ردود فعل غاضبة أثارها استقبال البرلماني المصري، توفيق عكاشة، للسفير الإسرائيلي في القاهرة، حاييم كورين، وتناولهما وجبة عشاء سويا، بمنزله الكائن بقرية "ميت الكرماء"، بمركز نبروه بمحافظة الدقهلية، إثر دعوة أرسلها النائب للسفير، فيما يعد أمرا غير معتاد، وتطبيعا صريحا مع الكيان الصهيوني.
وتُحقق مع عكاشة لجنة خاصة داخل البرلمان، بشأن اتهامه لرئيس المجلس التشريعي، علي عبد العال، بالوصول إلى منصبه بـ"الخطأ"، ما اعتبره الأخير "نيلا من هيبة وكرامة المجلس، ورئيسه"، وطرده على أثرها من قاعة المجلس مرتين هذا الأسبوع، بعد تصويت النواب.
ودعا وكيل البرلمان، سليمان وهدان، النواب إلى التقدم بطلبات لرئيس المجلس، للتحقيق في الواقعة، والبدء في اتخاذ قرار بشأن تجاوزات النائب، مؤكدا أن "تصرفه شخصي، ولا يمثل مجلس النواب، في ظل حالة الرفض المجتمعي للتطبيع مع الكيان الصهيوني".
وقال مصدر برلماني لـ"العربي الجديد"، إن نواب التكتل، الحاصل على أكثرية المقاعد، سيتخذون إجراءات تصعيدية ضد عكاشة الفترة المقبلة، بهدف إحالته إلى لجنة القيم، بمجرد تشكيلها عقب الانتهاء من إقرار اللائحة الداخلية، على أن تبدأ بتقديم طلب لرئيس المجلس يضم تواقيع تصل إلى 150 نائبا، ضد النائب، مع عودة المجلس للانعقاد، الأحد المقبل.
وتنص المادة 32 من اللائحة على أنه "إذا انتهت لجنة القيم بأغلبية أعضائها إلى أن ما ثبت عن العضو من مخالفات من الجسامة بحيث قد تستدعي إسقاط العضوية عنه، أحالت الأمر بتقرير إلى مكتب المجلس، ليقرر إحالة العضو إلى لجنة مشتركة من اللجنة العامة، ولجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، والتي تقترح بدورها إسقاط العضوية، والتي تتطلب موافقة أغلبية ثلثي أعضاء البرلمان".
اقرأ أيضا: قبل طرده من برلمان مصر..عكاشة لرئيسه "جيت بمكانك غلط"
وقال النائب أحمد الطنطاوي، إنه بصرف النظر عن العلاقات الرسمية، فالشعب المصري في مجمله يتعامل مع إسرائيل على أنها عدو، وهذا واقع لا تغيّره ورقة تُمضى أو مقابلة لشخص مهما كانت حيثياته، مشيرا إلى أن عكاشة نائب منتخب، ولم يراع ناخبيه في دائرته الانتخابية، وكونهم جزء من القطاع الواسع للشعب الرافض للتطبيع.
وأضاف الطنطاوي في تصريح خاص، أن اللائحة الداخلية للبرلمان تنص على مسؤولية النائب في الحفاظ على الصفة التي يشغلها، وكرامة وهيبة المجلس، لكون النائب الذي يُقدم على فعل مرفوض "يسيء إلى صورة المجلس ككل عند عموم الشعب"، مؤكدا أن التطبيع "يعد من المحرمات التي ترفضها كل السوابق البرلمانية".
بدوره، أوضح النائب كمال أحمد، أنه لا يوجد إجراء برلماني يعاقب عكاشة على دعوته للسفير الإسرائيلي، في ظل وجود معاهدة قائمة بين البلدين، مشيرا إلى أن الرفض سيكون بين عموم النواب، وعلى المستوى الشعبي للنائب في دائرته الانتخابية.
في المقابل، قال عكاشة في تصريح خاص، إن دعوته كانت "شخصية"، ولا تعبّر عن البرلمان، لأن السفير متخصص في علم مقارنة الأديان، واللقاء تطرق إلى كتابه الأخير "دولة الرب والماسونية"، مشيرا إلى أن إسرائيل لم تخرق معاهدة السلام على مدار تاريخها، وبينها وبين النظام الحالي علاقات قوية.
وادعى عكاشة أن إسرائيل تملك مفتاح حل أزمة سد النهضة الإثيوبي، على حد قوله، مشيرا إلى أنه وعد السفير بـ"مليار متر مكعب من المياه، حال تدخل إسرائيل لحل أزمة سد النهضة".
وكان عكاشة قد أعلن عبر فضائيته "الفراعين"، توجيه دعوة للسفير الإسرائيلي للعشاء في منزله، استنادا إلى وجود معاهدة سلام وتبادل علاقات سياسية ودبلوماسية، قائلا "الناس اللي انتخبتني في منها أعداد كبيرة هاتتأثر بهذا الأمر تأثرا شديدا، وهما الفلاحين في دلتا مصر".
وادعى عكاشة أن الشعب يعاني من انفصام في الشخصية، وممانعة نفسية في التعامل مع إسرائيل، رغم أن "الشرطة المصرية والمخابرات العامة تشارك في تأمين السفير الإسرائيلي، ما يدل على اعتراف مصر بإسرائيل، وما يحدث مجرد لف ودوران"، على حد قوله.
وقال إنه لا يخشى مزايدات الصحافيين، وسيتصور مع السفير الإسرائيلي، ويرسل لهم الصور لنشرها، مضيفا "سفير إسرائيل يتساوى مع السفير الأميركي أو سفير أي دولة عربية.. وهناك دستور وعلاقات دولية تحكمنا جميعا".
ونقلت إذاعة الاحتلال عن السفير الإسرائيلي قوله إن اللقاء جاء استجابة لدعوة النائب المصري، التي اعتبرها خطوة نادرة في البرلمان المصري الذي يقاطع إسرائيل في إطار سياساته، واصفا اللقاء بـ"الإيجابي"، والذي تطرق إلى فرص التعاون بين مصر وإسرائيل في المجالات الاقتصادية والزراعية والتعليمية. وكانت تل أبيب قد أعلنت افتتاح سفارتها في العاصمة القاهرة، بعد 4 سنوات من الإغلاق، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
اقرأ أيضا: مسلسل التطبيع المصري يتصاعد..عكاشة يستقبل السفير الإسرائيلي