يكتنف الغموض الاتفاقية التونسية الليبية، التي تم توقيعها، أمس الأحد، في مدينة الزاوية، غرب ليبيا، والتي تتعلق بالمعبر الحدودي في راس جدير. في الوقت الذي تؤكد فيه الأطراف الموقعة على هذا الاتفاق أنه جاء لحل أزمة المعبر الحدودي، الذي تعطل منذ عدة أسابيع؛ فإن مراقبين وصفوا هذا الاتفاق بـ"غير الرسمي"، مؤكدين أنه لن يقود إلى أية نتائج ملموسة، خاصة في ظل غياب الممثلين الرسميين من الجانبين.
ويشهد معبر راس جدير شللًا في حركة العبور منذ عدة أسابيع، بعد أن عمد محتجون من مدينة بن قردان، جنوب تونس، إلى غلق الطريق بالقرب من المعبر، بسبب التضييقات التي تمارس عليهم من الجانب الليبي.
وقال المختص في الشأن الليبي، مصطفى عبدالكبير، لـ"العربي الجديد"، إنّ الاتفاق يتضمن عدة نقاط، ولكنه ناقص، لأن عدة أطراف رسمية غائبة عنه، مبينًا أن الاجتماع يطغى عليه الجانب المدني.
وتساءل عن مدى قبول الأطراف الرسمية التونسية والليبية بهذا الاتفاق، مشيراً إلى أن مكونات المجتمع المدني تلعب دورًا في تقريب وجهات النظر، ولكنها لا تمضي اتفاقيات.
وأوضح أن الاتفاق حضره من الجانب التونسي النائب عن حركة "النهضة"، أحمد العماري، ومكونات من المجتمع المدني، وممثلون عن الشباب المعتصمين في بن قردان، أما من الجانب الليبي، فقد حضره ممثلون عن هيئة المصالحة الليبية، وعدد من بلديات الساحل الغربي، وكتيبة "جمال الغائب" التابعة لحكومة الإنقاذ.
وأضاف أنه عندما يتعلق الأمر بإجراءات تهم منطقة حدودية، كتلك التي توجد بين ليبيا وتونس، فإن أطرافًا من وزارات الخارجية والمالية والداخلية والديوانة، يجب أن تكون هي الممثلة لاتخاذ أي إجراءات تهم المنطقة، وليست أطرافًا أخرى، مبينًا أن الاتفاقيات تبرمها الدول، ولا يبرمها ممثلون عن المجتمع المدني.
وبيّن المتحدث، أن هناك طرفًا أساسيّاً تم تغييبه، وهم ممثلون عن جهة الوزارة الليبية، والتي تتحكم حاليًّا في المعبر، مضيفاً أنّه لا يتوقع أن تنجح هذه الاتفاقية، أو أن تقود إلى نتائج ملموسة، لأن هناك عدة أطراف غائبة.
كما أكد أن الحركة لا تزال معطلة، حيث لا تمر السيارات حاليًّا، باستثناء سيارات الإسعاف، مؤكدًا أنه لا يتوقع أن تستأنف الحركة اليوم أو غدًا.
واعتبر عبدالكبير، أنّ الإشكال لا يكمن في إبرام اتفاق بين الجانب الليبي والتونسي، وإنما يجب النظر إلى أهمية الأطراف التي أبرمت تلك الاتفاقيات، الأمر الذي سيمّكن من إقناع المحتجين بجدوى القرارات المتخذة من عدمها، معتبرًا أن تحقيق بنود الاتفاق يحتاج إلى أطراف قوية، تطبق تلك التوصيات على أرض الواقع، لا أن تبقيها حبرًا على ورق.
يشار إلى أنه، بحسب الاتفاق، يمكن للمسافر الليبي جلب الأدوية من تونس بحسب وصفة طبية، إلى جانب بعض السلع والمواد الغذائية ذات المنشأ التونسي، على ألا تفوق قيمتها ألف دينار تونسي (حوالى 500 دولار).
أما من الجانب التونسي، فيمكن جلب بضاعة ذات منشأ ليبي وسلع مستوردة، على ألا تتعدى قيمتها أربعة آلاف دينار ليبي (حوالى 2000 دولار)، إضافة إلى إمكانية جلب كمية من الوقود في حدود 1500 لتر، بما فيها الكمية الموجودة في خزان السيارة.
ودعا ممثلون من الجانب الليبي إلى ضرورة تسهيل مرور السيارات الليبية في المعبر، واحترام المسافرين من الجانبين، كما اعتبرت أطراف تونسية أن هذه الخطوة ضرورية لحل أزمة إغلاق المعبر، التي عطلت مصالح المسافرين من الجانبين.