غزيون مساكنهم "صناديق"

18 أكتوبر 2014
100كرفان لعدم وجود مواد خام (إيمان عبد الكريم)
+ الخط -
صناديق كبيرة متراصة تتراءى من بعيد كمكعبات بيضاء. كانت بالأساس مخصصة لتخزين المحاصيل، ثم تحولت لتصبح "منزلا" لأناس لا يجدون مأوى.
انتهت حرب الـ51 يوما التي شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، لينتهي معها حلم أحمد النجار ويصبح منزله المكوّن من ثلاث طبقات، كومة من الركام. بعد بضعة أسابيع من العيش داخل خيمة بجوار ركام بيته، انتقل لمنزله المتنقل الجديد، لكن الكارافان لا يتسع للعائلة المكونة من 15 فرداً، فاكتفى بإسكان زوجته وبناته الأربع في المنزل، لينام الباقون في الخيمة.
ينتمي أحمد (52عاماً) إلى حي النجاجرة، وهو حي زراعي في قرية خزاعة بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة. وتغير اسم الحي الذي يؤوي أكثر من 15 ألف نسمة، إلى "حي الكرفانات"، نسبة إلى 75 كرفانا تم تسليمها لعائلات فقدت منازلها.
يقول أحمد لـ "العربي الجديد": أعيش في صندوق حديدي من غرفتين وحمام نصف متر، بعدما كنت في منزل من ثلاثة طوابق"، مشيراً إلى أن ضيق حاله وضيق الكرفان جعلاه يفضل بقاء زوجته وبناته داخل البيت الصغير لسترهن، والإبقاء على الخيمة التي نصبت في الشارع له ولأولاده الذكور، وإن كانوا يتناولون طعامهم جميعا داخل الكرفان.
تجلس نداء النجار (33 عاماً) بجوار أطفالها الثلاثة، وهمساً تقول: "كان بيتي قصرا، ولا أرغب في تعويضي بقصر، ولكن بمنزل يليق بعائلتي".
بخجلٍ استقبلت ابتسام عائلتها في العيد في صندوقها الحديدي. تضيف لـ "العربي الجديد": لا مكان لوضع الغسالة ولا لغسيل الملابس كما أنه لا مكان لتجفيفها، والمطبخ لا يتسع لغيري كما لا يصلح الحمام للاستحمام، ولا شيء أكثر سوءاً من مجيء الشتاء علينا داخل كرفان حديدي.
يقول عماد الحداد مدير "الهيئة الخيرية الإماراتية" في قطاع غزة، صاحبة المبادرة، لـ "العربي الجديد": "تم توزيع الكرفانات الحالية كدفعة أولى على بعض الأسر في مدينة خان يونس. النقص الشديد في الوحدات السكنية للإيجار وعدم توفر منازل كافية للنازحين دفعهم لإيجاد حل بديل تمثل في الكرفانات الحديدية".
يضيف: "لم نستطع تصنيع أكثر من 100 كرفان نظراً لعدم وجود المواد الخام اللازمة، وسيستمر سكن النازحين فيها لمدة لا تقل عن العام، وهي ليست بالمدة الهيّنة مع اقتراب الشتاء واستمرار وجود أكوام من الركام والحجارة".
وسبق أن ذاقت مئات من عائلات قطاع غزة مرّ العيش داخل الكرفانات الحديدية على مدى عامين بعد حرب عام 2008-2009 نظراً لبطء عملية إعادة الإعمار، وهو ما يتخوف منه النازحون الحاليون بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع.
من جانبه، أوضح وزير الأشغال العامة والإسكان مفيد الحساينة، أن "الكرفانات منازل متنقلة مؤقتة وخطوة اضطرارية قامت بها الحكومة الفلسطينية في ظل عدم كفاية الوحدات السكنية للعائلات التي دمرت منازلها خلال العدوان الأخير على غزة"، مشيراً إلى أن "الكرفانات لن تصبح سكنا بديلا عن الإعمار في القطاع".
وتابع الحساينة: "الوزارة أعدت خطة شاملة لإعادة إعمار غزة، والحكومة الفلسطينية متفائلة إزاء مؤتمر إعادة الإعمار في مصر. نأمل أن تسعى الدول العربية لإعادة إعمار القطاع الفلسطيني المدمر سريعا".
وما زال أكثر من 57 ألف فلسطيني نازح يقيمون في مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) بعد تدمير منازلهم، وينتظر هؤلاء حلاً بديلاً عن المدارس، لن يكون غير تكديسهم في عدد أقل من المدارس، أو تسكينهم في كرفانات حديدية كنازحي حي خزاعة.
وتحظر إسرائيل توريد مواد بناء إلى قطاع غزة المكتظ بأكثر من مليون و800 ألف نسمة منذ فرضها حصارا مشددا على القطاع منتصف عام 2007، إثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليه.
دلالات