في الرابعة من عمرها، كانت غادة طفلة مثل غيرها من الأطفال تتلعثم في الكلام قليلاً. وفي أحد الأيام، ارتفعت درجات حرارتها جداً واستمرّت كذلك لأيام عدّة. ظنّ والداها اللذان يعملان حارسَي عقار في حيّ القاهرة الجديدة، شرقيّ العاصمة المصرية، أنّه مجرّد ارتفاع في الحرارة مصاحب لنزلة برد أو التهاب في الحلق. لكنّ النتيجة التي ظهرت للوالدَين في وقت لاحق كشفت أنّ ارتفاع حرارة طفلتهما أدّت إلى فقدانها حاسة السمع تدريجياً.
اليوم، غادة في الثالثة عشرة من عمرها وقد باتت صمّاء كلياً، إذ إنّ والديَها لم يتابعا بانتظام علاجها ولا اختبارات قياس السمع وتحديث السماعات الخاصة التي اشتراها للصغيرة أصحاب العقار حيث يعمل والدَاها. ويشير والد غادة إلى أنّ "الأطباء أفادوني أخيراً بأنّه كان من الممكن السيطرة على الوضع لو أنّنا اكتشفنا تأثير ارتفاع الحرارة على حاسة السمع، ولو خضعت غادة إلى زرع قوقعة". تجدر الإشارة إلى أنّه كلّما كان التدخل الجراحي في سنّ صغيرة، أتت النتائج أفضل.
في سياق متصل، يعاني نحو 4.5 ملايين مصري من إعاقات سمعية، ويزداد عددهم سنوياً بسبب نقص التوعية والفقر. كذلك، فإنّ الذين يحتاجون إلى زرع قوقعة يصل عددهم إلى 180 ألف حالة سنوياً، وفقاً لدراسة حديثة. ويؤكد الأستاذ المتخصص في زراعة قوقعة الأذن، الدكتور محمد الشاذلي، أنّ "الأرقام مرتفعة بشكل صادم، لكنّ مصر قطعت شوطاً كبيراً في الانتقال من مستوى متدنٍ من التوعية المتعلقة بضعف السمع وإعادة التأهيل إلى حركة مدنية نَشِطة، إلى جانب مشاركة الصحافيين في نشر الوعي".
اقــرأ أيضاً
تلفت صاحبة العقار الذي يحرسه والدا غادة، التي كانت تتولّى تعليم الصغيرة القراءة والكتابة، إلى أنّ "غادة كانت تنطق الكلمات وتحرّك شفتَيها وهي تركّز مع حركة شفتَي. وكانت تستجيب في أوقات وتنطق الكلمات بطريقة أوضح خلال فترة دراستها في مدرسة تخاطب. وكنت أفهم نطقها الكلمات طوال فترة انتظامها في مدرسة التخاطب، لكنّ حالتها تدهورت ثانية بعدما تركت تلك المدرسة". وقد فعلت ذلك لسببَين، الأول أنّ مدرسة التخاطب التي انتظمت فيها غادة كانت لمرحلة دراسية أولى، والثاني أنّ نقلها إلى مدرسة تخاطب أخرى عملية مكلفة على والدَيها. تضيف صاحبة العقار: "لكن أخيراً، لم أعد أفهم ما تقول كلياً".
إلى ذلك، تصل تكاليف عملية زرع القوقعة إلى 200 ألف جنيه مصري (نحو 11 ألف دولار أميركي)، في حين أنّ هيئة التأمين الصحي المصرية تتحمّل ثلثها تقريباً وما يتبقى على نفقة المريض. وفي فبراير/ شباط الماضي، أعلن رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي المصرية، علي حجازي، أنّ 1446 عملية زرع قوقعة أجريت خلال عام 2017، بتكلفة بلغت 130 مليون جنيه (نحو سبعة ملايين دولار).
أضاف حجازي، خلال المؤتمر الدولي لزرع القوقعة في مصر، أنّ 278 مليون شخص يعانون من ضعف في السمع، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، وأنّ النسبة في مصر أعلى من النسب العالمية بسبب زواج الأقارب وتأخّر التشخيص. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنّ تكلفة عدم معالجة ضعف السمع على الاقتصاد العالمي السنوي تصل إلى 750 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من ضعفَي إجمالي الناتج المحلّي المصري في عام 2015.
وتراوح نسبة المعدّل العالمي للأشخاص ذوي الإعاقات السمعية ما بين 1.7 في الألف و2.7 في الألف. وفي مصر، ثمّة أربع حالات تقريباً من بين كلّ ألف طفل تحتاج إلى زرع قوقعة، ويرتفع هذا الرقم إلى ضعفَيه مع نحو ثماني حالات من بين كل ألف طفل في صعيد مصر بسبب انتشار زواج الأقارب. يُذكر أنّ لغادة أختاً واحدة وثلاثة إخوة، جميعهم في حالة صحية جيدة، ما عدا الرضيع الذي لم ينطق أيّ كلمة بعد، في حين أنّ والدها ووالدتها أقارب من الدرجة الثانية.
ويشير والد غادة إلى أنّها صارت أكثر عصبية وميلاً إلى العزلة والانطوائية بسبب عدم قدرتها على التعامل مع مَن حولها. ومن جهتها، تؤكد صاحبة العقار التي تساعدها غادة في تنسيق الحديقة الملحقة بالمنزل، أنّها تشاهدها من النافذة وهي تجلس وحيدة في الحديقة، وفي أحيان تسمعها تبكي، بينما تسمعها تصرخ، خصوصاً عندما تكون وحدها في غرفة الحراس التابعة للعقار.
اقــرأ أيضاً
وبالفعل، تربط أبحاث كثيرة ما بين ضعف السمع وخطر الإصابة بالاكتئاب، ففقدان السمع يدفع المصاب إلى عزلة اجتماعية ووحدة، وإلى الاعتماد الإضافي على من يتولّى رعايته، وفي نهاية الأمر إلى تدهور نوعية الحياة. وكانت دراسة فرنسية صادرة قبل عامَين قد أكدت أنّ ضعف السمع لدى الكبار يؤدّي إلى العزلة والاكتئاب، وهو الأمر الذي قد يتسبب في التدهور الإدراكي لدى كبار السنّ.
اليوم، غادة في الثالثة عشرة من عمرها وقد باتت صمّاء كلياً، إذ إنّ والديَها لم يتابعا بانتظام علاجها ولا اختبارات قياس السمع وتحديث السماعات الخاصة التي اشتراها للصغيرة أصحاب العقار حيث يعمل والدَاها. ويشير والد غادة إلى أنّ "الأطباء أفادوني أخيراً بأنّه كان من الممكن السيطرة على الوضع لو أنّنا اكتشفنا تأثير ارتفاع الحرارة على حاسة السمع، ولو خضعت غادة إلى زرع قوقعة". تجدر الإشارة إلى أنّه كلّما كان التدخل الجراحي في سنّ صغيرة، أتت النتائج أفضل.
في سياق متصل، يعاني نحو 4.5 ملايين مصري من إعاقات سمعية، ويزداد عددهم سنوياً بسبب نقص التوعية والفقر. كذلك، فإنّ الذين يحتاجون إلى زرع قوقعة يصل عددهم إلى 180 ألف حالة سنوياً، وفقاً لدراسة حديثة. ويؤكد الأستاذ المتخصص في زراعة قوقعة الأذن، الدكتور محمد الشاذلي، أنّ "الأرقام مرتفعة بشكل صادم، لكنّ مصر قطعت شوطاً كبيراً في الانتقال من مستوى متدنٍ من التوعية المتعلقة بضعف السمع وإعادة التأهيل إلى حركة مدنية نَشِطة، إلى جانب مشاركة الصحافيين في نشر الوعي".
تلفت صاحبة العقار الذي يحرسه والدا غادة، التي كانت تتولّى تعليم الصغيرة القراءة والكتابة، إلى أنّ "غادة كانت تنطق الكلمات وتحرّك شفتَيها وهي تركّز مع حركة شفتَي. وكانت تستجيب في أوقات وتنطق الكلمات بطريقة أوضح خلال فترة دراستها في مدرسة تخاطب. وكنت أفهم نطقها الكلمات طوال فترة انتظامها في مدرسة التخاطب، لكنّ حالتها تدهورت ثانية بعدما تركت تلك المدرسة". وقد فعلت ذلك لسببَين، الأول أنّ مدرسة التخاطب التي انتظمت فيها غادة كانت لمرحلة دراسية أولى، والثاني أنّ نقلها إلى مدرسة تخاطب أخرى عملية مكلفة على والدَيها. تضيف صاحبة العقار: "لكن أخيراً، لم أعد أفهم ما تقول كلياً".
إلى ذلك، تصل تكاليف عملية زرع القوقعة إلى 200 ألف جنيه مصري (نحو 11 ألف دولار أميركي)، في حين أنّ هيئة التأمين الصحي المصرية تتحمّل ثلثها تقريباً وما يتبقى على نفقة المريض. وفي فبراير/ شباط الماضي، أعلن رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي المصرية، علي حجازي، أنّ 1446 عملية زرع قوقعة أجريت خلال عام 2017، بتكلفة بلغت 130 مليون جنيه (نحو سبعة ملايين دولار).
أضاف حجازي، خلال المؤتمر الدولي لزرع القوقعة في مصر، أنّ 278 مليون شخص يعانون من ضعف في السمع، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، وأنّ النسبة في مصر أعلى من النسب العالمية بسبب زواج الأقارب وتأخّر التشخيص. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنّ تكلفة عدم معالجة ضعف السمع على الاقتصاد العالمي السنوي تصل إلى 750 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من ضعفَي إجمالي الناتج المحلّي المصري في عام 2015.
وتراوح نسبة المعدّل العالمي للأشخاص ذوي الإعاقات السمعية ما بين 1.7 في الألف و2.7 في الألف. وفي مصر، ثمّة أربع حالات تقريباً من بين كلّ ألف طفل تحتاج إلى زرع قوقعة، ويرتفع هذا الرقم إلى ضعفَيه مع نحو ثماني حالات من بين كل ألف طفل في صعيد مصر بسبب انتشار زواج الأقارب. يُذكر أنّ لغادة أختاً واحدة وثلاثة إخوة، جميعهم في حالة صحية جيدة، ما عدا الرضيع الذي لم ينطق أيّ كلمة بعد، في حين أنّ والدها ووالدتها أقارب من الدرجة الثانية.
ويشير والد غادة إلى أنّها صارت أكثر عصبية وميلاً إلى العزلة والانطوائية بسبب عدم قدرتها على التعامل مع مَن حولها. ومن جهتها، تؤكد صاحبة العقار التي تساعدها غادة في تنسيق الحديقة الملحقة بالمنزل، أنّها تشاهدها من النافذة وهي تجلس وحيدة في الحديقة، وفي أحيان تسمعها تبكي، بينما تسمعها تصرخ، خصوصاً عندما تكون وحدها في غرفة الحراس التابعة للعقار.
وبالفعل، تربط أبحاث كثيرة ما بين ضعف السمع وخطر الإصابة بالاكتئاب، ففقدان السمع يدفع المصاب إلى عزلة اجتماعية ووحدة، وإلى الاعتماد الإضافي على من يتولّى رعايته، وفي نهاية الأمر إلى تدهور نوعية الحياة. وكانت دراسة فرنسية صادرة قبل عامَين قد أكدت أنّ ضعف السمع لدى الكبار يؤدّي إلى العزلة والاكتئاب، وهو الأمر الذي قد يتسبب في التدهور الإدراكي لدى كبار السنّ.