غض النظر عن الإرهاب
الإرهاب أنواع، منه ما هو مقبول، ومنه ما هو مغضوب عليه، فعندما تمارس الدولة الإرهاب ضد رعاياها، نجد أصحاب المصالح من الدول الكبرى يغضون الطرف، وكأن شيئاً لم يكن، ويصفونه بأنه أمر داخلي، لا شأن لهم به.
وإذا خرج هذا الإرهاب إلى حيز نفوذهم، فإذا بهم يملأون الدنيا صراخاً وضجيجاً ويجيشون العالم كله ضد هذا الإرهاب، وتفتح له خزائن الأموال، لتنفق منها بغير حساب، لإبادة هذا الإرهاب، كما هو، الآن، في الحملة التي تقودها أميركا للقضاء على داعش.
وفي الحالة السورية، نجد هذا النموذج الفج: رئيسٌ أساء إلى شعبة قتلاً وتعذيباً وتدميراً، ولم يبق شيء إلا وفعله ضد شعبه، ويستمر فيما هو عليه، من دون أدنى حسابٍ، أو عقابٍ، من المجتمع الدولي، فهناك من يؤازره ومن يدعمه بالمال والسلاح، ولا بأس بالدفاع عنه في المحافل الدولية.
ونجد إرهاباً آخر من جماعة تريد أن تفرض واقعاً على الدولة، كما فعل الحوثيون في اليمن، فاجتاحوا العاصمة ومؤسسات الدولة، وسيطروا على مدنٍ بأكملها وبدعم إقليمي من دول بعينها، ليصبح اليمن من الدول التي على وشك الانهيار، ودخول حرب طائفية بين شيعة وسنة، لن ينجو منها أحد. ويقف المجتمع الدولي يشاهد من دون أن يحرك ساكناً، فقد تشابكت مصالح بعضهم، والتقت على تدمير بلد بعينه، أو أن تصبح هذه النقطة من العالم خارج حسابتهم، وتغرق في إرهابٍ من نوع آخر، تمارسه حكومةٌ جاءت بقوة السلاح ضد شعب رافض لها، فتمعن في القتل والإذلال والاعتقال، وتسن من القوانين كما تشاء، لتكون سيفاً مسلّطاً على مناوئي اغتصاب السلطة. وتتحول البلاد إلى سجن كبير للحريات، فلا إعلام حراً يعبّر عما يحدث، ولا صوت لمعارض في أي وسيلة كانت. وترى العالم يشاهد ما يحدث، ولا يحرك ساكناً.
أما الإرهاب المسكوت عنه منذ عقود، فهو إرهاب الاحتلال الإسرائيلي، الذي، ومنذ نشأته، فعل كل المحرمات في الشعب الفلسطيني، من قتل واعتقال وتجفيف مصادر الدخل البسيطة التي يعتاش عليها الشعب، ومصادرة الأراضي الزراعية، وتهديم المنازل، والتحقير اليومي على الحواجز العسكرية، لينال من عزيمته وإرادته، وعلى الرغم من صدور قرارات من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بإدانة الاحتلال وتجريم أفعاله، إلا أنه بعيد عن يد العدالة، لأن دولاً تحميه وتبرر أفعاله وممارساته الإرهابية، هو وغيره من المجرمين في المنطقة.