غرقى داخل الشبكة

02 يونيو 2015
تزييف الحقائق بات في متناول الجميع (Getty)
+ الخط -
ضجّت المواقع الإخبارية العالمية، وقد بات لازمة لديها التسابق على الأخبار، بمقطع فيديو صوّر بكاميرا مراقبة، يظهر نادلة تضرب زبون مطعم حاول التحرش بها بوضع النقود في صدرها، وملامسة مؤخرتها.

لكنّ الفيديو الذي شاهده ملايين طوال أيام، تبيّن أنّه مجرد تمثيل في تمثيل. فلا صُوّر بكاميرا مراقبة، ولا سُرّب من المطعم. كلّ ما هنالك أنّ إدارة المطعم الروسي اتفقت مع وكالة إعلانية وظفت مخرجاً وممثلين أتقنوا أداء أدوارهم. وبالفعل حققت الإدارة ما تصبو إليه من خلال إعلان رخيص انتشر أبعد ما يكون.

تمكنت قناة "فرانس 24" من كشف حقيقة الفيديو، وأكدت تواصلها مع الوكالة الإعلانية وإدارة المطعم بهذا الخصوص. لكنّ الحادثة تتكرر كلّ مرة بمقطع جديد وبخبر جديد وبـ "سبق صحافي" هدفه زيادة المشاهَدات في المواقع الإخبارية وقنوات اليوتيوب.

وفي عالم لا ضوابط فيه، يغرق القارئ والمشاهد في بحر واسع جداً من الأكاذيب. بحر أوسع بكثير من البحر الأبيض المتوسط وهو يُغرق جثث المهاجرين، وتطفو على سطحه أخبار عن إنقاذ مائة من هنا وألف من هناك.

يغرق مستخدمو الإنترنت داخل الشبكة بشتى أنواع الأخبار الخادعة والمزيفة والمحرّفة. وما قيل يوماً عن ميزة للإنترنت في أنّ المستخدم هو من يذهب إلى الخبر بنفسه، باحثاً متقصّياً، بدل أن يأتي إليه كما في التلفزيون والراديو والجريدة الورقية، لم يعد يجدي كثيراً اليوم. فقبل كلّ شيء قليلون من يقرأون ما يخالف مزاجهم بالإضافة إلى ما يلائمه. وقليلون من يبحثون عن المصدر الأصلي للخبر ومدى مصداقيته. كما أنّ وسائل التواصل الاجتماعي توفر اليوم الكثير من الوقت للمستخدم، وترتدّ عن ميزة البحث عن الأخبار، فهي تزور "حائط" المستخدم على مدار الساعة، وتفرّخ متعلقات شبيهة بها تلائم مزاجه كمتابع لها.

لا يقتصر الأمر على أخبار عامة، بل تدخل في كثير من الأحيان بخصوصيات الناس، وحياتهم اليومية البسيطة. وليس المشاهير وحدهم المستهدفين بذلك، بل مختلف أنواع المستخدمين وبأساليب غارقة في الرخص تفتح المجال أمام كلّ مستخدم في أن يكون صاحب صحيفته الصفراء الخاصة. ومن ذلك استخدام صور فتاة باسم فتاة أخرى، أو اقتطاع جزء معين من حديث كامل، أو سرقة فيديو شخصي ونشره في سياق مختلف.

يعتبر البعض أنّ مثل هذه السلوكيات تقف خلفها أجهزة استخبارات، كما حصل مع فضح صور "شخصية جداً" لمشاهير أميركيين خزنوها على أحد المواقع الشهيرة. لكنّ ذلك ليس مهماً بقدر أهمية أن يتولى المستخدم حماية نفسه بنفسه من جهة، وتدقيق ما يقرأ ويشاهد قبل تصديقه على الأقل.

إقرأ أيضاً: الحملة الإعلامية الأنجح
المساهمون