من بين غجر أوروبا الذين تقدر أرقام رسمية للاتحاد الأوروبي عددهم بما يتراوح بين 10 و12 مليوناً، تضم إيطاليا ما بين 120 ألفاً و180 ألفاً فقط، ومعظم هؤلاء الذين يفضلون أن يُسمّوا "شعب الروما"، يحملون جنسيات بلادهم الأوروبية التي يعيشون فيها. أما التسمية، وفقاً لمنظمات معنية بـ"الروما" فهي تعني بلغتهم "شعب الإنسان"، فالروما تعني الإنسان.
وهؤلاء في إيطاليا، وغيرها من الدول كفرنسا ودول أوروبية أخرى، اشتكوا عبر الأجيال، مما يطلقون عليه "تمييزاً اجتماعياً ومؤسسياً"، ووفق الأرقام في إيطاليا، فإن 55 في المائة من الروما تحت سن الثامنة عشرة، ويعيش نحو 26 ألفاً منهم في أحياء فقيرة، وأحياناً بلا خدمات أو بنى تحتية مما تؤمّنه الدولة عادة لمواطنيها.
كذلك، فإنّ نحو 82 في المائة من الإيطالييين لديهم نظرة غير جيدة تجاه الغجر، وفقاً لتقرير صدر عام 2018.
وتهتم مؤسسة "لوجليو 12" التي تأسست كرابطة غير ربحية في 2010، بحماية هذه الجماعة من العزل والفقر المدقع والتمييز وتعزيز رفاه الأطفال في مجتمعات الغجر الذين يقطنون في مساكن طارئة ومؤقتة، بالإضافة إلى الاهتمام بأقليات أخرى مهمشة في البلاد.
تختلف الروايات حول تاريخ مجيء شعب الروما إلى إيطاليا، كبقية الجدل حولهم في أنحاء أوروبا، أو حتى حول من وصلوا منهم إلى القارة الأميركية كمهاجرين منذ أكثر من قرن ونصف القرن. لكنّ أكثر الروايات انتشاراً تؤكد أنّ أوائل الرحالة الغجر، هم السينيتون، الذين ينسبهم البعض إلى إقليم السند في باكستان الحالية.
كما يطلق عليهم آخرون "جيبسي" كتحوير لاسم مصر القديم، ظناً أنّ هؤلاء مصريون حضروا إلى إيطاليا في عام 1392، كنتاج لحرب البلقان وانتصار العثمانيين فيها. وحسب وثائق إيطالية مؤرخة في 1390، فقد حضرت في فترة أبكر إلى جنوب إيطاليا المجموعة الأولى من غجر أبروزي.
ومن بين الغجر الأوائل من كان مسيحياً ومن كان مسلماً، وحسب البلدان التي استوطنوها تبنوا سريعاً ديانة الأغلبية. لكنّ الدراسات المتخصصة بمجموعات غجر أوروبا تفيد بأنّ هؤلاء، بالرغم من اندماج بعضهم في إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، وهي بلدان كاثوليكية، ما زالوا يمارسون "طقوسهم الخاصة حتى يومنا، وهي تقوم على فلسفة تخص الإنسان كما حملها معهم الأوائل من مواطنهم الأولى في الهند" على افتراض صحة أنّ أصولهم تعود إلى مناطق السند.
وفي فترات لاحقة في القرن الماضي، التحق عشرات الآلاف من غجر يوغسلافيا ودول البلطيق بغجر إيطاليا، وحمل هؤلاء الجنسية الإيطالية، وهم اليوم محط سجال كبير في البلد على خلفية وصول حكومة اليمين المتشدد إلى الحكم، لتستعيد النظرة السلبية إليهم التي سادت عبر الأجيال، خصوصاً ما عاناه الغجر من ممارسات فاشية ونازية وملاحقات، والاضطرار الدائم للهرب من بلد إلى بلد، حتى وصل بعضهم إلى أقصى شمال القارة، ومنهم من يعيش اليوم في الدول الإسكندنافية وألمانيا، وحتى في أميركا، بمسميات مختلفة.
اقــرأ أيضاً
ولا زال الغجر غير الإيطاليين الذين استفادوا من انضمام بعض دولهم كرومانيا وبلغاريا إلى الاتحاد الأوروبي، يعانون من نظرة سلبية واتهامات بالتعميم في دول شمال القارة التي يسافرون إليها سعياً للثراء، كما فعل غيرهم في بريطانيا، وإن اختلفت صنعتهم في شمال القارة، حيث يقيمون معسكرات من خيام في ضواحي العواصم الإسكندنافية، ويشتغلون في جمع الزجاجات الفارغة.
وتظل النظرة إليهم سلبية بسبب اشتغال بعضهم بالتسول، وعدم وجود حمامات أو مرافق في المعسكرات التي يبيتون فيها، واتهامات تطاولهم بأنهم يقومون بالسرقة عبر مجموعات منظمة.
بالعودة إلى غجر إيطاليا، فإنّ اليمين المتشدد، يتوعد منذ سنوات، بتجريف أماكن سكنهم في مختلف المدن، خصوصاً العاصمة روما، وتوعد وزير الداخلية ماتيو سالفيني عام 2015 مجموعات الغجر بإزالة مخيماتهم.
ورغم التحذيرات الحقوقية للحكومة الإيطالية من مشاريعها التي ستحول الآلاف إلى مشردين، وآخرين إلى مقيمين بصفة غير مشروعة، أصدر سالفيني، في السادس عشر من الشهر الجاري، تعميماً ملزماً للسلطات المحلية للمناطق التي يقطن فيها الغجر بإعداد تقارير خلال أسبوعين لحصر مناطق تواجدهم.
ويبدو هذا التعميم، الذي أثار موجة انتقادات كبيرة في روما ودول أوروبية، طريقة التفافية أخرى لإجراء "إحصاء سكاني" يخص الغجر دون غيرهم. ويربط مراقبون بين مساعي سالفيني ومخططات اقتصادية استثمارية لهدم مناطق سكن هؤلاء وتشييد أبنية جديدة مكانها.
وبرر سالفيني تعميمه الأخير بـ"الحاجة إلى تركيز الاهتمام على الظروف غير المشروعة، وسوء استخدام تلك التجمعات السكنية، لا سيما في ممارسة العنف، وأوضاع الأطفال فيها، ما يشكل خطراً ملموساً على النظام العام والأمن".
وزادت حملة اليمين المتشدد من منسوب الكراهية والعنصرية بحق الغجر الإيطاليين، خصوصاً من خلال ترديد اتهامات تعميمية وتضخيمية عبر وسائل الإعلام الأقرب إلى معسكر اليمين المتشدد، وفقاً لمنظمات حقوقية غير حكومية تعنى بشؤون الأقليات.
وصرح سالفيني في يونيو/ حزيران 2018، برغبته في "تحديد الغجر الإيطاليين من غيرهم، إذ سنكون للأسف مضطرين لقبول بقاء من يحمل جنسية وترحيل الآخرين"، واتهم في إبريل/ نيسان الماضي، الغجر في العاصمة روما بما سماه "احتلال المدينة".
هذا الموقف الرافض لبقاء الغجر الإيطاليين، بالرغم من أنّهم يقيمون منذ مئات السنين، ولا يشكلون من مجموع السكان سوى 0.23 في المائة، يرى فيه حقوقيون "موقفاً عنصرياً يطاول إيطاليين مثلما يطاول المهاجرين في سياسات ومواقف اليمين المتشدد".
ويتبنى الاتحاد الأوروبي تمويل مشاريع تحسين أوضاع الغجر في عدد من الدول التي ينتشرون فيها تحت عنوان "استراتيجية دمج شعب الروما". ويهدف المشروع إلى تحسين أوضاعهم، ومحاربة الفقر والتمييز في حقهم، خصوصاً لجهة تمكينهم من الوصول إلى المؤسسات التعليمية، إذ تمارس بعض المدارس تمييزاً بحقهم أيضاً.
وبالرغم من عيشهم في مخيمات، فإنّ الاستراتيجية الوطنية الإيطالية تقول منذ 2012، إنّها تسعى إلى "إنهاء الفقر، وتركز على وقف التهميش الاجتماعي بحق مجتمع شعب الروما". لكن استراتيجية سالفيني تهدف إلى إزالة سكن هؤلاء، وإلغاء ثقافتهم، بحسب منظمات تعنى بشؤون الأقليات والغجر.
وهؤلاء في إيطاليا، وغيرها من الدول كفرنسا ودول أوروبية أخرى، اشتكوا عبر الأجيال، مما يطلقون عليه "تمييزاً اجتماعياً ومؤسسياً"، ووفق الأرقام في إيطاليا، فإن 55 في المائة من الروما تحت سن الثامنة عشرة، ويعيش نحو 26 ألفاً منهم في أحياء فقيرة، وأحياناً بلا خدمات أو بنى تحتية مما تؤمّنه الدولة عادة لمواطنيها.
كذلك، فإنّ نحو 82 في المائة من الإيطالييين لديهم نظرة غير جيدة تجاه الغجر، وفقاً لتقرير صدر عام 2018.
وتهتم مؤسسة "لوجليو 12" التي تأسست كرابطة غير ربحية في 2010، بحماية هذه الجماعة من العزل والفقر المدقع والتمييز وتعزيز رفاه الأطفال في مجتمعات الغجر الذين يقطنون في مساكن طارئة ومؤقتة، بالإضافة إلى الاهتمام بأقليات أخرى مهمشة في البلاد.
تختلف الروايات حول تاريخ مجيء شعب الروما إلى إيطاليا، كبقية الجدل حولهم في أنحاء أوروبا، أو حتى حول من وصلوا منهم إلى القارة الأميركية كمهاجرين منذ أكثر من قرن ونصف القرن. لكنّ أكثر الروايات انتشاراً تؤكد أنّ أوائل الرحالة الغجر، هم السينيتون، الذين ينسبهم البعض إلى إقليم السند في باكستان الحالية.
كما يطلق عليهم آخرون "جيبسي" كتحوير لاسم مصر القديم، ظناً أنّ هؤلاء مصريون حضروا إلى إيطاليا في عام 1392، كنتاج لحرب البلقان وانتصار العثمانيين فيها. وحسب وثائق إيطالية مؤرخة في 1390، فقد حضرت في فترة أبكر إلى جنوب إيطاليا المجموعة الأولى من غجر أبروزي.
ومن بين الغجر الأوائل من كان مسيحياً ومن كان مسلماً، وحسب البلدان التي استوطنوها تبنوا سريعاً ديانة الأغلبية. لكنّ الدراسات المتخصصة بمجموعات غجر أوروبا تفيد بأنّ هؤلاء، بالرغم من اندماج بعضهم في إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، وهي بلدان كاثوليكية، ما زالوا يمارسون "طقوسهم الخاصة حتى يومنا، وهي تقوم على فلسفة تخص الإنسان كما حملها معهم الأوائل من مواطنهم الأولى في الهند" على افتراض صحة أنّ أصولهم تعود إلى مناطق السند.
وفي فترات لاحقة في القرن الماضي، التحق عشرات الآلاف من غجر يوغسلافيا ودول البلطيق بغجر إيطاليا، وحمل هؤلاء الجنسية الإيطالية، وهم اليوم محط سجال كبير في البلد على خلفية وصول حكومة اليمين المتشدد إلى الحكم، لتستعيد النظرة السلبية إليهم التي سادت عبر الأجيال، خصوصاً ما عاناه الغجر من ممارسات فاشية ونازية وملاحقات، والاضطرار الدائم للهرب من بلد إلى بلد، حتى وصل بعضهم إلى أقصى شمال القارة، ومنهم من يعيش اليوم في الدول الإسكندنافية وألمانيا، وحتى في أميركا، بمسميات مختلفة.
وتظل النظرة إليهم سلبية بسبب اشتغال بعضهم بالتسول، وعدم وجود حمامات أو مرافق في المعسكرات التي يبيتون فيها، واتهامات تطاولهم بأنهم يقومون بالسرقة عبر مجموعات منظمة.
بالعودة إلى غجر إيطاليا، فإنّ اليمين المتشدد، يتوعد منذ سنوات، بتجريف أماكن سكنهم في مختلف المدن، خصوصاً العاصمة روما، وتوعد وزير الداخلية ماتيو سالفيني عام 2015 مجموعات الغجر بإزالة مخيماتهم.
ورغم التحذيرات الحقوقية للحكومة الإيطالية من مشاريعها التي ستحول الآلاف إلى مشردين، وآخرين إلى مقيمين بصفة غير مشروعة، أصدر سالفيني، في السادس عشر من الشهر الجاري، تعميماً ملزماً للسلطات المحلية للمناطق التي يقطن فيها الغجر بإعداد تقارير خلال أسبوعين لحصر مناطق تواجدهم.
ويبدو هذا التعميم، الذي أثار موجة انتقادات كبيرة في روما ودول أوروبية، طريقة التفافية أخرى لإجراء "إحصاء سكاني" يخص الغجر دون غيرهم. ويربط مراقبون بين مساعي سالفيني ومخططات اقتصادية استثمارية لهدم مناطق سكن هؤلاء وتشييد أبنية جديدة مكانها.
وبرر سالفيني تعميمه الأخير بـ"الحاجة إلى تركيز الاهتمام على الظروف غير المشروعة، وسوء استخدام تلك التجمعات السكنية، لا سيما في ممارسة العنف، وأوضاع الأطفال فيها، ما يشكل خطراً ملموساً على النظام العام والأمن".
وزادت حملة اليمين المتشدد من منسوب الكراهية والعنصرية بحق الغجر الإيطاليين، خصوصاً من خلال ترديد اتهامات تعميمية وتضخيمية عبر وسائل الإعلام الأقرب إلى معسكر اليمين المتشدد، وفقاً لمنظمات حقوقية غير حكومية تعنى بشؤون الأقليات.
وصرح سالفيني في يونيو/ حزيران 2018، برغبته في "تحديد الغجر الإيطاليين من غيرهم، إذ سنكون للأسف مضطرين لقبول بقاء من يحمل جنسية وترحيل الآخرين"، واتهم في إبريل/ نيسان الماضي، الغجر في العاصمة روما بما سماه "احتلال المدينة".
هذا الموقف الرافض لبقاء الغجر الإيطاليين، بالرغم من أنّهم يقيمون منذ مئات السنين، ولا يشكلون من مجموع السكان سوى 0.23 في المائة، يرى فيه حقوقيون "موقفاً عنصرياً يطاول إيطاليين مثلما يطاول المهاجرين في سياسات ومواقف اليمين المتشدد".
ويتبنى الاتحاد الأوروبي تمويل مشاريع تحسين أوضاع الغجر في عدد من الدول التي ينتشرون فيها تحت عنوان "استراتيجية دمج شعب الروما". ويهدف المشروع إلى تحسين أوضاعهم، ومحاربة الفقر والتمييز في حقهم، خصوصاً لجهة تمكينهم من الوصول إلى المؤسسات التعليمية، إذ تمارس بعض المدارس تمييزاً بحقهم أيضاً.
وبالرغم من عيشهم في مخيمات، فإنّ الاستراتيجية الوطنية الإيطالية تقول منذ 2012، إنّها تسعى إلى "إنهاء الفقر، وتركز على وقف التهميش الاجتماعي بحق مجتمع شعب الروما". لكن استراتيجية سالفيني تهدف إلى إزالة سكن هؤلاء، وإلغاء ثقافتهم، بحسب منظمات تعنى بشؤون الأقليات والغجر.