غطّى الثلج كل شيء

07 ديسمبر 2014
فؤاد دحدوح / سوريا
+ الخط -

إذ أشعرُ،
أن حديد السياج،
الباردَ المقشور،
في الخامسة صباحاً،
حيثُ لا أحد على المرفأ،
يشبهني،
وتشعرين أنك أنتِ ضوضاء الظهيرة،
ودخانها،
وبشرها الكثيفون السريعون
عديمو الوجوه،
فلا بد أن يجعلنا الليل،
الهادئ،
الخفيف النسيم،
نخال حين نتلامس،
أننا نلمس أنفسنا.

***

لا أتذّكر الآن،
لِمَ كانوا يصرخون،
رائحة سجائر،
ونبيذ،
والغرفة الدافئة،
أتذكر،
برعماً كان ينمو ببطء،
قرب النافذة.

***

الثلجُ،
غطى كل شيء،
حتى انحناءاتك الصيفية،
إذ تخطرين.
خِفّتك كلها،
تخَلخلَها الثلج.

***

عيناي مسمّرتان،
ندفة الثلج،
تهوي خفيفة،
ألاحقها،
وهي تتأرجح،
على كف الهواء التي تنوء.
بشرٌ يعبرون في رأسي،
يهرولون،
عيونهم في السماء،
أتأهب معهم،
للأشلاء والدوي،
لكنها تذوب،
كروح حزينة،
وحيدة وصامتة.
هل لم تكن ندفة الثلج؟
هل لم يكونوا؟

***

صرت أقول،
أهلاً يا شمس،
قبل هذا،
كانت تأتي وترحلُ بصمت،
كعامل نظافة.


***

بعض القصائد،
تفوح منها رائحة العفن،
بعضها الآخر،
تفوح منه رائحة دماء زنخة،
لبعضها،
رائحة الشمس في الثياب المنسية،
على حبال الغسيل.
ولأخرى،
ما يتركه اللعاب الجاف على الرقبة،
من الليلة السابقة.
أحياناً،
ما يتسلل إلى فراشك،
من دخان السيارة،
في صباح باكر صامت.
خبزٌ، وبشر، وسمك، وخضار فاسدة،
بارود،
أو قرنفل،
أو ماء،
ولا رائحة أحياناً،
وأحياناً رائحتك،
أما أنت فدائماً تفوح منك رائحة القصيدة.


* شاعر سوري مقيم في نيويورك

المساهمون