ويمتهن مئات الأشخاص، وأغلبهم من النساء، الذين يعرفون محلياً باسم "الحمّالين"، تهريب البضائع من سبتة إلى المغرب، إذ ينتظرون لساعات طويلة أمام المعبرين الحدوديين لمدينتي سبتة ومليلية، للدخول، ثم يشترون كميات كبيرة من البضائع التي يحملونها فوق ظهورهم لنقلها إلى داخل المغرب لبيعها، وسط فوضى وزحام شديدين يسببان أحياناً حوادث تدافع سببت سابقاً وفيات.
وعبّرت منظمات حقوقية وأحزاب سياسية ونشطاء مدنيون عن رفضهم لقرار السلطات المغربية، لأنه يؤثر بشريحة من السكان الذين يعتمدون بنحو شبه كامل على التهريب مصدراً للرزق.
وانتقل صدى الغضب إلى البرلمان، إذ شهدت جلسة الأسئلة الشفوية لمجلس المستشارين مساء أمس الثلاثاء، توجيه سؤال إلى وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، حول خطة الحكومة للحد من الانعكاسات الاجتماعية لهذا القرار، وتوفير بدائل تسمح لمحترفي هذا النشاط الذي يطلق عليه اسم "التهريب المعيشي"، بالحصول على موارد دخل.
واعترف الوزير المصطفى الرميد، بأن القرار يجعل كثيراً من النساء على وجه الخصوص، يعشن محنة كبيرة، لكنه استدرك بأن التهريب يمثل مشكلة للاقتصاد الوطني، ويهدد صحة المواطنين.
وأوضح الرميد أن "الأمر يتعلق باستغلال فاحش لفقر هؤلاء النساء من قبل شبكات منظمة متخصصة في التهريب تجندهن لنقل البضائع المهربة من مدينة سبتة المحتلة إلى التراب الوطني، مع ما يعنيه ذلك من زحام شديد يؤدي أحياناً إلى أحداث مأساوية، فضلاً عن الحمولة التي تنوء بثقلها أجسادهن، وعمّا يتعرضن له من إساءات".
وأضاف الوزير المغربي، أمام البرلمان، أن "القرار تطلب عدة اجتماعات برئاسة رئيس الحكومة وحضور الوزراء المعنيين، من أجل إيجاد مقاربة توازن بين محاربة الأنشطة غير الشرعية وضمان سيولة العبور من خلال تعزيز الموارد البشرية، وتجويد البنية التحتية للمعابر لاستيعاب الظاهرة، والحد من محنة هؤلاء النسوة وغيرهن".
ووجّه برلمانيون انتقادات إلى الحكومة، معتبرين أن المنطقة المحايدة لمدينة سبتة المحتلة تعرف تهميشاً ونقصاً في التنمية، وردّ الوزير بالقول إن الجهود التنموية التي حظيت بها المنطقة لم تحظ بها أية منطقة أخرى، وإن "جهات أخرى تغار من هذه الجهة، ونحن إزاء ميناء يعتبر الأكبر في منطقة المتوسط (ميناء طنجة المتوسط) ومصانع جديدة للسيارات وأجزاء الطائرات. لم نتمكن من حل مشاكل المنطقة، لكن هناك عمل واهتمام".
وأصدر الفرع المحلي لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة بياناً قبل يومين، طالب فيه بالعثور على "حل بديل" لممتهني التهريب المعيشي، الذين قال إنهم يعانون وضعاً اقتصادياً واجتماعياً صعباً نتيجة استمرار إغلاق السلطات المغربية للمعبر الحدودي مع مدينة سبتة.
وقال البيان إن "الوضع الاقتصادي الذي تعيشه المنطقة يعرف تدهوراً وركوداً حاداً سببه الإغلاق المفاجئ لمعبر باب سبتة لمدة طويلة، الذي أثر سلباً بوضع الأسر التي تعيش في ظروف هشة، وبالقطاع التجاري الذي يعتمد في مجمله على السلع الآتية من سبتة".