لم يجد المواطن الفلسطيني أحمد نصار (39 عاماً)، وسيلة تساعده على توفير مصدر دخل له ولعائلته المكونة من ثلاثة أطفال، ومواجهة البطالة المتوغلة في أوساط خريجي جامعات قطاع غزة خاصة والشباب عامة، إلا أن يشتري مركبة متوسطة الحجم من ثلاث عجلات، يطلق عليها "التكتوك"، ويحولها إلى بقالة متنقلة.
ومع بديات عام 2007 الذي شهد حراكاً في أنفاق التهريب الواصلة بين مدينتي رفح الفلسطينية والمصرية، زاد إقبال المواطنين الغزيين على شراء "التكتوك"، الذي شكل مصدر دخل للعديد من
العاطلين عن العمل، وكذلك بديل أفضل عن العربات التي تجرها الدواب.
ويطوف نصار في الأماكن التي تزدحم بالمواطنين عارضاً بضاعته كبعض المسليات وألعاب الأطفال للبيع، ويقول إنه في الصباح يتوجه نحو المدارس لبيع بعض مستلزمات الدراسة مثل الأقلام والدفاتر، وفي الظهيرة نحو الجامعات، وعند المساء ينشط في الساحات العامة، لبيع المسليات والعصائر.
ويضيف نصار لـ "العربي الجديد": "قبل ثماني سنوات أجبرت على التوقف عن العمل في أحد مصانع الخياطة الذي أغلق نتيجة فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع، مما أدى لضياع مصدر دخلي الوحيد، وعلى أثر ذلك اشتريت التكتوك لأوفر مصدر دخل مالي للعائلة، ولأنه كان أمراً جديداً ومقبولاً لدى الشارع الفلسطيني".
أما الشاب محمد الترامسي، الذي اشترى "التكتوك" قبل ثلاث سنوات بـ 1600 دولار، فخصص العمل عليه لنقل البضائع الزراعية إلى الأسواق بجانب نقل المواد التموينية، ويوضح لـ "العربي الجديد" أنّ "التكتوك" يتميز بالمرونة العالية بالتحرك ودخوله بين الأشجار دون إحداث أي ضرر، فضلا عن سرعته وقدرته على استيعاب البضائع بكميات جيدة".
وينبه الترامسي (25 عاماً) إلى أن عمل "التكتوك" مرتبط بتوفر الوقود في محطات القطاع، فضلاً عن توفر قطع الغيار والصيانة والتي عادة ما تكون نادرة لأن توفرها مرتبط بفتح المعابر التجارية مع الاحتلال، موضحاً أن هذا العمل يوفر له 250 دولارا شهرياً.
يشار إلى أن معدلات البطالة ارتفعت في قطاع غزة من 40.8% في الربع الأول 2014 إلى 44.5% في الربع الثاني، وسُجلت أعلى معدلات بطالة للفئة العمرية 20-24 عاماً، حيث بلغت 42.8% في الربع الثاني من العام الجاري، وفقاً لتقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويشير الخبير الاقتصادي ومسؤول العلاقات العامة والإعلام في الغرفة التجارية في غزة، ماهر الطباع، أن "التكتوك" يمثل أحد أهم المشاريع الاقتصادية البسطية، التي لجأ إليها العاطلون عن العمل، لمواجهة تداعيات الحصار الإسرائيلي، خاصة في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر.
ويضيف الطباع في حديث لـ "العربي الجديد": "لن يكون للمشاريع الاقتصادية البسيطة كالتكتوك" أي فعالية في صعيد مواجهة البطالة المستفحلة في صفوف الشباب، ما لم يتلقَّ صاحب المشروع الدعم الكافي من الجهات ذات العلاقة، لكي يثبت أركان مشروعه، ويضمن له الديمومة والتطوير".
ويلفت إلى أن الدعم له عدة أوجه، فمثلاً توفير قروض مالية غير ربحية لصاحب المشروع،
وإعفاؤه من الضريبة وتسهيل عملية الترخيص، مبيناً أن قطاع غزة شهد خلال السنوات الماضية، ظهور عدد كبير من الأفكار الاقتصادية الصغيرة لمكافحة البطالة والفقر، كـ "التكتوك" والأعمال اليدوية والعمل عن بعد.
ويواجه العاملون على "التكتوك" عدة تحديات، أبرزها ارتفاع سعر الوقود في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، بجانب ارتفاع أسعار شراء التكتوك لأكثر من 2300 دولار بعد تدمير الجيش المصري لأنفاق التهريب الحدودية، التي كانت تعتبر المصدر الوحيد لتوريد "التكتوك" إلى القطاع.