من المتوقع أن تتجه الأمور بين تركيا والنظام السوري نحو المزيد من التوتر، عقب تأكيد الجيش التركي مقتل ثلاثة جنود وإصابة عشرة آخرين، فجر اليوم الخميس، بسبب غارة جوية يُعتقد أن مقاتلات حربية تابعة للنظام السوري نفذتها في محيط مدينة الباب، بحسب بيان الجيش التركي، على الرغم من تبنّي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الهجوم.
وبحسب مراقبين، فإن "استهداف الجنود الأتراك قد يفتح باب صدام مسلّح بين تركيا ونظام الأسد إذا لم يتم احتواء الأمر".
وفي السياق، رأى المحلل السياسي التركي، أوكتاي يلمز، أن استهداف القوات التركية "تطور خطير، ربما يدفع إلى مواجهة شاملة"، مشيراً إلى أن الردّ التركي "سيكون قاسياً"، في حال التأكد من تورط نظام الأسد في تنفيذ العملية.
ورجّح يلمز، في حديث مع "العربي الجديد" أن تعمل قوى إقليمية ودولية، وأساساً روسيا، على احتواء الموقف، لافتاً إلى أن عملية "درع الفرات" لا تستهدف النظام السوري، وأن جهدها العسكري منصبّ على محاربة ما وصفها بـ"التنظيمات الإرهابية" في شمال سورية.
وتعد غارة فجر الخميس أول استهداف من قبل طيران النظام السوري للقوات التركية داخل الأراضي السورية، ما يفتح الباب أمام حدوث صدام مباشر، خصوصاً أن أنقرة لا تخفي نيتها التوغل أكثر في الأراضي السورية، وصولاً إلى مدينة منبج، التي تسيطر عليها مليشيا وحدات "حماية الشعب" الكردية المتّهمة بالتحالف المباشر مع قوات نظام الأسد.
وجاء استهداف الجنود الأتراك عقب زيارة قام بها رئيس هيئة الأركان التركية، الجنرال خلوصي أكار، أمس الأربعاء، إلى ضريح سليمان شاه، جد مؤسس الدولة العثمانية، بقرية أشمة داخل الأراضي السورية، في إطار زيارته لولاية كليس جنوبي تركيا.
ورافق أكار في الزيارة قائد القوات البرية، الفريق زكي جولاق، إذ تفقدا وحدات من الحرس الحدودي، والوحدات التركية العاملة ضمن عملية "درع الفرات".
وأكد بيان صادر عن رئاسة الأركان في الجيش التركي أن أكار اطّلع من المسؤولين العسكريين على آخر التطورات في إطار عملية "درع الفرات"، التي أطلقتها أنقرة في الرابع والعشرين من شهر أغسطس/آب الماضي، دعماً لقوات تابعة للمعارضة استطاعت منذ ذلك الحين طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من مدن وبلدات كان يسيطر عليها في شمال سورية، أبرزها جرابلس.
وتستعد قوات المعارضة السورية المدعومة من أنقرة لاقتحام مدينة الباب الاستراتيجية.
يُذكر أن استهداف الجنود الأتراك قرب مدينة الباب يتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لإسقاط مقاتلات تركية للطائرة الروسية "سوخوي 24" في ريف اللاذقية الشمالي، ما دفع العلاقات التركية الروسية إلى حافة الانهيار الذي كاد يفضي إلى مواجهة عسكرية، قبل اتفاق البلدين على التطبيع الكامل نهاية يونيو/حزيران الماضي.