ويرى مراقبون أن حديث رموز دينية مسيحية بشكل متواصل، وخصوصاً تواضروس، حول مسألة سياسية، يعد خلطاً للدين بالسياسة وتوظيف الدين لصالح السيسي، لضمان حشد كبير له في الانتخابات. وعلمت "العربي الجديد"، من مصادر قريبة من دوائر اتخاذ القرار، أن ثمة تفاهمات بين جهات سيادية والكنيسة المصرية الأرثوذكسية، حيال عمليات الحشد لصالح السيسي في الانتخابات. وقالت المصادر إن ذلك يأتي في إطار اتصالات بين تلك الجهات السيادية وكل المؤسسات والأطراف في مصر، من أجل ضمان الحشد الكبير لصالح السيسي في الانتخابات. وأضافت المصادر أنه يوجد تعويل على ضرورة مشاركة المواطنين المصريين المسيحيين في الانتخابات، والتصويت لصالح السيسي، نظراً لما يمثلونه من كتلة تصويت كبيرة تصل لبضعة ملايين من الناخبين. وتابعت أن عملية حشد المسيحيين ليست بسيطة هذه المرة، مثلما كان الوضع في انتخابات 2014، خصوصاً أن ثمة غضباً مكتوماً بسبب استمرار عمليات استهداف الكنائس، وكان آخرها استهداف كنيسة حلوان، من دون وجود قدرة على وقف هذه العمليات الإرهابية.
من جانبه، كشف ناشط قبطي، عن وجود حالة من الغضب المكتوم، ليس من السيسي وحده، ولكن من تواضروس، لأنه بات يتماهى تماماً مع النظام. وقال الناشط القبطي، في تصريحات خاصة، إن حالة الغضب المكتوم لم تخرج للعلن بعد، ولكن ثمة بوادر لها. وكان تواضروس قد قال في عظته الأسبوعية، "قد يبدو أن هناك مرشحاً واحداً سيحقق النجاح باكتساح في الانتخابات المقبلة، لكن العالم ينظر إلى مصر، ومصر لها علاقات قوية بمختلف دول العالم التي سوف تنظر إلى نسبة التصويت في الانتخابات وعدد الناخبين". وبحسب الناشط نفسه فإن حديث تواضروس لا يختلف إطلاقاً عن الموالين للنظام الحالي والإعلاميين في مختلف وسائل الإعلام الذين يرددون هذه النغمة باستمرار، ما يعكس أن بابا الأقباط بات جزءاً من النظام الحالي. وأشار إلى أن الكنيسة دائماً ما كانت تضع لنفسها مكانة بخيث تنأى بنفسها عن الاقتراب الشديد من أي نظام سياسي، لكن تواضروس غيّر القاعدة تماماً، خصوصاً إذا تمت مقارنته بالبابا الراحل شنودة.
وحول وجود توجيه للمواطنين المسيحيين بانتخاب السيسي، أشار الناشط القبطي إلى أنه في المناسبات الرسمية يكون الحديث عن ضرورة دعم الدولة فقط، ولكن في المناقشات الجانبية يكون التوجيه لصالح السيسي تماماً، خصوصاً أن المرشح المنافس له، موسى مصطفى موسى، ضعيف للغاية. وأكد أن قطاعاً من المسيحيين لم يعد ينظر للسيسي كما كان الأمر في العام 2014، باعتبار أن تلك الفترة كانت استثنائية، لكن المسيحيين يشعرون، مثل الجميع، بفشل مختلف القطاعات، وغلاء الأسعار وتراجع مستوى المعيشة، لكن هناك قطاعاً يرى أن وصول السيسي أفضل من وصول مرشح آخر قد يكون ضد المسيحيين. وتواصل الكنائس المصرية دعمها للسيسي، ليس فقط في انتخابات الرئاسة الحالية، إذ كانت تدعمه بشدة خلال زياراته الخارجية، من خلال توجيه رعاياها في الخارج لاستقباله بالأعلام والورود، لإظهار وجود تأييد له، في مواجهة المعارضين له، الذين كانوا يسببون له حرجاً بالغاً في تلك الزيارات.