مع وصول الأطفال والمراهقين السوريين إلى ألمانيا، يتعرض كثيرون منهم لمشاكل تختلف عن تلك التي يواجهها أولئك الأكبر سناً. ومن بين هذه المشاكل اللغة الألمانية، إذ يجدون أنفسهم مجبرين على إتقانها ليتمكنوا من الالتحاق بالمدارس. وهناك أيضاً صعوبة في المناهج نفسها، واضطرار التلاميذ إلى إعادة ثلاث سنوات دراسية (بحسب القانون الذي صدر أخيراً).
يضاف إلى ما سبق المشاكل النفسية التي يتعرض لها التلميذ السوري في ألمانيا بسبب الهجرة والبعد عن بلده الأم وصعوبة التأقلم مع المجتمع الجديد. وهذه عوامل قد تعيق قدرته على التعلم. في هذا السياق، تقول إحدى المدرسات لـ "العربي الجديد": "اطلعت على ملف أحد الطلاب الذي جلبه معه من سورية، والذي أظهر أنه كان متفوقاً. لكنه اليوم يكافح كثيراً لتعلم اللغة، ويجد صعوبة في ذلك". تضيف: "كثيراً ما يخبرني بأنه لم يكن كسولاً في سورية وأنا أصدقه".
أما سارة، التي اضطرت إلى الالتحاق بصف مختلف، فتقول: "أشعر بالحرج كلما دخلت الصف. أجد نفسي مع أطفال". هذا الشعور بالخجل بسبب فارق العمر بين السوريّين وزملائهم يجعل البعض انطوائيين أو عدوانيين، ويفقد بعضهم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة. في المقابل، يقول زياد: "أجد نفسي محظوظاً إذ تمكنت من الالتحاق بالصف السابع قبل صدور هذا القرار". يضيف: "درست كثيراً وبذلت جهداً مضاعفاً حتى صرت قادراً على فهم الدروس".
وتجدر الإشارة إلى أن بعض المدرسات ينتقدن عدم جدية الصبية في التعلم، إذ يقضون معظم الوقت في لعب كرة القدم، بدلاً من التركيز على تعلم اللغة ومتابعة المناهج. أيضاً، يلفتن إلى وجود "عدوانية لدى البعض وتصرفات أخرى تؤثر على العملية التعليمية، وقد يختار هؤلاء العودة إلى المنزل قبل نهاية الدوام الدراسي".
من جهة أخرى، قدم كثير من السوريّين من لبنان والأردن و تركيا إلى ألمانيا، وقد انقطعوا تماماً عن المدرسة، ما جعل الأطفال أقل قدرة على الالتزام. في السياق، تقول المدرسة كلوديا بوخ إن مشكلة التلميذ السوري تتمثل في عدم قدرته على التركيز لوقت طويل، بالإضافة إلى عدم إتمام الواجبات المنزلية، ما يعد مشكلة.
ويبدو أن بوخ ليست الوحيدة التي تتطرق إلى مسألة عدم الاهتمام بإتمام الواجبات المنزلية، إلا أن البعض يحمّلون الأهل جزءاً من المسؤولية، بسبب عدم إصرارهم على تعلم اللغة الألمانية ومساعدة أولادهم. في المقابل، تقول مدرسات أخريات إن الأهالي الذين أبدوا اهتماماً بتعلم اللغة الألمانية باتوا قادرين على مساعدة أولادهم.
إلى ذلك، عادة ما تتجنب المدرسات التعميم لدى الحديث عن التلاميذ السوريين، علماً أن كل تلميذ يعد حالة خاصة. على سبيل المثال، نجح كثيرون في تعلم اللغة بسرعة كبيرة، بعكس آخرين يعانون من قلة التركيز، وذلك قد يعود إلى ظروف الحرب التي عانوا منها، علماً أن المأساة ما زالت مستمرة.
في المقابل، يختار البعض التوجه نحو التدريب المهني، ما يعني استبدال المدرسة والجامعة بتعلم مهنة، كالحلاقة أو التمريض وغيرها. في هذا السياق، تقول هنادي: "فكرت في الخيارين وقد صرت في الـ 18 من عمري. وبحسب القانون الجديد، سأضطر للعودة إلى الصف التاسع، ما يعني أنني لن أحصل على شهادة الباكالوريا قبل ثلاث سنوات. لذلك، اخترت التدريب المهني، على أن أصبح ممرضة بعد ثلاث سنوات. وقد عرفت أن هناك فرص عمل كثيرة في هذا المجال".
من جهته، يقول أندريه كايت هايت، وهو موظف في منظمة "الأفو" المسؤولة عن اللاجئين: "نعرض أمام المراهقين مجالات عدة في التدريب المهني، منها الأعمال المكتبية والكمبيوتر والتمريض والرعاية الطبية وغيرها". يضيف أننا "نولي أهمية كبيرة للتدريب المهني"، لافتاً إلى أنه "يساعد في عملية الاندماج في المجتمع الألماني، وسيوفر فرص عمل مناسبة لهؤلاء في وقت لاحق. لذلك، نحاول تقديم تدريب مهني يناسب حاجة البلاد، ويتوافق مع طموح وقدرات الطلاب".
ويتابع أندريه أن الطالب السوري يحتاج أيضاً إلى إرشاد لدى اختياره المجال، لافتاً إلى أن هذا الأمر يحدد مصيره في المستقبل. ويشير إلى أننا "نعرف الضغوط التي يمارسها الأهل على الطلاب، الذين يضطرون أحياناً إلى اختيار ما قد يرغبه الأهل، بعكس الطالب الألماني الذي يتمتع بحرية أكبر. لذلك، نعقد جلسات نقاش مع الأهل والطلاب قبل الاختيار".
اقرأ أيضاً: الألمان "يتسلحون" ضدّ المهاجرين