وسط غلاء فاحش في أسعار الموز بالجزائر الذي يحتكره بضعة تجار، دعا مستهلكون إلى مقاطعته مطلقين دعوة "خليه للقردة".
وتستورد الجزائر الموز من الإكوادور. وارتفع سعر فاكهة الموز في الأسواق المحلية إلى أسعار قياسية لم يعرفها المستهلكون منذ الاستقلال في سنة 1962، حيث يصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى زهاء 8 دولارات، (ما يعادل 800 دينار جزائري)، وسجل السعر ارتفاعاً بـ500 دينار بعدما كان يراوح بين 250 و300 دينار، لكن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية لأسباب لا يعلمها إلا التجّار والحكومة، يسجّل سعر الموز ارتفاعاً "فاحشاً" يصفه المواطنون بالجنوني.
ويرجع عبد القهار بوصبع، وهو تاجر جملة للفواكه في سوق "الكاليتوس" الذي يزود العاصمة الجزائرية والمحافظات المجاورة لها، ارتفاع أسعار الموز إلى "هامش الربح الكبير الذي يأخذه المستوردون، والذي يصل إلى 200 دينار للكيلوغرام الواحد، أي حوالى دولارين".
وقال بوصبع لـ"العربي الجديد"، إن "سعر هذه الفاكهة في الأسواق الدولية في حدود 0.70 دولار للكيلوغرام في المتوسط، أي ما يعادل 82 دينارا، وهو السعر الذي تم التأكد منه من خلال تتبع بورصة الأسعار الرسمية. وبما أن الضريبة الجمركية ثابتة هي 100%، فإن سعر الكيلوغرام الواحد من الموز للمستورد يصل إلى 164 ديناراً، فكيف يمكن تفسير بيعه للمستهلك بسعر 800 دينار أو أكثر؟". وهنا يحاول التاجر تقديم تفسير، حيث يقول "المستوردون يأخذون هامشاً كبيراً، وفي حلقة البيع لا يوجد الكثير من الوسطاء، في بعض الأحيان يتم بيع المنتج مباشرة إلى بائع التجزئة".
وكانت الحكومة قد طرحت السنة الماضية دفتر شروط جديدا ينظم عملية استيراد الموز، يسمح باعتماد 10 مستوردين فقط سنوياً، عوضاً عن 80 مستورداً قبل سنة 2107.
ووفق دفتر الشروط الجديد الذي كشفت عنه وزارة التجارة الجزائرية، واطلعت عليه "العربي الجديد"، فإن مستوردي الموز ملزمون بإقامة استثمارات في مجال إنتاج وتعبئة الفواكه مع إثبات خبرة مهنية لا تقل عن خمس سنوات في ممارسة هذا النشاط.
أما عن الجودة والنوعية، فقد اشترطت وزارة التجارة ضمان جودة المنتج المستورد، ومطابقته لمعايير الصحة النباتية، التي تثبت خلوه من أي أمراض من شأنها إلحاق ضرر بالمستهلك، وكذا وجوب إيصال المنتج للمستهلك بسعر معقول ومستقر.
وقال الخبير الاقتصادي في جمعية المصدرين الجزائريين إسماعيل لالماس، إن "الدفتر الجديد لن يقدم الحل المُنتظر، بل زاد الطين بلة، لأنه كرس الاحتكار، من خلال فرضه على المستوردين امتلاك غرف تخزين وشاحنات نقل وغيرها، وهي شروط لا يمتلكها جميع المستوردين".
وأضاف لالماس لـ"العربي الجديد"، أن "المستوردين المعتمدين للموز في الحقيقة هم ليسوا 10 أشخاص، بل 4 مستوردين فقط فتحوا عدة شركات للاستيراد، وهم المحتكرون لعملية الاستيراد من الإكوادور. وختم الخبير قائلاً إن "الحكومة تدري أين يكمن المشكل وتعرف المتسببين في هذه المضاربة، لكنها لا تريد معالجة الأسباب بل معالجة النتائج".
وأمام الارتفاع الفاحش لأسعار الموز، قررت منظمة حماية المستهلك في الجزائر إطلاق حملة لمقاطعة الموز، حيث كشف رئيس الجمعية مصطفى زبدي عن إطلاق حملة مقاطعة الموز تحت شعار "خليه للقردة"، أي اتركه للقردة باللهجة الجزائرية، والتي كانت استجابة لطلبات المستهلكين عبر عدد كبير من صفحات موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، وعلى الرغم من أن الموز ليس منتجاً أساسياً، إلا أن منظمة حماية المستهلك قالت "إننا نزلنا عند رغبة هؤلاء وأعلنّا، صباح الجمعة، عن إطلاق الحملة". وأضاف زبدي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "احتكار مجموعة من المستوردين لسوق الموز وتوزيعه هو سبب وصول أسعار الموز إلى 800 دينار، حتى أنه لدينا معلومات بأن بعض المستوردين قاموا ببيع هذه المادة بالجملة بـ650 دينارا لتجار الجملة، وهو ما يتناقض مع القوانين، على اعتبار أن الدولة منحته امتياز الاستيراد وفق دفتر شروط، الذي يشترط ألّا يتجاوز السعر 180 دينارا جزائريا. غير أن هؤلاء المستوردين استغلوا فرصة السيطرة على السوق وقاموا برفع الثمن".
أما السبب الثاني، حسب رئيس جمعية حماية المستهلك الجزائرية، فيتعلّق بخلل السلسلة التجارية التي تتم وفقها الزيادات في هامش الربح دون ضوابط، حيث إن عدم تحديد هامش الربح للمنتجات يفتح باب رفع الأسعار أمام التجار مع العلم أن تكاليف الاستيراد لا تتعدى الـ100 دينار عن الكيلوغرام الواحد وفقاً لمتعاملين في السوق والذين يؤكدون أيضاً أن أغلى ثمن للموز لا يتجاوز الـ1.30، وهو ما يعادل 150 دينارا، فكيف يصل سعره إلى 800 دينار في السوق الجزائرية".
يذكر أن الجزائر تستورد سنوياً بما قيمته 140 إلى 150 مليون دينار من الموز، معظمها من الإكوادور والبرازيل، وقد استثنت الحكومة الموز من قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد التي طرحتها بداية السنة الحالية.