من شوارع باريس إلى أنقاض المباني التي هدمت في خان يونس خلال الحملة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على غزة، انتقلت رياضة الباركور، التي يركض ممارسوها في مسار مستقيم، ويجتازون الحواجز مهما بلغ ارتفاعها من دون الحياد عن الطريق.
مجموعة صغيرة من الفتيان الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة عشر وستة عشر عاماً كوّنوا فريقاً لرياضة الباركور في المدينة الصغيرة جنوبي قطاع غزة. يركض الفتيان بين الأنقاض ويقفزون فوق تلال الركام التي تبرز من بينها قضبان من حديد كانت في جدران مبان هدمتها قذائف الطائرات والدبابات الإسرائيلية.
وقال عضو في مجموعة الباركور في خان يونس عبد الله القصاب: "قصف الاحتلال الكثير من المنازل في خان يونس وقطاع غزة. هدمت بيوت كثيرة. ما من أحد يدعمهم. لا بيوت تؤويهم. يعيش البعض في كرافانات وآخرون في الشارع. الوضع في قطاع غزة مأسوي".
استمرت الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة 50 يوماً، وأصبح خمسمئة ألف من سكانها بلا مأوى بعدما هدمت القذائف الإسرائيلية منازلهم. وأعلنت السلطات الصحية في القطاع أن "ما لا يقل عن ألفين ومئة فلسطيني قتلوا خلال الحملة، معظمهم مدنيون". وقال فتى آخر من مجموعة الباركور يدعى أحمد مطر: "نريد أن نثبت للعالم أننا نلعب فوق الدمار. فالناس يتفرجون علينا".
ومن المفارقات أن الأنقاض وأكوام الركام التي أصبحت في كل مكان في غزة صارت ملعباً مناسبا لرياضة الباركور. وقال محمد زقوت: "تعتمد رياضتنا على تخطي الحواجز والعقبات. في غزة لا يوجد أماكن لتخطي الحواجز والعقبات. بعد الحرب لجأنا إلى هذه المناطق المدمرة لنكمل لعب الرياضة التي نحب".
وتقول السلطة الفلسطينية إن إعادة إعمار غزة بعد الهجمات الإسرائيلية تحتاج إلى 7.8 مليار دولار، منها 2.5 مليار دولار لإعادة بناء سبعة عشر ألف منزل هدمتها الغارات الجوية والبرية الإسرائيلية. ويتقن الرياضي الذي يمارس الباركور القفز والوثب والتسلق والعدو للانتقال من نقطة إلى أخرى من أقصر طريق وفي أقل وقت ممكن.