الوضع على الأرض في ريف حلب
وسمحت التطورات الأخيرة، في حوض الفرات الشرقي في سورية، لروسيا بتقديم نفسها كشريك رئيسي في معركة الرقة، وذلك بعد أن تمكن النظام السوري بدعم من الطيران والمدفعية والقوات الخاصة الروسية إضافة إلى قوات النخبة من حزب الله اللبناني، من السيطرة على مناطق واسعة في ريف حلب الجنوبي، تقريباً من دون اشتباكات حقيقية مع "داعش". وبعد تماسها مع مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية في مدينة منبج تمكنت قوات النظام السوري من التمدد باتجاه نهر الفرات، حتى إنه لم يبق بينها وبين قاعدة الجراح الجوية (مطار كشكش) الواقعة على الضفة الغربية للفرات في منطقة الخفسة سوى كيلومترين اثنين على أقصى حد، أي أن النظام صار قريباً جداً من استعادة مطاره على ضفة الفرات الغربية.
وعلى الرغم من إعلان قوات سورية الديمقراطية تسليم عدد من القرى الحدودية إلى حرس الحدود التابع لنظام الأسد والروس، تستمر أنقرة في إرسال التعزيزات العسكرية إلى منطقة جرابلس وريف منبج الغربي، بينما تستمر قوات "درع الفرات" بالهجوم على قوات سورية الديمقراطية على الجبهات، وتمكنت من استعادة السيطرة على عدد من القرى وأسر العديد من قوات الاتحاد الديمقراطي والنظام السوري غرب منبج وجنوب الباب، لا سيما أن المعلومات الواردة تؤكد بأن من تسلم القرى ورفع علم النظام السوري هم من قوات سورية الديمقراطية. وبحسب الفيديو الذي تم نشره باسم قوات حرس الحدود، فإن من تلا بيان حرس الحدود السورية، هو أحمد عرش، قائد قوات ثوار منبج التابعة لمجلس منبج العسكري، التابع لقوات سورية الديمقراطية، مع العلم بأن حزب الاتحاد الديمقراطي اعتمد منذ تسلمه مناطق واسعة في ريف محافظة الحسكة في عام 2012، على شبكات المخبرين التابعة لنظام الأسد. كما أن الرئيس المشارك لمجلس منبج المدني، فاروق الماشي، هو ابن ذياب الماشي، أكثر النواب بقاءً في مجلس الشعب السوري، والمعروف بولائه للنظام. وتحتفظ معظم القوى العربية الفاعلة في قوات سورية الديمقراطية، والتي دربها الأميركيون بعلاقات وطيدة مع النظام.
سيناريوهات مقبلة
تؤكد جميع الإشارات التي ترسلها الإدارة الأميركية الجديدة مع استمرار عمليات "غضب الفرات" لعزل الرقة، بأنها لن تتخلى عن قوات سورية الديمقراطية كحليف رئيسي في معركة الرقة، إلا أن اجتماع قيادات الأركان يبدو كأنه يحاول التوصل إلى حل وسط، حل يرضي كلّاً من موسكو وأنقرة للمشاركة في معركة الرقة، وذلك بإبعاد قوات الاتحاد الديمقراطي عن الرقة وإبقاء القسم العربي منها، الأمر الذي لا تعترض عليه الإدارة التركية، وكذلك منح النظام حصة لإرضاء الروس، لا سيما أن الطرفين يمتلكان قوات خاصة فاعلة على الأرض، وقادران على تقديم دعم عال في ما يخص المدفعية الثقيلة، ما سيجنب واشنطن المزيد من الاحتكاك مع أنقرة في حال قررت تعزيز قوات سورية الديمقراطية بالمدرعات والمدفعية.
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية قد أكد أيضاً أن تعداد القوات الخاصة الأميركية في سورية هو 503 عناصر، مشيراً إلى أن المدرعات التي تم إرسالها إلى منبج أقل من 12 مدرعة، لكنه لفت إلى إمكانية زيادة تعداد القوات الخاصة بتوجيهات من القيادة العسكرية.