوب بدة، إلى الحكومة بعدما عينه كوزير للعلاقات مع البرلمان خلفا للطاهر خاوة، ويعد هذا التعديل الأول على الحكومة الحالية التي يقودها أحمد أويحيى التي تم تعيينها في 15 أغسطس/آب الماضي.
إلى ذلك، استغرب مراقبون من طبيعة التعديل في حد ذاته، إذ مس قطاعات معينة، فيما كانت الأنظار تتجه إلى تغيير في قطاعات تشهد منذ فترة احتجاجات وفشل وزرائها في حلحلة مشاكل قطاعاتهم، كوزيرة التربية، نورية بن غبريط، ووزير الصحة، مختار حسبلاوي.
ويعكس التعديل الحكومي الجديد بحسب قراءات سياسية أخرى استمرار أزمة عدم الاستقرار في الفريق الحكومي بالجزائر، وتخبط نظام الحكم وتعدد مصادر القرار السياسي والتأثير الداخلي، خاصة بعد دخول الكارتل المالي في دائرة التأثير في القرار والتوجهات الكبرى للبلاد، إذ توالت التعديلات الحكومية في السنوات الأخيرة، كان أبرزها تعيين حكومة عبد المجيد تبون في 15 يونيو/حزيران الماضي، ثم إقالتها في 15 أغسطس/آب الماضي وتعيين أويحيى رئيسا للحكومة، وشمل ذلك التعديل أسرع تعيين وإقالة لوزير في تاريخ الجزائر، حيث عين مسعود بلعقون وزيراً للسياحة لمدة 48 ساعة فقط، قبل أن تتم إقالته.
وتساءل العضو في البرلمان، نصر الدين حمدادوش، عن خلفيات هذا التعديل، من حيث هو إقالة وزراء من دون أية حصيلة أو تفسير لهذه الإقالة، وتعيين وزراء آخرين، وإعادة استدعاء وزير التجارة السابق الذي تم تعيينه لمدة شهرين ثم إقالته مجددا، ثم إعادة توزيره كوزير للعلاقات مع البرلمان.
وقال حمدادوش "التعديل الحكومي في الجزائر، دون أن يعلم الوزير المعين لما عين ولا الوزير المعزول لما عُزل، كما لا تعرف ما هي معايير التعيين والعزل"، وقرأ في التعديل الحكومي "عملية روتينية لكسب المزيد من الزبائن وفق توازنات كل مرحلة".