غضب سياسي وشعبي ضد الحكومة الأردنية بسبب تداعيات كورونا

31 اغسطس 2020
تراجع مستويات المعيشة في ظل جائحة كورونا (Getty)
+ الخط -

عادت الاحتجاجات ضد الحكومة الأردنية برئاسة عمر الرزاز للظهور مجدداً، بعد غياب استمر أكثر من 5 أشهر، بسبب إجراءات الحظر التي فرضتها السلطات لاحتواء فيروس كورونا الجديد.

وبحسب مراقبين فإن الحكومة التي تشكلت على خلفية إقالة سابقتها برئاسة هاني الملقي في شهر يونيو/ حزيران 2017، تواجه أصعب احتجاجات خاصة، مع اعتراض شخصيات سياسية واقتصادية وازنة على سياستها المختلفة.

وانتقلت الاحتجاجات من الشارع إلى استخدام أساليب مختلفة، أبرزها توجيه مذكرة مباشرة للملك عبدالله الثاني، من قبل أكثر من 500 شخصية سياسية، أمس، من أبرزها رئيسا الوزراء الأسبقان عبدالسلام المجالي، وطاهر المصري، تتضمن تشخيصاً لحالة التراجع الاقتصادي والسياسي في الأردن في عهد الحكومة الحالية.

وتعتبر المذكرة الأكثر انتقادًا لسياسات الحكومة، خاصة الاقتصادية، والتي أدت بحسب الموقعين عليها إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين، ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف التراجع الاقتصادي، ومعالجة المشكلات السياسية التي تعاني منها البلاد.

وقال الموقعون على المذكرة إن "التأخر في تقدیم وصفة للاحتواء سیجعلنا أمام كلف سیاسیة واجتماعیة واقتصادیة باھظة"، داعين إلى مواجھة التحدي الاقتصادي وتحسین معیشة المواطنين على غرار ما حدث خلال الأزمة الاقتصادية التي شهدها الأردن عام 1989.

وبالتزامن مع رفع المذكرة إلى ملك الأردن، طالبت كتلة الإصلاح في مجلس النواب، والمحسوبة على التيار الإسلامي بعقد دورة استثنائية للمجلس، لحجب الثقة عن الحكومة "لإخفاقها في إدارة الملف الاقتصادي وتحميل المواطنين المزيد من الأعباء"، خاصة مع التداعيات السلبية لأزمة كورونا، إضافة إلى زيادة حدة التأزيم في الشارع بسبب النهج السياسي للحكومة.

وقالت الكتلة التي يترأسها النائب، عبدالله العكايلة، إن المطالبة بحجب الثقة عن الحكومة، جاءت في ظل الأوضاع الحالية، التي لم تخرج فيها الدولة من تداعيات أزمة وبناء كورونا الاقتصادية والاجتماعية، كما انتهجت سياسات اقتصادية استنزفت جيب المواطن وقدرته على الصمود أمام متطلبات معيشته الأساسية.

ويعتبر مجلس النواب في حالة عدم انعقاد لانتهاء دورته العادية في إبريل/نيسان الماضي، ويحتاج الى قرار ملكي للاجتماع في دورة استثنائية، علماً بأن المدة الدستورية للبرلمان شارفت على الانتهاء وتواصل الهيئة المستقلة للانتخاب تحضيراتها لإجراء الانتخابات في العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وقال عضو مجلس النواب، موسى هنطش لـ"العربي الجديد"، إن "الحالة العامة التي يمر بها الأردن دفعت بالاحتجاجات ضد السياسات الحكومية إلى العلن بقوة من جديد، رغم الدعم الكبير الذي حظيت به منذ شهر مارس/ آذار الماضي، لتمكينها من إدارة أزمة كورونا، لكنها للأسف عمقت الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، خاصة مع اعتقال مجلس نقابة المعلمين وتشكيل لجنة حكومية لإدارة النقابة لمدة عامين".

وأضاف هنطش: "الوضع الاقتصادي في تراجع مستمر، والمواطن يعاني من تبعات القرارات الحكومية، حيث ارتفعت الأسعار بنسب كبيرة، وزادت البطالة الى أكثر من 20%، ويتوقع أن تتجاوز 25% هذا العام، بسبب فقدان الآلاف فرص العمل كأحد النتائج المباشرة لجائحة كورونا".

البنك الدولي توقع في تقرير له الأسبوع الماضي، أن يزيد عدد الفقراء في الأردن خلال العام الحالي جراء تأثيرات جائحة كورونا

وتابع أن "معدل الفقر ارتفع هو الآخر بنسبة كبيرة، ويتوقع بحسب تقديرات مؤسسات دولية أن يقترب من ثلث السكان، بينما الجهات المختصة تخفي النسب الحقيقية للفقر وتقول إنها بحدود 15.7% وهذا لا يعكس الواقع".

وكان البنك الدولي قد توقع في تقرير له الأسبوع الماضي، أن يزيد عدد الفقراء في الأردن خلال العام الحالي جراء تأثيرات جائحة كورونا، مشيرا إلى أن نسبة الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 1.3 دينار يومياً (1.83 دولار)، وهو خط الفقر المدقع عالمياً، ستزيد خلال العام الحالي عن 27%.

كما توقع البنك، ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 2.25 دينار يومياً إلى 19%، فيما سيزيد عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 3.9 دنانير يومياً إلى نحو 13.2%.

ووفقا لتصنيف البنك الدولي، يأتي الأردن من بين 8 اقتصادات نامية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تظهر فيها بشكل أكبر معدلات الفقر بين السكان هذا العام نتيجة التأثيرات السلبية لوباء كورونا في الاقتصاد وهي: لبنان والعراق والجزائر وإيران والأردن والمغرب وتونس ومصر.

وقال وزير المالية، محمد العسعس، الأربعاء الماضي، إن أثر كورونا على الاقتصاد، كان هائلاً، وذلك لا يعود للإغلاقات وتوقف السياحة فقط، وإنما أسهمت الجائحة في تخفيض القدرة الشرائية للمواطن، مشيرا إلى أن الحكومة لن تلجأ إلى رفع الضرائب ولن تستدين من السوق المحلية.

وقال الخبير الاقتصادي، مازن مرجي، لـ"العربي الجديد " إن "الاحتجاجات ضد الحكومة، سواء في الشارع أو توجيه مذكرات إلى الملك كلها متوقعة نتيجة للصعوبات الاقتصادية القائمة والأعباء المعيشية، حيث لم يعد المواطن يتحمل تلك التبعات لدرجة أنه لم يعد قادراً على تلبية احتياجاته الأساسية".

وكانت الحكومة اتخذت إجراءات قاسية بحق المواطنين لمواجهة أزمة كورونا، من بينها وقف زيادات رواتب الموظفين العام الحالي، وإغلاق العديد من القطاعات وما نتج عنه من تسريع لآلاف العاملين وتحولهم إلى صفوف العاطلين عن العمل.

المساهمون